قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ اليونان تستخدم تقنيات رقمية خطيرة وتمييزية، ممولة من الاتحاد الأوروبي، لتحديد أماكن طالبي اللجوء وردعهم عن العبور إلى دول الاتحاد.
وذكر المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان صحفي اليوم الخميس أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، أنّ الشرطة اليونانية على الحدود التركية بدأت باستخدام أجهزة صوتية بعيدة المدى، أو "مدافع صوت"، مثبّتة على مركبات مدرعة لإبعاد الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من صغر حجمها، إلا أن هذه الأجهزة تصدر أصواتًا مرتفعة جدًا، ويمكن لموجاتها الصوتية القوية أن تسبّب ألمًا وصدمة كبيرة لجسم الإنسان، ومشاكل صحية خطيرة قد تصل إلى الصمم.
وأكّد الأورومتوسطي أنّ إبعاد المهاجرين وطالبي اللجوء دون منحهم الفرصة لتقديم طلب لجوء أمر غير قانوني بموجب القانونين الأوروبي والدولي.
وتشكل "المدافع الصوتية" الخطيرة جزءًا من مجموعة ضخمة من الحواجز الرقمية التجريبية التي يمولها الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد ويتم توظيفها في العديد من الدول الأعضاء لوقف أو صد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يحاولون الوصول إلى الأراضي الأوروبية.
وبيّن الأورومتوسطي أنّ الاتحاد الأوروبي يؤسس "قلعة رقمية" لصد طالبي اللجوء، وتشمل هذه القلعة أجهزة مسح ضوئي لعروق راحة اليد. كما تستخدم دول الاتحاد التصوير الحي باستخدام
تقنية "إعادة البناء"، التي يمكنها محو أوراق الشجر تقريبًا، ما يعرض طالبي اللجوء المختبئين في الغابات بالقرب من المناطق الحدودية للخطر.
من جانبه، وصف النائب في البرلمان الأوروبي "باتريك براير" تقنية "مدافع الصوت" بـ"حقل اختبار للتقنيات التي سيتم استخدامها لاحقًا على الأوروبيين أيضًا"، إذ يمكن استخدام هذا النظام كوسيلة للسيطرة على الحشود في أعمال الشغب والاحتجاجات، ويمكن استخدام موجاته الصوتية القوية لإلحاق الضرر بالحياة البرية في الأماكن الاستراتيجية مثل مدارج المطارات ومنصات الغاز والنفط، والمنشآت الصناعية.
وكعنصر آخر في "القلعة الرقمية"، تم بناء جدار معدني على طول نهر "إيفروس" الذي يفصل اليونان عن تركيا لسد نقاط عبور طالبي اللجوء والمهاجرين، بالإضافة إلى تكثيف الدوريات النهرية والبرية، وإنشاء أبراج
مراقبة جديدة مزودة بكاميرات بعيدة المدى، وكشافات، ومعدات رؤية ليلية، وأجهزة استشعار متعددة.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الاستراتيجية الأوروبية العدوانية تجاه الهجرة ليست جديدة، إذ تصاعدت عمليات رقمنة الحدود الخارجية الأوروبية بشكل مطرد منذ تفاقم ما يسمى "أزمة اللاجئين" عام 2015. ومنذ ذلك الحين، ضخ الاتحاد الأوروبي 3 مليارات يورو لصالح التكنولوجيا الأمنية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّه على مدار السنوات الخمس الماضية، وقع مسؤولو الاتحاد الأوروبي عدة صفقات مع دول ثالثة في البحر الأبيض المتوسط لوقف حركة المهاجرين وطالبي اللجوء حتى في ظروف غير إنسانية ومهينة، وأشركوا "الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل" (فرونتكس)، بعمليات غير قانونية تنتهك حقوق الإنسان.
وقالت الباحثة في شؤون الهجرة في المرصد الأورومتوسطي "ميشيلا بولييزي" إنّ "التقنيات عالية الخطورة هي الأسلحة الجديدة التي تستخدمها حكومات الاتحاد الأوروبي للتظاهر بأنها حازمة وفعالة وقوية في سيطرتها على الحدود وإدارة تدفقات الهجرة".
وأضافت "بولييزي" أنّ أموال الاتحاد الأوروبي تُنفق على تقنيات تجريبية مزعجة تجرّم المهاجرين وتلاحقهم على أنهم لصوص، وتطاردهم كحيوانات على الحدود، بدلاً من تعزيز الطرق الآمنة والقانونية لعمليات اللجوء والاندماج".
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليونان وأوروبا إلى تبني وتعزيز نهج المساواة وعدم التمييز القائم على حقوق الإنسان لدى استخدام تقنيات الحدود الرقمية، بما في ذلك تقييمات الأثر على حقوق الإنسان كشرط مسبق لنشرها، بما يتماشى مع المعايير الدولية؛ لضمان حق الأشخاص في طلب اللجوء، كما هو منصوص عليه في المادة (18) من ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية.
وحث المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي على احترام المادة (19) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي التي تحظر الترحيل الجماعي؛ والالتزام بالمادة (4) من الميثاق، والتي تحظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.