نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفية رنا أيوب، قالت فيه إنها تعرضت للاستهداف من الهندوس المتطرفين ومن الحكومة الهندية، بسبب مطالبتها بتحقيق جنائي إثر تغريدة لها.
وفي التفاصيل، أوضحت في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وقع، خلال قمة مجموعة السبعة الافتراضية قبل أسبوعين، بيانا مشتركا لتعزيز "حرية التعبير، سواء على الإنترنت أو خارجها، كحرية تحمي الديمقراطية وتساعد الناس على العيش في مأمن من الخوف والقمع".
وقال مودي خلال المؤتمر: "الديمقراطية والحرية جزء من الروح الحضارية للهند".
إلا أنه بعد يومين، واجهت الصحفية أيوب تحقيقا جنائيا حول تغريدة لها.
وأوضحت أنه في 15 حزيران/ يونيو، اتهمت الشرطة في ولاية أوتار براديش صحفيين وإحدى المطبوعات وحتى "تويتر" في الهند بالتآمر الإجرامي والترويج لـ"العداء" وإهانة المعتقدات الدينية وإثارة أعمال الشغب في محاولة لزعزعة استقرار البلاد.
اقرأ أيضا: مسلمو الهند تاريخ حافل بالإنجازات وعنصرية تهدد وجودهم
ووجه الاتهام بعد أن تم تداول مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لرجل مسلم مسن قال إنه تعرض لهجوم من مجموعة من الرجال. بعد عدة أيام من الهجوم، ذهب الرجل، الذي نُشر مقطع الفيديو الأول الخاص به بدون صوت، إلى فيسبوك ليصف الاعتداء.
وقال إن الحمقى أجبروه على ترديد "جاي شري رام" (المجد للورد رام) وحلقوا لحيته. وقالت الصحفية: "شاركنا الفيديو مع صحفيين آخرين وشخصيات عامة. وتمت مشاركته والنشر عنه من قبل العديد من القنوات الإخبارية والمنشورات في الهند، بما في ذلك Times Now و Times of India وNDTV ".
وتنفي الشرطة أن يكون الهجوم بدوافع دينية، وتقول إن من شاركوا الفيديو كانوا يتطلعون إلى تأجيج العنف الطائفي. لذلك قرروا استهداف ثلاثة صحفيين مسلمين وثلاثة أعضاء مسلمين من حزب المؤتمر المعارض. كما أنهم طاردوا موقع "تويتر" والموقع الإخباري المستقل "The Wire".
وقالت: "لم يكن الاستهداف مصادفة، فمن الواضح أن التحقيق هو محاولة لتقديم الصحفيين وشخصيات المعارضة على أنهم المحرضون الحقيقيون على العنف، وتزوير جرائم الكراهية ضد مجتمعاتهم. إنه أيضا جزء من محاولة لإخضاع ’تويتر‘ لسيطرة حكومية أكثر صرامة بعد التجرؤ على إضافة ملاحظة على المعلومات الخاطئة التي ينشرها مسؤولو الحزب الحاكم".
وأضافت: "تويتر متهم برفض حذف تغريداتنا وفرض الرقابة عليها، الأمر الذي أدى ببساطة إلى تضخيم ما شاركه ضحية الهجوم على الإنترنت".
وتابعت: "ليس من الصعب معرفة سبب استهدافنا بقوة. لقد شاركت الفيديو بعد انقطاع عن وسائل التواصل الاجتماعي. لقد كنت أتعافى من علاج للعمود الفقري، وأرتاح أيضا بعد شهور من التغطية المستمرة لوباء كوفيد-19 وأعمال الإغاثة على الأرض. لقد كنت من أشد المنتقدين للتخلي الإجرامي عن المسؤولية من قبل حكومة مودي، التي تقلل من عدد وفيات فيروس كورونا في محاولة لحماية سمعتها".
وقالت: "كان لدي قصة غلاف في مجلة تايم في نيسان/ أبريل حول الدمار الذي سببته الموجة الثانية. أدى ذلك إلى الظهور على وسائل إعلام دولية - ما أدى بعد ذلك إلى رد فعل انتقامي متهما لي بالتشهير بالهند على نطاق عالمي. وعلى Times Now، إحدى القنوات الإخبارية الرائدة في الهند، وصف موهاندس باي، مؤيد بارز لحزب بهاراتيا جاناتا (BJP)، تقاريري الصحفية بأنها "صحافة النسور" [الصحافة التي تستغل مصائب الناس]. تبع ذلك هجمات على وسائل التواصل الاجتماعي".
وتابعت: "وصف القوميون اليمينيون حملتي لجمع التبرعات على موقع Ketto الخيري - التي ساعدت 70 ألف أسرة متأثرة بفيروس كوفيد-19 العام الماضي - بأنها محاولة لجمع التبرعات للمسلمين في البلاد فقط".
وأضافت: "بالمناسبة، في اليوم ذاته الذي خضعت فيه لمساءلة شرطة أوتار براديش لتغريداتي، تلقيت استدعاءات من عدة وكالات حكومية مركزية تطلب مني الرد في غضون أسبوع. عندما قرأت الاستدعاء لمحاميتي، فريندا غروفر، سألتني عن ما إذا كنت متفاجئة. طلب مني أحد الاستدعاءات تحديد أولئك الذين استفادوا من عملي الإغاثي".
اقرأ أيضا: المغول والإمبراطور أكبر: نشأة الإسلام في الهند
وأوردت في مقالها: "الوقاحة لا لبس فيها. ففي الوقت الذي يجب علي فيه أن أكتب التقارير حول تعمد تقليل أعداد المتوفين بالمرض، والبطالة في البلاد، واستعدادنا للموجة الثالثة من كوفيد-19 مع الاستمرار في تقديم المساعدة للعائلات في الهند من خلال عملي الإغاثي، أنا مضطرة للعمل مع مجموعة من المحامين لخوض القضايا القانونية والاستدعاءات التي وصلتني".
وأكدت أن "هذه ليست الطرق الوحيدة التي أتعرض بها للمضايقة. خصصت المنشورات اليمينية المتطرفة، التي تحظى بعدد هائل من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي وتدين بالولاء للحكومة، معظم مواردها في الأسابيع الثلاثة الماضية لشن حملة إخبارية مزيفة منسقة ضدي لتشويه سمعتي كصحفية. كل هذا سخيف، لكنه خطير أيضا. وصفت Op India، وهي مطبوعة دعائية يمينية، حديثا أجريته مع الطلاب في مجلة Harvard Political Review بأنها وسيلة لتوسيع الدعاية الصينية".
وقالت: "لا أستطيع أن أكون صحفية؛ نحن الآن أعداء للدولة. يجب أن أبقى بعيدة عن الأنظار وأختبئ وأغلق هاتفي.. كل ذلك في محاولة لحماية نفسي من نظام انتقامي. حتى إنني اضطررت للكذب على والدي، الذي عانى من خفقان شديد أثناء مشاهدة صورتي على القنوات الإخبارية التي تذكر أنني قد حصلت على إطلاق سراح بكفالة من محكمة مومباي العليا. بينما قمت بتأمين الكفالة الاستباقية لمدة أربعة أسابيع يوم الاثنين الماضي، لا أعرف ما الذي ينتظرني".
وروت: "قيل لي مؤخرا أن الصحفي صديق كابان، الذي اعتقلته شرطة أوتار براديش في تشرين الأول/ أكتوبر، فقد والدته - التي كانت أمنيتها الأخيرة هي رؤية ابنها. تم اعتقال كابان بتهمة إثارة الفتنة بسبب الإبلاغ عن اغتصاب جماعي لامرأة من الداليت. فأتساءل: هل سأواجه أنا والصحفيين الآخرين الذين خضعوا لمساءلة الشرطة مصيرا مشابها؟".
وختمت بالقول: "أتمنى أن أسأل مودي - الرجل الذي يدعي تعزيز ’حرية التعبير‘، ولكنه لم يعقد مؤتمرا صحفيا واحدا منذ سنوات - عن ما إذا كانت الصحافة الآن جريمة في الهند".
تايم: فصل جديد من التضييق على حرية التعبير في الهند
لماذا سمح فيسبوك لهندوس متطرفين بنشر الكراهية ضد المسلمين