كشفت زعامات سياسية سنية في العراق عن عودة قريبة لأهالي منطقة جرف الصخر، والتي تعتبر من أعقد الملفات وأكثرها حساسية في البلد، ذلك لأن مليشيات موالية لإيران سيطرت عليها منذ 7 سنوات، وتمنع وصول أي جهة حكومية إليها بما في ذلك رئيس الوزراء، بحسب سياسيين.
المنطقة الاستراتيجية التي تربط بين المحافظات الغربية والوسطى والجنوبية، تناولتها وسائل إعلام محلية وعالمية بكثرة، حيث ذكرت أن المليشيات حولتها إلى منطقة لتخزين صواريخ إيران بعيدة المدى، ومنطلقا للطائرات المسيرة، وتحتوي كذلك على سجون سرية لآلاف المغيبين السُنة.
تفاصيل الاتفاق
وفي تصريح غابت عنه التفاصيل، أعلن زعيم تحالف "عزم" السياسي العراقي خميس الخنجر على حسابه في "تويتر"، الأحد، أنه "خلال أيام قليلة سيعود أهالي جرف الصخر إلى بيوتهم آمنين مطمئنين بإذن الله".
وأضاف الخنجر أن ذلك جاء "بجهود خيرة من إخوة وأصدقاء وقفوا معنا في إنصاف آلاف العوائل المظلومة، ليعود أهل جرف الصخر إلى ديارهم ومكانتهم في بناء العراق، وليكونوا شركاء حقيقيين في صناعة الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف".
وبخصوص تفاصيل الاتفاق قال القيادي بالتحالف، محمد نوري عبد ربه، في حديث لـ"عربي21" إن "موضوع عودة نازحي جرف الصخر ليس وليد اللحظة، إذ سبقه عمل استمر لمدة تجاوزت العام، وإن الجهات التي تسيطر على المنطقة اقتنعت بضرورة إعادة الأهالي".
وأوضح عبد ربه أن "تحالف عزم أجرى محادثات طويلة مع أطراف داخلية وخارجية لها صلة بموضوع جرف الصخر، وتكللت هذه المحادثات بتقديم وعد لإعادة أهالي المنطقة بعد تدقيقهم أمنيا، وذلك سيبدأ بعد أيام".
وأكد السياسي العراقي أن "هذه الخطوة كانت صعبة في البداية، لكن الجهود التي بذلها الخنجر وأطراف لها دور في الداخل والخارج استطاعت حلحلة الموضوع للوصول إلى هذه النتيجة".
وتابع: "حاليا يجري العمل مع الأطراف المسيطرة على المنطقة وأخرى قريبة منهم، وأن الحكومة حتى اللحظة لا تزال بعيدة، لكنها ستدخل على الخط أثناء عمليات التدقيق وإعادة الإعمار، وسيكون لها دور بارز".
ولفت عبد ربه إلى أن "زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بغداد ولقاءه بالخنجر كان لها دور في موضوع إعادة نازحي جرف الصخر، ولدينا ثقة بالأطراف الداخلية التي جرى التفاهم معها للإيفاء بوعدهم، وإعادة الأهالي بشكل تدريجي".
وكان وزير الخارجية الإيراني قد زار العراق في 26 نيسان/ أبريل الماضي، والتقى في بغداد بزعيم تحالف "عزم" خميس الخنجر، إذ دعا الأخير إلى ضرورة حل "الأزمة الكبيرة التي يواجهها عشرات الآلاف من أهالي جرف الصخر ومحافظة صلاح الدين وديالى".
وأشار عبد ربه إلى وجود "نية صادقة من جميع الأطراف وهي محاولة لإعادة النازحين، ولا يمكن أخذها من باب سياسي لاستثمارها انتخابيا، وإنما الموضوع إنساني بحت، وإذا نجحت جهود إعادة نازحي جرف الصخر، فستكون خطوة أولى لإنهاء ملف النزوح في البلد".
ونوه إلى أن "ملف جرف الصخر من أعقد الملفات في البلد التي تتعلق بالنازحين، وإذا جرت تسويته فإن باقي الملفات التي تخص نازحي باقي المناطق ستكون أسهل، وربما تنتهي أزمة النزوح في البلد بعدها".
"محمية إيرانية"
وفي المقابل، رأى الناشط السياسي، فلاح العبد الله -وهو أحد سكان جرف الصخر المهجّرين- في حديث لـ"عربي21" أنه "إذا كانت هناك رجعه قريبة كما صرح بعض السياسيين، فلا بد أن يرى الأهالي بوادر لذلك مثل التدقيق الأمني أو غيره، وحتى اللحظة لا يوجد أي شيء".
وأضاف العبد الله أن "التساؤل السائد عند أهالي جرف الصخر: هل فعلا سنرجع أم إن الموضوع دعاية انتخابية؟"، لافتا إلى أن "المعلومات التي وردت إليّ أن الخنجر ربما يزور جرف الصخر خلال أيام بالتنسيق مع القوة الماسكة للأرض".
وأوضح الناشط العراقي أن "ما نخشاه أن يكون الأمر فيه تلاعب سياسي، قد يكون تحالف الخنجر أحد ضحاياه قبل الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، لأن أي نكث بالوعد فإن الأخير سيتلقى معه ضربة كبيرة، أما إذا حصلت العودة فالأمر سيكون إيجابيا لتحالف عزم".
وأردف: "في ظل المعطيات الحالية على أرض الواقع واستمرار التصعيد بين المليشيات الموالية لإيران ضد التواجد الأمريكي، فإن موضوع إعادة نازحي جرف الصخر قد يمثل تحديا كبيرا للأطراف التي وعدت بإعادتهم، وأقصد بذلك المليشيات الولائية".
وأوضح العبد لله أن "أهالي منطقة جرف الصخر يعرفون أنها تحولت إلى محمية إيرانية، فيها معسكرات لتدريب المليشيات وكذلك مصانع للصواريخ، وقاعدة لانطلاق الطائرات المسيرة، وكذلك يتواجد فيها ضباط من الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حزب الله اللبناني".
وخلال مقابلة تلفزيونية في 16 نيسان/ أبريل الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، إن "جرف الصخر أصبحت منطقة مستقلة فيها مصانع بعد تهجير 60 ألف عائلة من أهالي المنطقة".
وأضاف أن "أبا مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي السابق، قال لي إنه لن يعيد جرف الصخر لأي أحد. وأبلغني أيضا بأنهم الآن يصنعون فيها طائرات مسيرة ولديهم مصانع لذلك".
وكشف علاوي أن "المهندس نصح شيخ عشيرة الجنابيين في جرف الصخر النائب السابق عدنان الجنابي، بأن يذهب إلى إيران لحل موضوع المنطقة، وعندما ذهب الأخير أبلغه المسؤولون في طهران بأن موضوعها عند حزب الله اللبناني، وبعدما ذهب إلى لبنان لم يحصل أي شيء".
لماذا أفرج القضاء العراقي عن قائد بالحشد رغم "أدلة تثبت إدانته"؟
إيران تلملم حلفاءها بالعراق لإجهاض تقارب الصدر والبارزاني
وثائق تكشف استغفال فرنسا لصدام حسين بشأن المفاعل النووي