إنهم يقتلون الكلاب!

انتشرت في الآونة الأخيرة بمصر، ظاهرة قتل الكلاب وأحيانا القطط، عن طريق خلط السم بطعام يقدم عن عمد للكلاب. هذا ما يسميه قاتلو الكلاب بالقتل الرحيم، لكن هناك ما يسمى بالقتل منزوع الرحمة؛ وهو الذي يسبقه التعذيب بالصعق بالكهرباء وخلافه، مرورا بالسحل والضرب بالعصا الغليظة، حتى يلفظ الحيوان المسكين أنفاسه تحت وطأة الألم والإنهاك.

لا يجدي صراخ الضحية أو نباحها مستنجدة الرحمة من جلاديها؛ ولكن جلاديها غليظي الإحساس والقلوب، يأبون أن يتوقفوا حتى يتركوا ضحاياهم جثثا هامدة. إنهم يبررون عنفهم اللاإنساني تجاه حيوانات لا حول لها ولا قوة؛ بأنها تشكل خطرا جسيما على المجتمع، وأن هذه الكلاب الضالة يجب اجتثاثها لأنها تهدد أمن المواطنين وسلامتهم.

ويستشهدون بحوادث هنا وهناك لكي يبرروا فعلهم الوحشي، بينما كانت هناك حلول كثيرة لاحتواء الأزمة بعيدا عن هذا الفعل المخزي بحق الحيوان. لكن مع الأسف، انعدام الوعي والحس الإنساني يؤدي لتفضيل سياسة البتر بدلا من العلاج.

ما نسمع عنه من مجازر إبادة ترتكب بحق الكلاب عمل يرقى إلى التوحش، يعيدنا ويأخذنا أيضا إلى مذبحة الأشجار في أكثر من مكان. ولعل ما نذكر بهذا الصدد هدم حديقة الفنان أحمد مظهر المليئة بأشجار ونباتات نادرة؛ من أجل صب أعمدة خرسانية قبيحة لكوبري المحور.

لعل كل هذا يحيلنا إلى فكرة محاصرة الجمال، ويبدو أن هناك من يريد القبح ويسعى لأن يسود، وتنهزم قيم الحق والجمال.

في الستينيات من القرن المنصرم، شاهدنا فيلما أمريكيا بعنوان "إنهم يقتلون الجياد.. أليس كذلك؟". كان الفيلم يدور حول معيار الجمال أمام القبح. لكني لم أكن أتصور أن يأتي الزمن الذي نطلق فيه عنوان: حقا إنهم يقتلون الكلاب.. أليس كذلك؟