انعقدت جلسة الخميس، في مجلس الأمن، لمناقشة مشروع قرار قدمته تونس بشأن سد النهضة تحت "الفصل السادس" من ميثاق الأمم المتحدة، واختتمت بحث الدول المتنازعة على الحوار.
وجلسة الخميس، تعد الثانية من نوعها لمجلس الأمن بعد جلسة عُقدت قبل عام، وانتهت أيضا بحثّ أطراف الأزمة على الحوار، تحت قيادة الاتحاد الأفريقي.
اقرأ أيضا: مجلس الأمن يحث جميع الأطراف على الحوار بشأن سد النهضة
فلماذا انتهت الجلسة بما خرجت إليه سابقتها؟
بحسب خبراء تحدثت إليهم "عربي21"، سابقا، فإن لجوء مصر والسودان لمجلس الأمن، "توجه للمكان الخطأ".
وأوضح خبير السدود محمد حافظ، أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن غير مختصين بهذه النوعية من المشاكل، على حد قوله.
وأضاف حافظ لـ"عربي21": "ليس من حق مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أن تحافظ على هذه الحقوق؛ لأنها اتفاقيات بين الدول الثلاث ولا بد من موافقتهم معا على هذا التوجه".
اقرأ أيضا: مجلس الأمن عن خلاف سد النهضة: خارج نطاق عملنا
وسبق أن قال مندوب فرنسا الأممي نيكولا دي ريفيير، في مؤتمر صحفي، بمناسبة تولي بلاده الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن: "لن يكون المجلس بإمكانه حل هذا الموضوع، باعتباره خارج نطاق عمله".
وكان لافتا إصرار مصر والسودان من خلال مشروع قرار قدمته تونس، اللجوء إلى "الفصل السادس" من ميثاق الأمم المتحدة.
لماذا الفصل السادس؟
بحسب الفصل المذكور، فإنه في حال تعريض حفظ السلم والأمن الدوليين للخطر بحسب المادة 33، ووجود احتكاك دولي قد يثير نزاعا بحسب المادة 34، أو أي موقف شبيه به، يمكن اللجوء لمجلس الأمن.
وبحسب ما اطلعت عليه "عربي21"، فإنه في ميثاق الأمم المتحدة، خمس من المواد الست من الفصل السادس مخصصة للتسوية من الدول الأطراف في النزاع، من خلال الوسائل التي تختارها.
وفي المادة 37 من الميثاق، تم منح مجلس الأمن أي ولاية قضائية خاصة به فيما يتعلق بشروط التسوية.
الفصل السادس
ورجعت "عربي21" إلى نص ميثاق الأمم المتحدة وفصوله وبندوه، للاطلاع على الفصل السادس وتفاصيله، وجاءت كالتالي:
المادة 33: يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر، أن يلتمسوا حلّه بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجؤوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها.
ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة ذلك.
المادة 34: لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا، لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي.
المادة 35: لكل عضو من "الأمم المتحدة" أن ينبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع أو موقف من النوع المشار إليه في المادة الرابعة والثلاثين.
لكل دولة ليست عضوا في "الأمم المتحدة"، أن تنبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع تكون طرفا فيه، إذا كانت تقبل مقدما في خصوص هذا النزاع التزامات الحل السلمي المنصوص عليها في هذا الميثاق.
المادة 36: لمجلس الأمن في أية مرحلة من مراحل نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 أو موقف شبيه به، أن يوصي بما يراه ملائما من الإجراءات وطرق التسوية.
على مجلس الأمن أن يراعي ما اتخذه المتنازعون من إجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم.
على مجلس الأمن وهو يقدم توصياته وفقا لهذه المادة، أن يراعي أيضا أن المنازعات القانونية يجب على أطراف النزاع - بصفة عامة - أن يعرضوها على محكمة العدل الدولية، وفقا لأحكام النظام الأساسي لهذه المحكمة.
المادة 37: إذا أخفقت الدول التي يقوم بينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة، وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن.
إذا رأى مجلس الأمن أن استمرار هذا النزاع من شأنه، في الواقع، أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي، قرر ما إذا كان يقوم بعمل وفقا للمادة 36 أو يوصي بما يراه ملائما من شروط حل النزاع.
المادة 38: لمجلس الأمن - إذا طلب إليه جميع المتنازعين ذلك -أن يقدم إليهم توصياته بقصد حل النزاع حلا سلميا، وذلك بدون إخلال بأحكام المواد من 33 إلى 37.
وراهن مصر، على لجوء مجلس الأمن إلى الفصل السابع بعد السادس، للتحول من "التوصية" إلى "الإلزام".
وهذا الخيار راهن عليه كاتب في صحيفة "الأهرام" المصرية، تحت عنوان "مصر وإثيوبيا والطريق إلى الفصل السابع".
حيث قال هاني عسل في مقال نشرته الصحيفة، في 24 حزيران/ يونيو الماضي: "يمكن للمجلس التدخل بشكل توفيقي بين الدول الثلاث، كما يمكنه الضغط سياسيا على إثيوبيا للتراجع عن موقفها المتعنت بشأن القضية".
وقال: "لكن المهم هنا، أن من قرأ في المذكرة المصرية جيدا عبارة حفظ السلم والأمن الدوليين، يدرك أن الفصل السادس قد لا يكون نهاية المطاف، بل قد يصل بنا الأمر إلى الفصل السابع، الذى يتمتع بطبيعة إلزامية أكثر من السادس في حالة حدوث تهديد صريح للسلم والأمن الدوليين".
وتابع: "ما جاء في هذا الفصل الناري (السابع) ينطبق بالفعل، من الآن، على الحالة المصرية الإثيوبية؛ لأن حرمان دولة بكاملها من المياه، جريمة قتل جماعية تفوق في ضررها بكثير اعتداء دولة على أخرى بالوسائل العسكرية".
وأشار إلى أن "مصطلح تهديد السلم والأمن الدوليين الذي تحدثت عنه مصر (في المذكرة)، هو عنوان الفصل السابع نفسه، المعنون تحت "ما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان".
الفرق بين الفصلين السادس والسابع
وبهذا الخصوص، قد تدور تساؤلات عن الفوارق بين الفصلين السادس والسابع.
وعن ذلك، قال القانوني اللبناني، حلمي الحجار، في صحيفة "المستقبل"، في 14 أيار/ مايو 2007، الذي اعتادت بلاده سماع اسمي هذين الفصلين جراء نزاعات مستمرة.
بأنه "أولا: الحالات: اللجوء إلى الفصل السابع، يكون عند حصول تهديد للسلم أو إخلال به أو وقوع عمل من أعمال العدوان (المادة 39)".
وأوضح ثانيا بشأن تحرك المجلس: "ففي الفصل السادس يكون بناء على طلب أطراف النزاع (المادة 33)، أو بناء على تنبيه أي دولة عضو في الأمم المتحدة (المادة 35/1)، أو أية دولة ليست عضوا (المادة 35/2)، وفي حالة وجود نزاع أو أي موقف دولي قد يثير نزاعا (المادة 34). ويتحرك المجلس مباشرة استنادا للفصل السابع".
وذكر ثالثا: "الصلاحيات والسلطات: في إطار الفصل السادس تتم دعوة الأطراف إلى تسوية النزاع بينها بالمفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية، أو غيرها من الوسائل السلمية (المادة 33) والتوصية بما يراه المجلس ملائما من إجراءات (المادة 38). أما في إطار الفصل السابع، فيتمتع المجلس بسلطة اتخاذ القرارات المناسبة عبر نوعين من الوسائل: تدابير كوقف العلاقات الاقتصاديـة (المادة 41)، واتخاذ تدابير عسكرية (المادة 42)".
وأورد رابعا: "حدود تطبيق القرار: في الفصل السادس، يمكن أن تقتصر النتائج على الدول المعنية بها، مثلا إذا وضعت اتفاقية فإنها تلزم أطرافها فقط، أما في الفصل السابع يسري على جميع الدول ولا يمكن لأية دولة أن تتنصل منه، بحجة أنها لم تكن شريكا في الاتفاقية أو لم تكن موافقة على القرار أو أنه شأن داخلي".
وكان خبير العلاقات الدولية السيد أبو الخير، رأى أن "هذه الخطوة لن تفيد مصر والسودان كثيرا؛ لأن مجلس الأمن فيه دول متحالفة مع إثيوبيا وستستعمل حق الفيتو، كما أن مجلس الأمن ليس المختص الأول، لكن الاتحاد الأفريقي أولى به وأنفع وأجدى".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "أما محاولة اللجوء إلى مجلس الأمن، فهي للتسويف وحتى يتم الملء الثاني للسد ويصبح حقيقة؛ لأن مجلس الأمن لن يصدر قرارا في يوم وليلة، ولكن الموضوع سوف يتم التلاعب به دبلوماسيا، وهي خطوة ليست في الاتجاه الصحيح".
اقرأ أيضا: خبراء: لجوء مصر للأمم المتحدة بشأن سد النهضة عديم الجدوى
وتصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، في تموز/ يوليو الجاري وآب/ أغسطس المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
وبينما تتمسك القاهرة بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء السد وتشغيله، لضمان استمرار تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، أبدت الخرطوم قبل أيام استعدادا مشروطا لقبول مقترح "اتفاق جزئي" من إثيوبيا حول الملء الثاني للسد.
هذه مواقف الدول الأعضاء بمجلس الأمن باجتماع سد النهضة
خبراء يحذرون من استجابة دول حوض النيل لدعوة إثيوبيا
الخرطوم تطلب دعم واشنطن في مجلس الأمن بملف السد