أثار ظهور سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في هذا
التوقيت ردود فعل عالمية ومحلية واسعة، وكذلك تساؤلات عن تداعيات وأهداف الخطوة، خاصة أنه لمح إلى إمكانية ترشحه للرئاسة.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" حوارا موسعا، قالت إنه تم في شهر
مايو الماضي مع نجل القذافي في مكان احتجازه في منطقة الزنتان "جنوب غربي
ليبيا"، وإنه كشف فيه عن ظروف احتجازه ورؤيته للمشهد في ليبيا حاليا ومستقبلا، وعدم استبعاد مشاركته في المعترك الانتخابي".
"أمر قبض"
في المقابل، أكد المكتب الإعلامي للمحكمة الجنائية الدولية أن "سيف
الإسلام، النجل الأكبر للقذافي، ما زال مطلوبا للعدالة، وأنه حتى اللحظة يوجد أمر قبض
ضده أمام المحكمة".
لكن ردود الفعل داخليا تنوعت، بين رافض لظهوره الآن واعتبار ذلك خطة
"مخابراتية" من قبل أمريكا وروسيا لإرباك المشهد، في حين تسبب الأمر في صدمة لآخرين كانوا يراهنون على مقتل
سيف الإسلام واختفائه من المشهد تماما.
"أزمة
حفتر"
وذكرت عدة مصادر متطابقة أن "اللواء الليبي، خليفة حفتر، لا يريد رؤية
سيف القذافي في المشهد، وأنه كان يراهن على مقتله أو موته، وقد صرح من قبل بقوله: "أنا
لا أعلم أين سيف حاليا، ولا يوجد أي تواصل بيننا"، وهذا يؤكد أن حفتر هو أكبر
المتضررين من الظهور الجديد لسيف، الذي يتوقع دعمه من روسيا".
والسؤال: ما تداعيات ونتائج ظهور سيف القذافي في هذا التوقيت؟ ومن المتضرر
من الخطوة؟
"ضربة قاصمة لأنصاره"
من جهته، رأى رئيس حزب "العمل الوطني" الليبي (مستقل)، محمود
الفطيسي، أن "اختيار وقت ظهور سيف كان مدروسا بدقة، رغم أن المقابلة كانت في
رمضان الماضي، إلا أن نشرها الآن له دلالة، خاصة القرب عن الإعلان عن قاعدة دستورية
وربما، قانون جديد للانتخابات، وكأن الناشر يقول: لا تنسوا سيف الإسلام".
وأكد في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن "ظهور سيف الآن وبهذه
الصورة أفسد حلم أنصاره، خاصة أن الناشر نقل رسالته بأنه لن يكون متصالحا مع خصومه
وخصوم أبيه، بل ولديه موقف معاد لأمريكا والحلف الأطلسي"، وفق رأيه.
وحول ترشحه للرئاسة وعلاقته بحفتر، قال الفطيسي، وهو عضو مجلس دولة أيضا:
"وضع سيف من الناحية النفسية ما زال غامضا، فالبعض يقول إنه يعاني أزمة نفسية
حادة بسبب فترة السجن والعزلة، أما بخصوص حفتر، فهو متضرر من خروج سيف، ويقال إن
حفتر حاول اغتيال الأخير منذ سنة مضت أو أكثر"، كما قال.
"دعم وتغيير تحالفات"
في حين رأى الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر، أن "ظهور سيف ليس له معنى إلا بروز طرف آخر في المشهد الليبي، وأعتقد أنه
سيحظى بدعم كبير من أنصار النظام السابق، وفئات كثيرة ممن فقدوا الثقة في أطراف
الصراع، وكذلك الثقة في الممارسة السياسية بعد ثورة فبراير".
وأضاف لـ"عربي21": "في تقديري أن هذا الظهور سيطرح علامات
استفهام كثيرة حول مصير
الانتخابات القادمة، وسيقود إلى تغيير في التحالفات
السياسية، وبروز تحالفات جديدة، لكن ظهور سيف لن يؤدي إلى حل الإشكال السياسي، وذلك بسبب غياب الإرادة الوطنية، والرغبة في
الزعامة، وسيادة منطق المغالبة بين أطراف الصراع التي أصبحت تابعة للقوى
الأجنبية"، حسب كلامه.
"إرباك وتحد جديد"
المحلل السياسي الليبي المقيم في أمريكا، محمد بويصير، أكد أن "ظهور
سيف بهذه الملابس وهذه الهيئة ولحيته الطويلة، وكذلك تصريحاته حول فبراير، واتهام من
خرجوا بالإرهابيين، كلها حملت رسالة سلبية للداخل والخارج أيضا، وذلك ينقص من فرصه
في العودة إلى السلطة".
وأشار إلى أن "اختياره صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للظهور كان
بدافع الظن أن ذلك سيدعم موقفه في واشنطن، وهذا تصور خاطئ كون الصحافة هنا مستقلة
فعليا، كما أن الرسائل التي ركزت عليها الصحيفة وتقديمه أضر بسيف ولم يفده، خاصة
من ناحية الظهور"، كما صرح لـ"عربي21".
وتابع: "أما بخصوص تأثير الظهور على حفتر وترشحه للرئاسة، فمن المؤكد
أن وجود سيف هو تحد من نوع جديد، ولم يكن في حسبان حفتر الذي كان يراهن على مقتل
سيف أو موته، كون الأخير يراه رقما صعبا وله أنصار وأتباع، وأتباعه ينقسمون إلى فريقين: معجب به وبنظرته الإصلاحية ومشروع ليبيا الغد، وفريق ثان من أتباع نظام
والده، وتقودهم أخته عائشة القذافي"، كما رأى.