سياسة عربية

اجتماع يمني في أبوظبي للإطاحة بالرئيس هادي.. تفاصيل

قيادات حزب المؤتمر تعكف على صياغة مبادرة سلام يشرف عليها الإماراتيون هدفها "إزاحة الرئيس هادي"- أ ف ب/أرشيفية
كشف مصدر يمني مسؤول، الاثنين، عن توافد قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام إلى العاصمة الإماراتية، في سياق حراك الأخيرة لإزاحة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ونائبه، علي محسن الأحمر، من السلطة لصالح جسم سياسي جديد.

وقال المصدر المسؤول في تصريح لـ"عربي21"، مشترطا عدم ذكر اسمه، إن قيادات بحزب المؤتمر وصلت أبوظبي، حيث تعكف على إعداد مبادرة سلام، ومن ثم طرحها على الساحة السياسية في البلاد.

وأضاف المصدر أن نحو 15 قياديا بحزب المؤتمر موجودون في أبوظبي، ومن أبرزهم، أحمد الكحلاني، وزير سابق، وقيادي تربطه علاقة عميقة بالحوثيين، وأبو بكر القربي، وزير الخارجية الأسبق، وعضو اللجنة العامة بالحزب، وعبدالرحمن معزب وصالح أبوعوجا، وعلى مسعد اللهبي، والثلاثة أعضاء بمجلس النواب، بالإضافة إلى القيادي قاسم الكسادي، وآخرين.

وأشار المصدر اليمني المسؤول إلى أن المبادرة التي تعكف القيادات الموالية لأحمد علي، نجل الرئيس السابق، المقيم في العاصمة أبوظبي، على صياغة مبادرة سلام يشرف عليها الإماراتيون، هدفها "إزاحة الرئيس، عبدربه منصور هادي ونقل صلاحياته إلى جسم سياسي جديد".

وتتضمن المبادرة، وفقا للمصدر اليمني، مقترحات عدة، منها نقل صلاحيات الرئيس هادي لنائب توافقي يكون معه 4 مساعدين، بحيث يكون -النائب ومساعديه- خارج الصراع الدائر منذ 7 سنوات.

وبحسب المصدر، فإن المبادرة التي يعملون عليها فصلت على مقاس نجل صالح، أحمد، الذي يشغل فيه نائب لرئيس المؤتمر في صنعاء (الجناح المتحالف مع الحوثيين).

ويرى واضعوا المبادرة أن أحمد علي صالح -القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري المنحلة- لم يكن مشاركا في الحرب الدائرة منذ سنوات، رغم أنه أدرج في قائمة العقوبات الدولية منذ العام 2015، باعتباره أحد معرقلي التسوية السياسية في اليمن.  

وما يعوق عودة نجل صالح إلى المعادلة السياسية اليمنية وجود اسمه في قائمة العقوبات، إذ اشترط شطب هو شطب اسمه من تلك القائمة، قبل القيام بأي خطوات ملموسة، وذلك على هامش نقاشات جرت في العاصمتين المصرية والعمانية في الأيام الماضية.

وفي السياق ذاته، أكد المصدر اليمني المسؤول أن هناك خلافا متناميا بين أحمد علي ونجل عمه طارق صالح، قائد ما تسمى "المقاومة الوطنية"، التي تشكلت في العام 2018 بتمويل إماراتي في منطقة الساحل الغربي من محافظة تعز، جنوب غرب اليمن.

وتابع: بدأت الخلافات بينهما في أعقاب إعلان طارق صالح مكتبا سياسيا لقواته في مارس/ آذار الماضي، والذي لاقى معارضة شديدة من ابن عمه، أحمد علي المقيم في أبوظبي، كون هذا المكون يقفز على حزب المؤتمر ويعمق الانقسام فيه.

ويشهد حزب المؤتمر تشظيا وانقساما غير مسبوق، منذ اندلاع ثورة 11 شباط/ فبراير في العام 2011، مرورا بما يعرف بـ"الانقلاب الذي قاده الحوثيون خريف 2014، وصولا إلى أحداث كانون الأول/ ديسمبر 2017، التي انتهت بمقتل زعيم الحزب صالح".

وأكمل المصدر: غير أن التباين بين طارق وأحمد صالح وصل إلى نقطة بعيدة، بسبب مبادرة السلام التي يعكف مؤتمريون على إعدادها.

ولفت إلى أن طارق صالح الذي برز في هذه المرحلة، الجناح العسكري لعائلة صالح، الذي قتله الحوثيون أواخر العام 2017، يرى أن تلك المبادرة تقضي على طموحاته، كونها تقترح أن نائب الرئيس التوافقي ومساعديه الأربعة الذين ستنقل إليهم صلاحيات هادي من خارج حلبة الصراع الدامي منذ سنوات، وهو ما اعتبرها استهدافا له، وليس للرئيس هادي ونائبه، علي محسن الأحمر.

ومنذ أيام، عادت مساعي لملمة حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن إلى الواجهة، الذي تعصف به انقسامات عميقة منذ مقتل زعيمه، علي عبدالله صالح، على أيدي حلفائه الحوثيين أواخر العام 2017م.

ويبدو أن صراع الأجنحة داخل حزب المؤتمر يجعل هذه المهمة معقدة جدا، لاسيما في ظل هيمنة جماعة الحوثي على جناح الداخل، الذي يقف معها في خندق واحد، ويتبنى الموقف ذاته من التحالف العسكري الذي تقوده الرياض، وهو الأمر قد يعوق حدوث أي اختراق في جدار التصدعات الجاثم عليه.

وفي تقرير أعده مراسل "عربي21" في اليمن أمس الأحد، حول تلك التحركات، أورد أن أبرز التحديات التي تواجه مساعي توحيد حزب المؤتمر هو "غياب قيادة جامعة"، في وقت يسيطر هوس الزعامة على قيادات المؤتمر الجارية، ذلك أن كل واحد من تلك القيادات يعتقد أنه الأقدر والأجدر بملء الكرسي الذي كان يجلس عليه علي عبدالله صالح، وفق مراقبين.

كما يضاف إلى ذلك الهوة الواسعة بين قيادات هذا الحزب والقاعدة الشعبية له، ما أنتج حالة من الانفصال بينها، وجعلها فريسة سهلة للاستقطاب السياسي من أطراف عدة، ومنها الحوثيون الذين يجيشون قواعد المؤتمر إلى جبهات القتال ضد القوات الحكومية على امتداد اليمن، كما يقول سياسيون في الحزب.

أقرأ أيضا: تجدد مساعي "لملمة" حزب المؤتمر اليمني.. هل تنجح؟

وكان الأكاديمي اليمني وعضو اللجنة العامة بحزب المؤتمر، عادل الشجاع، قد قال في تصريح لـ"عربي21" الأحد، إن ما يجري في الإمارات هو تكامل مع ما يجري في صنعاء، وإعطاء التبرير لممارسات صنعاء الخاطئة، إضافة إلى السباق بين الإمارات والسعودية على المؤتمر.

"انعدام رؤية"

وتابع الشجاع، وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء: "لو كان هناك توجه حقيقي لتوحيد المؤتمر لسمعنا عن تشكيل لجنة من الشخصيات المؤتمرية الوازنة، لتقوم بمساعيها بين القيادات المختلفة، وتقديم رؤية يستطيع الحزب أن يقدم نفسه بها".

أما ما يتعلق بأحمد علي (نجل الرئيس الراحل)، أكد القيادي بالمؤتمر اليمني أنه يتم استثمار الرجل، كلا حسب مصلحته، وكل مستثمر يوهمه بأنه إلى جانبه، بينما عناصر القوة تفلت من يده كل يوم، وفي اللحظة المناسبة سينفجر الخلاف العظيم.

بينما دافع عضو اللجنة العامة بحزب المؤتمر، ووزير الخارجية الأسبق، أبو بكر القربي، عن حراكهم السياسي في أبوظبي، بالقول: "إن الرفض للحل السلمي للأزمة اليمنية ناتج من خوف الأطراف على المصالح والسلطة".

وأكمل في تغريدة بموقع "تويتر": ولن ينتهي، أي الخوف، إلا بمبادرة متكاملة للسلام تزيل المخاوف وتوفر الضمانات وتكون وسيلة لاختبار صدق النوايا وحرص الأطراف على إنقاذ اليمن.

 

 


ومضى القربي المقرب من نجل صالح قائلا: "ولكي يدرك اليمنيون حقيقة نوايا الأطراف ومن منهم يريد إنهاء معاناته أو استثمارها".

وزاد في تغريدات أخرى قائلا: "إن اتهام المتمسكين بالحل السلمي للصراع بالتبعية والاستسلام دليل على أن الحرب قد شلت العقل وأماتت الضمير".

وأوضح :"فالحرب تبدء بإراقة الدم ودمار البنيان، لتنتهي بدمار الأخلاق والقيم، وعندما يحدث ذلك تُفقَد القدرة على التمييز بين الحق والباطل، ما سيعمق الخلاف والشتات".

والجمعة الماضية، نشرت صحيفة "العرب" الإماراتية في لندن، تقريرا عن النقاشات التي تجريها قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تأسس 1982، تدور حول الخروج باستراتيجية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة في اليمن.

ونقلت الصحيفة عن مصادر يمنية مطلعة قولها: "الاجتماعات التي شارك فيها قيادات في اللجنة العامة للمؤتمر (أعلى سلطة تنظيمه في الحزب) جاءت على الأرجح استجابة لنصائح دولية وإقليمية لتهيئة حزب المؤتمر، وإعادة ترتيب بيته الداخلي؛ استعدادا للتحولات العاصفة المرتقبة في المشهد اليمني".

ويأتي هذا الحراك الداخل بالحزب -بحسب الصحيفة الإماراتية- في ظل تحولات سريعة في خارطة المشهد السياسي اليمني، مع بروز مؤشرات على قرب انتهاء الحرب بشكلها الذي استمر لحوالي سبع سنوات والدخول في مشاورات سياسية حول الحل النهائي برعاية دولية وأممية.

وبعد مقتل صالح نهاية العام 2017، انقسم حزب المؤتمر إلى تيارات عدة، الأول "موال للحوثي في صنعاء"، والثاني "محسوب على نجله أحمد"، بالإضافة إلى تيار ثالث موال للرئيس منصور هادي.