قال باحثان إسرائيليان إنه "خلال
أيام الحرب
الإسرائيلية الأحد عشر على
غزة، انتقدت تركيا، كما كان متوقعًا، بشدة
تصرفات إسرائيل، سواء من خلال تصريحات صناع القرار، أو عبر وسائل الإعلام التركية،
التي تداولت مواد معادية لإسرائيل، ما يتطلب من تل أبيب الانتباه للأصوات
المرتفعة في أنقرة".
وأضافت غاليا ليندنشتراوس ورامي دانيال
في دراسة لهما منشورة على موقع
معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ترجمته
"عربي21"، أنه "خلال عملية حارس الأسوار، ظهرت تركيا من بين الدول
التي انتقدت سياسة إسرائيل بشدة، وصاحب الخطاب جهود دبلوماسية تمثلت بتهديد وزير
الخارجية بأن العالم الإسلامي سيرسل قوة دولية للقدس لمنع تكرار الاعتداءات
الإسرائيلية في المدينة".
وأوضحا أنه "رغم الجهود التي
بذلتها، فإن تأثير تركيا على أحداث الميدان على الأرض، خلال الحرب نفسها، في قطاع
غزة والقدس، كان محدودًا للغاية، رغم أن الرئيس رجب طيب
أردوغان غرد بالعبرية بأنه
يدين الهجمات الشنيعة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، ووصف صانعو القرار في أنقرة إسرائيل بأنها "دولة
إرهاب"، بل وتم اتهام الرئيس جو بايدن بأنه لطخ يديه
بالدماء بسبب موافقته على صفقة أسلحة لإسرائيل".
وأكدا أنه "بجانب الخطاب التركي
القاسي، فقد أجرى أردوغان محادثات هاتفية حول حرب غزة مع العديد من رؤساء الدول، خاصة
في العالم الإسلامي، بما فيها الأردن والكويت وقطر والسعودية والجزائر وباكستان
وماليزيا وروسيا والبابا، واستغلت أنقرة حقيقة أن رئيس الجمعية العامة للأمم
المتحدة هو تركي، من أجل الوصول إلى موقع متميز في جلسة خاصة للجمعية العامة انعقدت
لمناقشة الأحداث في الساحة الفلسطينية".
وأشارا إلى أنه "خلال اجتماع منظمة
التعاون الإسلامي (OIC)،
دعا وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، إلى اتخاذ خطوات ملموسة لردع إسرائيل، وعقب
الأحداث سحبت تركيا دعوتها الموجهة لوزير الطاقة الإسرائيلية يوفال شتاينيتس
لمؤتمر أنطاليا للدبلوماسية، الذي تم إطلاقه في أبريل، ولوحظ نشاط مكثف من وسائل
الإعلام الحكومية التركية، لا سيما وكالة الأناضول وTRT World،
الساعية للتأثير على الرأي العام العالمي لصالحها".
وأضافا أنه "خلال الحرب على غزة،
نشرت الوكالتان أخبارهما باللغات التركية والإنجليزية والعربية والفارسية
والفرنسية، وأدارتا حملة دعائية منذ بداية توترات القدس، فضلا عن الاستخدام الفعال
لوسائل الإعلام التركية على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال المقالات والتعليقات
ومقاطع الفيديو القصيرة، ووزعت الوكالتان محتوى صريحًا من جانب واحد، ما يعكس
التبني الكامل للرواية الفلسطينية وموقف الحكومة التركية".
وأشارا إلى أن "الإعلام التركي أجمع
على تصوير حماس على أنها منظمة مقاومة، وليست إرهابية، وركزت تغطية التوترات في
القدس على عنف الشرطة الإسرائيلية والجماعات اليهودية، وسلطت التقارير الضوء على
الإصابات والقتلى في غزة، وتقديم إسرائيل كدولة فصل عنصري مرات عديدة، ونشر مقالات
ومقاطع فيديو "تاريخية" هاجمت الرؤية الصهيونية، وعبرت عن شكوك حول
شرعية وجود إسرائيل".
وأكدا أن "عددا من المنشورات
التركية، هاجمت بطريقة أقل منهجية، الدول التي قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ما يؤكد أن إعلام تركيا لعب دورًا رئيسيًا بنشر الروايات المعادية لإسرائيل بجانب
قنوات أخرى، مثل الجزيرة، وجاء لافتا وجود إجماع في النظام السياسي التركي في
انتقاد إسرائيل بشدة، دون أن يقتصر ذلك على حزب أردوغان، حيث لوح حزب الشعب
الجمهوري المعارض بعلم فلسطيني ضخم على مبناه".
وأضافا أنه "تم تنظيم أحداث إدانة
لإسرائيل، ودعم للفلسطينيين من قبل هيئات مختلفة في المجتمع المدني التركي، بما في
ذلك منظمات العمال والطلاب، وبينما كانت تركيا في حالة إغلاق تام، فقد خرجت
المظاهرات ضد إسرائيل، بما في ذلك أمام قنصليتها في إسطنبول".
ولفتا إلى ملاحظة جديرة بالانتباه وهي
أن "الحركات اليسارية التركية هاجمت إسرائيل، وإن بصيغة مختلفة قليلاً عن
الحكومة، باستخدام الخطاب المعادي للإمبريالية، لكنها انضمت لدعوات "الدفاع
عن القدس والأقصى"، ما يشهد على النجاح الواعي للإسلام السياسي في تركيا،
لأنه جعل من الأقصى قضية يمكن أن تحشد حولها جميع شرائح الشعب التركي، حتى أولئك
الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم علمانيون".
وختما بالقول إن "خصائص ردود
الفعل التركية تجاه الحرب الإسرائيلية على حماس يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لأنها
أتت بعد تقارير في الأشهر السابقة عن نوايا أنقرة لتحسين العلاقات مع تل أبيب، لكن
النشاط التركي خلال جولة المواجهة الأخيرة أظهر هشاشة هذه الآمال، وحقيقة أن صخور
الخلاف بينهما بقيت على حالها".