قالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، إن الخلاف السعودي- الإماراتي حول النفط انتقل إلى السياسة والتنافس الإقليمي.
وأشارت الوكالة في تقرير أعدته سيلفيا ويستوول وفيونا ماكدونالد، وترجمته "عربي21"، إلى أن العلاقات بين السعودية والإمارات مثل بقية العلاقات قامت على مبدأين: تعامل معها خلف الأضواء أو عض على لسانك.
وبعد الشجار العلني حول مستقبل التحالف النفطي المعروف باسم "أوبك+" يظهر أن هذين المبدأين طريقة قديمة في وقت باتت فيه التداعيات تتردد في منطقة الخليج. وأهم من كل هذا فالصراع ترك عدة أسئلة حول إمدادات النفط الخام بعد خروج الدول الكبرى من إغلاق طويل استدعته عمليات مكافحة فيروس كورونا.
وقررت منظمة "أوبك+" إلغاء اللقاء بدون اتفاقية مما رفع سعر برميل النفط إلى 77 دولارا. ولكن الخلاف يكشف عن التنافس الاقتصادي الذي أصبح أكثر حدة وترك آثاره على الشركات العالمية وكذا التباين السياسي بتداعيات في كل أنحاء الشرق الأوسط من إسرائيل إلى اليمن وقطر وإيران.
وفي الوقت الذي لا يتحدث فيه أحد عن انهيار العلاقات بين الرياض وأبوظبي إلا أن القواعد الأساسية تحولت.
ونقلت الوكالة عن المعلق الإماراتي عبد الخالق عبد الله قوله إن "الرياض وأبوظبي متفقتان بنسبة 80 بالمئة" و"مع ذلك فهناك تنافس اقتصادي متزايد، وينمو بعمق كل يوم وما زلنا في المراحل الأولى".
وجاءت شرارة المواجهة في "أوبك+" بمعارضة الإمارات لصفقة إنتاج النفط التي تقودها السعودية، وتدعو الولايات المتحدة لتسوية. وتريد أبو ظبي التفاوض من جديد حول مستوى إنتاجها، من ناحية التخفيض والزيادة، بشكل يعطيها القدرة على ضخ نفط أكثر بعدما أنفقت أموالا ضخمة على زيادة القدرة وقوت علاقاتها مع الأسواق الآسيوية المتعطشة للنفط.
وقال شخص على معرفة بالمحادثات التي جرت على مستوى عال إن الخطاب اللاذع المتبادل بين الطرفين فاجأ الجميع، قائلا إن السياسة قد امتدت إلى محادثات النفط والعكس صحيح.
ولم تنجح الوساطات، وتهدد قرارات تم اتخاذها بعيدا عن طاولة مفاوضات "أوبك+" بتسميم الجو أكثر. فقد قررت السعودية منع الطيران القادم من الإمارات بعد انهيار المحادثات نهاية الأسبوع بحجة المخاوف من انتشار فيروس كورونا. ومع أن التوقيت قد يكون متزامنا إلا أنه يأتي قبل عطلات العيد في الخليج حيث يتدفق الزوار إلى دبي التي فتحت أبوابها للسياحة.
وقالت الرياض إنها ستستثني الواردات من المناطق الحرة المرتبطة بإسرائيل مقابل التفاوض على تعرفة أحسن مع دول الخليج الأخرى، بشكل يوجه ضربة لعمود رئيسي في الاقتصاد الإماراتي.
وأوضحت الوكالة أن العلاقات بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد قد بردت، في وقت تستعرض فيه أبو ظبي عضلاتها الجيوسياسية وتؤكد استقلالها في السياسة الخارجية.
ففي العام الماضي عقدت اتفاقية تطبيع للعلاقات مع إسرائيل. وقبل ذلك بعام سحبت قواتها من اليمن. ومن جهتها دفعت السعودية باتجاه إنهاء الخلاف مع قطر، وهو قرار أجبر الإمارات على المضي معها رغم الغليان المستمر في العلاقة مع الجارة قطر.
وبدأت الإمارات بإصلاح علاقاتها مع تركيا، وبدأت أنقرة جهودا لإصلاح العلاقات مع الرياض بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018، مع أن الدولتين الخليجيتين لا تزال تتعاملان بشك مع تركيا وتأثيرها في العالم العربي، وتنظران لطموحاتها الإقليمية كمضاد لهما. وفي نفس الوقت زادت الرياض جهودها لكي تحل محل دبي كعاصمة مالية في الشرق الأوسط حيث تحضر للحياة بعد النفط.
ومن الخطوات التي اتخذتها الرياض بداية العام، توجيه إنذار للشركات الأجنبية بنقل مقراتها الرئيسية من دبي إلى السعودية بحلول عام 2024.
وعلقت كارين يانغ، الزميلة البارزة بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن: "أظهر السعوديون وبوضوح التنافس مع الإمارات و"اللعبة مستمرة" في قطاع الطيران والسياحة وحتى الطاقة النظيفة والمقرات الإقليمية والآن السياسة النفطية"، لكنها أكدت أن المصالح المشتركة تعني أن التعاون بين الجارين سيظل قريبا.
وتكشف الصفقات الأخيرة رغبة إماراتية بالحفاظ على علاقات جيدة مع الدولتين القويتين في "أوبك+" وهما السعودية وروسيا. فقد شارك الصندوق السيادي "مبادلة" الذي يترأسه خلدون المبارك، المستشار المقرب من الشيخ محمد بن زايد بمبلغ 12.4 مليار دولار كحصة في خطوط أنابيب تابعة لأرامكو.
ودفعت 200 مليون دولار كأسهم في شركة إيني زائد انترناشونال غروب الشهر الماضي. وقال المسؤول المالي السابق في دبي ناصر الشيخ إن الخلافات حول سياسة النفط ليست مصدر القلق الرئيسي مع أنه كان من الأفضل عدم كشفها علنا. وقال في تغريدة على تويتر: "مخاوفي كمواطن خليجي من انتقال الخلافات إلى موضوعات أخرى". معبرا عن أمله في حل القيادات للخلاف.
ويأتي الشجار في وقت حساس للمنطقة، فقد عبر الرئيس جوزيف بايدن عن رغبة بالعودة إلى الإتفاقية النووية مع إيران. وقال محلل سعودي: "ما يفاقم هذه التوترات هو محاولة الإمارات استعراض قيادتها للمنطقة".
وأضاف أن "نشاط الإمارات المفرط يستخدم كآلة لإظهار التأثير في المنطقة، وربما فسر في السعودية على أنه محاولة للتفوق عليها" و"اكتشف البلدان محدودية المشاركة".
تحليل: هذا ما يكشفه "خلاف أوبك" بين الإمارات والسعودية
أنباء عن إلغاء عقد لتطوير مطار أبوظبي بسبب "التكلفة"
الرياض تتحدى أبو ظبي بقواعد استيراد جديدة.. لا بضائع للاحتلال