مر بهدوء شبه تام خبر إعدام الشاب معتز مصطفى ذي الـ27 عاما والطالب بكلية الهندسة في
مصر، بتهم كيدية مثل سائر التهم التي أعدم على إثرها نحو 97 مواطنا في مصر منذ انقلاب 2013. أصوات قليلة هنا وهناك استنكرت هذه الجريمة عبر منصات التواصل؛ إعدام شارك به المجتمع الدولي بصمته وخذلانه للمستضعفين والمظلومين، بينما صمت المصريون فضلا عن وجود أصوات ناعقة مؤيدة للظالم ومصفقة له.
تقرير لمنظمة حقوقية مصرية مستقلة أكد أن 69 مواطناً ينتظرون الإعدام بعد استنفاد جميع درجات التقاضي؛ لتصبح أحكام الإعدام الصادرة بحقهم واجبة التنفيذ.
ومن بين الشخصيات التي أيدت محكمة النقض المصرية حكماً بإعدامها في منتصف الشهر الماضي؛ 12 معتقلاً سياسياً في القضية المعروفة بـ"فض اعتصام رابعة"، من بينهم القيادات البارزة في ثورة يناير محمد البلتاجي، والداعية والناشط السياسي صفوت حجازي، والعالم عبد الرحمن عبد البر، ووزير الشباب الأسبق أسامة ياسين، وغيرهم.
المؤلم هو في ذلك العالم الذي يدعي كونه حرا وهو يرفض أحكام الإعدام بالجملة حتى لو في جرائم قتل واغتصاب جنائية، ولكن تنخرس الألسنة عند هؤلاء المعتقلين خصوصا إذا كانوا من الإسلاميين
أحكام انتقامية وظالمة، دعك من عبارات استنفاد إجراءات التقاضي وما يتحدثون به عن قضاء ومحاكمات صورية يتلقى بها القضاة الأوامر من العسكر عبر الهاتف؛ المؤلم هو في ذلك العالم الذي يدعي كونه حرا وهو يرفض أحكام الإعدام بالجملة حتى لو في جرائم قتل واغتصاب جنائية، ولكن تنخرس الألسنة عند هؤلاء المعتقلين خصوصا إذا كانوا من الإسلاميين.
ازدواجية المعايير تلك التي يتعامل بها الغرب مع قضايانا الحقوقية ومطالبنا العادلة، سواء مع الأنظمة القمعية أو الاحتلال، هي السبب الرئيس لجنوح كثيرين نحو التشدد وتبني آراء أكثر تعصبا، وهي المسؤولة عن ترجيح كفة نظرية المؤامرة في تفسير ما يجري حولنا حتى لو كان ذلك التفسير ساذجا.
هل يمكن بعد ذلك كله أن يسمع المواطن العادي لأي صوت عاقل يدعو للحوار والتفاهم للخروج من أزماتنا في ظل هذا الظلم الصارخ والقتل الممنهج لنشطاء الحرية، وتعمّد استهداف حياة كل من نجا من مذبحة فض رابعة؟ والأدهى من ذلك هو الصمت والخذلان، والعناية فقط بالربيبة "إسرائيل" فمن يصادقها هو صديق الغرب على الدوام، وعليه فغض الطرف عن أخطائه قائم باستمرار.
هل يمكن بعد ذلك كله أن يسمع المواطن العادي لأي صوت عاقل يدعو للحوار والتفاهم للخروج من أزماتنا في ظل هذا الظلم الصارخ والقتل الممنهج لنشطاء الحرية، وتعمّد استهداف حياة كل من نجا من مذبحة فض رابعة؟
منظمة العفو الدولية تصنف مصر كـ"واحدة من أسوأ ثلاث دول في العالم" بسبب تزايد عدد أحكام الإعدام فيها بحق المعارضين السياسيين، ولكن حتى هذا التصنيف لا يحرّك ساكنا لدى بايدن ليستنكر هذه الأحكام، رغم مهاجمته نظام
السيسي أثناء حملته الانتخابية.
في هذا العالم المليء بالظلم يحاكم أيقونة ثورة يناير الطبيب محمد بلتاجي، المعارض السلمي للانقلاب، على فاتورة الدم الذي أريق في ميدان رابعة ويصدر بحقه حكم بالإعدام، وهو الذي قدّم ابنته أسماء شهيدة لهذا الظلم بعد رصاصة عسكري قناص جاءتها برأسها.. يصدر حكم الإعدام بحق الضحية البلتاجي بينما القاتل يسرح ويمرح، حتى مجرد التحقيق الشكلي مع مرتكبي مجزرة القتل الجماعي في فض رابعة لم يتم حتى الآن.
ولكن من ينجو أو يخيل إليه النجاة من محاكمة عادلة للاقتصاص منه في الدنيا تنتظره محكمة لا يظلم فيها أحد يوم القيامة.