صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، في بيروت،
كتاب "أكثر من حُب:
رسائل محمود شقير وحزامة حبايب"، في تجربة فريدة من نوعها في
أدب الرسائل في الوطن العربي، بين كاتب وكاتبة، واجديْن من خلال عشرات الرسائل التي تبادلاها خلال العشرية الأولى من القرن الحالي، مساحةً دافئةً للبوح وتبادل المشاعر والأفكار واستكشاف عوالم الكتابة والشغف، معبِّريْن عن مخاوفهما وقلقهما وهشاشتهما من دون تحفظ أو خجل وبعيداً عن أي تكلّف، ناسجيْن على مدى سنوات صداقةً عميقة تخطت حواجز الجغرافيا، وشكلت ملاذاً لكل منهما في وحشته.
وقد طُويت هذه الرسائل في عتمة الذاكرة، قبل أن يعيد شقير وحبايب اكتشافها مؤخراً، مشاركين قرّاءهما في مختلف أنحاء الوطن العربي حالةً استثنائية من الصداقة بين رجل وامرأة، كلاهما صوتان إبداعيان متفرِّدان في الأدب
الفلسطيني، لتشكل هذه الرسائل في ثرائها ونقائها واحدةً من أجمل صور الحب.
من أجواء الرسائل المتبادلة بين الأديبين نقرأ:
"العزيزة حزامة
أعيش هذه الأيام منقطعاً للكتابة، ولا أجد لي هدفاً باقياً في الحياة سواها. لذلك، لا أغادر البيت إلا قليلاً وللضرورات القصوى، وأبقى بقية الوقت في البيت، أقرأ وأكتب، وأخطط لمشاريع إبداعية قادمة. والآن، ما زلت أشتغل على مخطوطتين سبق أن كتبت لك حولهما: مخطوطة روائية للفتيات والفتيان، ومخطوطة عن أحبائي الذين ماتوا: شقيقتي أمينة، سليمان النجاب، بشير البرغوثي، ومؤنس الرزاز.
صحتي لا بأس بها، وأحياناً يعتريني يأس خفيف من جدوى كل ما أفعله، خصوصاً حينما أرى التفاهة تستبد بكل شيء من حولنا، لكنني أسارع على الفور إلى محاصرة هذا اليأس وإقصائه بعيداً، إذ يكفي وجود قلة من الناس الصادقين لكي يستأنف المرء دوره دون تردد في الحياة".
"الصديق الجميل محمود
أتمنى يا عزيزي أن تصحو ذات نهار لتخبرك الشمس، التي تطرق نوافذك عبر خبز الناس وضجيج الحياة، أن اليوم يوم جديد، كما ينبغي للجدّة أن تكون. أتعرف يا صديقي.. العزلة جميلة، وفي أحيان كثيرة ممتعة وخلاقة. إنها تجعلك ترى ذاتك وتتلمس مشاعرك وتعي أشواقك بوضوح صريح، حتى وإن كان ذلك مؤلماً. وفي النهاية لا تطالبك بشيء.
من قال إن "جنة بلا ناس ما بتنداس"؟ ألا يحدث وأن يكون الناس جحيم أيامنا الذين يصلوننا بنارهم؟! في العزلة أنت بشع، دون أن يحاسبك أحد، في العزلة أنت جميل دون أن يسعى أحد إلى تشويهك، في العزلة أنت مغامر وشقي دون أن يردعك أحد، في العزلة أنت مجنون دون أن يصنفك أحد، في العزلة أنت ضعيف وهش دون أن يستغلك أحد".
ومحمود شقير قاص وروائي فلسطيني، من مواليد القدس، حائز على جائزة فلسطين في الآداب في العام 2019. وهو أحد أبرز رواد القصة القصيرة في فلسطين، ورائد القصة القصيرة جداً في الوطن العربي. لديه أكثر من 70 إصداراً أدبياً في القصة القصيرة بكل أنواعها والرواية وأدب الرحلة، إلى جانب مسيرته الطويلة في العمل الصحافي وفي الصحافة الثقافية. نال جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصة القصيرة في العام 1991، وجائزة محمود درويش للحرية والإبداع في العام 2011، وجائزة القدس للثقافة والإبداع في العام 2015، كما وصلت روايته "مديح لنساء العائلة" القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في العام 2016.
أما حزامة حبايب فهي روائية وقاصة فلسطينية، من مواليد الكويت؛ حائزة على جائزة نجيب محفوظ في الأدب عن روايتها "مخمل" في العام 2017. وتعد حبايب من أبرز كتاب القصة القصيرة في فلسطين والأردن في تسعينيات القرن الماضي. وتضم سيرتها الأدبية ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية ومجموعتين شعريتين، إلى جانب مئات المقالات والنصوص الإبداعية. وقد نالت جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصة القصيرة في العام 1994، وجائزة مهرجان القدس للإبداع الشبابي في العام 1993.
يقع "أكثر من حب: رسائل محمود شقير وحزامة حبايب" في 256 صفحة، وصممت الغلاف رشا حلّاب.