الوصف الدقيق لمصر والسودان في
هذه اللحظة هو أنهما في سباق الساعات الأخيرة.. والسباق هدفه إقناع الدول الأعضاء في
مجلس الأمن بأن ما تمارسه إثيوبيا في سد النهضة خطأ وخطر، وأن على أعضاء المجلس
اتخاذ موقف مسؤول لوقف الخطأ ودفع الخطر!.
ورغم أن فرنسا ترأس مجلس
الأمن في دورته الحالية، ورغم أن مندوبها في الأمم المتحدة، نيقولا دي ريفيير، هو
الذي سيرأس جلسة الغد في المجلس، إلا أن باريس ليست بالطبع مطلقة اليد فيما يدور
داخله!.
أعضاء المجلس 15 دولة، منها خمس دائمة هي
الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، ثم عشر دول غير
دائمة تتغير عضويتها كل عامين، لتحل محلها عشر دول أخرى.. وفي العادة فإن القوة
الحقيقية هناك هي الدول الخمس!.
وعندما أعلن ريفيير، قبل أيام، أن المجلس قد
يعقد جلسة بناء على دعوة من القاهرة والخرطوم، استخدم «قد» التي تفيد الاحتمالية في
اللغة، لأنه يعرف أن الأمر في المجلس، وفي دعوته للانعقاد، وفي اتخاذه أي قرارات،
ليس في يد فرنسا وحدها!.
وما يميز الدول الخمس الكبيرة ليس فقط أنها
تملك عضوية دائمة لا تتبدل ولا تتغير، ولكن ما يميزها بالفعل هو حق الڤيتو الذي
تملكه!.. فهذا الحق المغلق عليها هو ما يحكم حركة المجلس عند أخذ أي قرار، وعند
مناقشة أي قضية.. إذ يكفي أن يتفق ١٤ عضوًا من أعضاء المجلس على اتخاذ قرار في
قضية معينة، ثم يرفع العضو الخامس عشر يده بحق الڤيتو الذي يملكه، فتعود هذه
القضية المعينة إلى المربع رقم واحد!.
حدث هذا في قضايا دولية كثيرة، وكان أي مندوب
دائم يرفع يده اعتراضًا، فتعود القضية المطروحة إلى نقطة الصفر مصحوبة بلعنة
الڤيتو!.
وليس لهذا من معنى سوى أن
الحركة الأساسية لمصر والسودان في هذه الساعات السابقة على انعقاد المجلس، تتركز
على الدول دائمة العضوية بالأساس، دون أن يقلل ذلك بالطبع من شأن الدول العشر غير
دائمة العضوية، من حيث دورها في توفير الأغلبية داخل المجلس، ولكن.. ماذا تفعل
الأغلبية أمام حق الڤيتو الذي ينسف كل شيء في لحظة، دون أن يهتم بما يدوس عليه في
حياة الشعوب؟!.
(عن صحيفة المصري اليوم)