محمود عباس لا يكتفي بتجاهل حقي في قريتي مجدل الصادق في المناطق المحتلة عام 1948 من
فلسطين، بل يقدمها مجانا للاحتلال ويعلن صباح مساء تنازله عنها كما تنازل هو عن بلدته الأصلية صفد.
محمود عباس لا يمثلني، فهو شخص فاقد للشرعية ولا يمثل الشعب الفلسطيني ككل، فضلا عن السلطة الفلسطينية المنبثقة عن اتفاق أوسلو المشؤوم؛ حيث انتهت ولايته على رأس السلطة في 9 كانون الثاني/ يناير 2009، وبحسب القانون الأساسي الفلسطيني تؤول رئاسة السلطة إلى رئيس المجلس التشريعي (عزيز الدويك) لحين إجراء انتخابات جديدة.
فالمجلس التشريعي لا تنتهي ولايته مع انتهاء مدته إلا حين انتخاب مجلس بديل له، بينما رئيس السلطة تنتهي ولايته مع انتهاء المدة.
في النهاية هذا الكلام كله مجرد حبر على ورق، ولا يعني سوى جزء بسيط من الشعب الفلسطيني من المقيمين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، أما ملايين الفلسطينيين - وأنا منهم - في الشتات فلا علاقة لهم بذلك، ولا يزالون يحلمون بانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني على أقل تقدير، ليشعروا بأنهم ممثلون ولديهم جهة ما تمثلهم بعد اختيارهم لها.
ست سنوات فقط من الإقامة في بريطانيا منحتني الجنسية وحق الانتخاب، بينما أنا اقترب من العقد الخامس في عمري ولا زلت أحلم بهوية أو أي وثيقة تثبت ارتباطي بفلسطين؛ مكان ولادة أبي وأمي وجميع أجدادي الذين توارثوا هذا الحق الأصيل في موطني فلسطين جيلا إثر جيل، ولا زالوا يملكون أوراقًا تثبت أملاكهم منذ العهد العثماني.
محمود عباس لا يمثلني وهو يقول أنا تحت "البسطار" (الحذاء) الإسرائيلي، ويتعهد بتسليم المقاومين ويعمل على تعذيبهم حتى الموت في سجونه، كما حصل مع نزار بنات مؤخرا.
محمود عباس لا يمثلني وهو يعتبر الضفة "عزبة" له ولأبنائه واستثماراتهم المختلفة، ويعتبر انتقادهم خطا أحمر فوق كل مقدس لديه، إن كان لديه شيء مقدس.
محمود عباس لا يمثلني وهو يضع الشروط المجحفة على المقاومة قبل الحوار معها، بينما يهرول للقاء غانتس وغيره من قادة
الاحتلال دون شرط أو قيد.
محمود عباس لا يمثلني لأنني أعتبر نفسي امتدادا لـ 66 في المئة من الفلسطينيين في الضفة وغزة يرغبون باستقالته فورا، حسب دراسة المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية عام 2020.
محمود عباس لا يمثلني لأنه يجاهر بإعلان استعداده للعمل مع "كل من يختاره الشعب الإسرائيلي" على حد قوله، ولكن يشهر سيفه ويبدي عنجهيته في كل حديث أو حوار فلسطيني.
ولكن عليّ أن اعترف بأن محمود عباس نهج ويكاد يكون ظاهرة وليس مجرد شخص، يعاني أزمة ما يمكن أن تنتهي برحيله؛ فقد تكون الشخصيات المحيطة به أو المرشحة لخلافته حسب المواصفات الإسرائيلية والأمريكية أكثر سوءا منه! فضلا عن نسبة لا بأس بها من المنتفعين والموالين له في مناطق السلطة الفلسطينية وخارجها، والذين يبررون تصرفاته ويرفعون صوره في مختلف المناسبات.
تكاد تكون الصورة قاتمة جدا ونحن ننظر للدور الذي يقوم به عباس ومن معه في خدمة الاحتلال، ولكن الصور التي رأيناها مؤخرا في أفغانستان أعادت لنا الروح ورفعت المعنويات بإمكانية دحر الاحتلال والمدافعين عنه ومن معهم؛ بمشاهد مشابهة لمصير أشرف غني ومن معه من العملاء والمتعاونين الذين رهنوا أنفسهم ومصير بلادهم للمحتل الأمريكي، وباعوا وطنهم مقابل حفنة من الدولارات.
وإن غدا لناظره قريب.