يتهدد خطر التهجير 500 فلسطيني يقطنون في 28 منزلا بحي "الشيخ جراح" بالقدس المحتلة، مع تكثيف مجموعات استيطانية عملها المستمر منذ سنوات لانتزاع المنطقة، بالتواطؤ مع محاكم الاحتلال.
وتسلط "عربي21" تاليا الضوء على أهمية حي الشيخ جراح، وعلى خطط الاحتلال الإسرائيلي المحتملة، التي تدفعه إلى التركيز على انتزاع هذه البقعة تحديدا من سكانها المقدسيين.
وبالنظر إلى موقع الحي، فإن مساعي الاحتلال ومستوطنيه تأتي في إطار العمل على فصل القدس القديمة عن امتدادها الشمالي، عبر حزام استيطاني يصل الجامعة العبرية بما يعرف بـ"القدس الغربية".
وتظهر الخرائط التالية موقع حي الشيخ جراح وحدوده، وفكرة الربط بين الجامعة العربية و"القدس الغربية"، في سياق العمل المستمر على تهويد المدينة الفلسطينية المحتلة.
وتقف منازل خمس عائلات فلسطينية تحديدا حجر عثرة أمام مخطط لبناء وحدات استيطانية بموجب "خطة الضم"، تشمل 13 كتلة في حي الشيخ جراح.
اقرأ أيضا: محكمة للاحتلال تؤجل قرارا بالاستيلاء على بيوت "الشيخ جراح"
ويشير مصطلح "كتلة استيطانية" إلى مجموعات فضفاضة من المستوطنات تكون عادة على طول الخط الأخضر أو جدار الفصل، وهو مصطلح ليس له تعريف قانوني أو رسمي، لذلك فإن معناه مرن ويتوسع باستمرار، وهنا الخطورة.
ويعتبر فلسطينيون أن ما يواجهونه "نكبة ثالثة" تهددهم في حي الشيخ جراح المقدسي، الذي أُنشئ عام 1956 بناء على اتفاقية وقّعت بين الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة الإنشاء والتعمير الأردنية آنذاك، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مع 28 عائلة فلسطينية لاجئة، بغرض توطينهم بعد أن هُجروا من أراضيهم الواقعة في الداخل المحتل عام 1948 إبان النكبة، وذلك مقابل نزع صفة اللجوء عنهم وحرمانهم من حق العودة وسحب ما يعرف بـ"بطاقات التموين" منهم.
البند الأهم من ضمن بنود هذه الاتفاقية حينها، وهو البند رقم 11، قضى بأنه بعد مرور 3 سنوات من سكن هذه العائلات اللاجئة في حي الشيخ جراح، فستصبح ملكية البيوت التي سكنوها لهم، على أن تدفع العائلات أجرة رمزية لحين إتمام البناء وتسجيل الملكية بأسمائهم.
لكن ذلك لم يحدث أبداً، ومنذ ذلك الحين يقارع أهالي الحي الجمعيات الاستيطانية في حارتهم وبيوتهم ومحاكم الاحتلال.
ولطالما شكلت الأحياء الشعبية في القدس المحتلة ساحات تنطلق منها الانتفاضات ضد الاحتلال، فيما تعاني اليوم من حصار بالمستوطنات والمناطق العسكرية المغلقة، فضلا عن مساعي "إسرائيل" القضاء على الدلالات السياسية للأحياء التي ارتبط وجودها بـ"أونروا"، وخاصة حي الشيخ جراح.
المقدسي نبيل الكرد، أحد سكان حي الشيخ جراح والمهدد بالتهجير القسري مع عائلته في مطلع أيار/ مايو، صرح لوسائل إعلامية بأنه "عقب النكسة (حرب عام 1967) التي استولت فيها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على غرب منطقة القدس، تفاجأ السكان بسرقة الاحتلال لأول بيت في حي الشيخ جراح في فترة غياب ساكنيه عنه، وتحويله إلى مكتب لإدارة شؤون مغارة الصدّيق شمعون المزعومة في الحي".
"الكرد" شدد على أن المخطط استمر في العام 1972، حين ادّعت جمعيات استيطانية ملكيتها لأراضي حي الشيخ جراح، وبدأت برفع القضايا على سكان الحي، الذين توجهوا حينها إلى الدائرة القانونية في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، واستطاعوا تجميد القضية لسنوات قليلة.
وأضاف الكرد أنه "في العام 2001، تمت محاولة رشوتي بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي على يد وزير صهيوني جاء إلى بيتي خصيصاً مقابل إقناعي بالإخلاء والترحيل، ولم أقبل. أردت أن أضربه لكن أختي حالت دون ذلك".
الدور الأردني
وفي عام 1956، قامت المملكة الأردنية، التي كانت آنذاك تحكم القدس المحتلة، ببناء منازل للعائلات الفلسطينية في الشيخ جراح بالتنسيق مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وانتقلت الكرد والعائلات الأخرى إلى المنازل بعد ثلاث سنوات.
وبعد حرب عام 1967، احتلت إسرائيل الجزء الشرقي من مدينة القدس. وقدم المستوطنون الإسرائيليون دعوى قضائية في عام 1972، مدعين ملكية الأراضي في منطقة كرم الجاعوني في الشيخ جراح، حيث تعيش الكرد.
وزعم المستوطنون، خلال القضية، أنهم يملكون وثائق ملكية قديمة تعود لأجدادهم، تفيد بأنهم اشتروا 19 دونما من الأراضي في عام 1885، مطالبين بالأرض بموجب قانون أقره الاحتلال الإسرائيلي عام 1970.
وفي 14 تموز/ يوليو 2008، حكمت المحكمة العليا الإسرائيلية لصالح المستوطنين بإخلاء عدة عائلات فلسطينية منازلها في منطقة كرم الجاعوني في حي الشيخ جراح.
وقال الأردن، الثلاثاء، إنه زود السفارة الفلسطينية في عمان بوثائق خاصة بتأجير وحدات سكنية لعدد من أهالي حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وإنّ عملية البحث مستمرة لوثائق تعود إلى أكثر من ستين عاما.
وأكدت وزارة الخارجية الأردنية أنه جرت وعلى مدى سنوات عملية بحث دقيقة ومطولة في سجلات الدوائر الرسمية الأردنية للوثائق التي تبيّن قيام وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية سابقا بإبرام عقود تأجير وحدات سكنية لعدد من أهالي الشيخ جراح في العام 1956، وفق وكالة الأنباء الأردنية "بترا".
وأوضحت الوزارة على لسان الناطق الرسمي السفير ضيف الله الفايز، أنه جرى في العام 2019 وفي هذا العام تسليم السفارة الفلسطينية في عمان -بناءً على طلب من الجانب الفلسطيني- نسخا مصدقة من كافة الوثائق التي تم العثور عليها، وهي عبارة عن عقود إيجار ومراسلات وسجلات وكشوفات بأسماء المستأجرين، وكذلك تم تسليم السفارة نسخة مصدقة من الاتفاقية بين وزارة الإنشاء والتعمير ووكالة الأونروا عام 1954، وأنّ عملية البحث مستمرة لوثائق تعود لأكثر من ستين عاما.
وكان طالب أهالي حي الشيخ جراح، في رسالة، الحكومة الأردنية بتوفير المستندات والأوراق الخاصة باتفاقية عام 1956 التي وقعت بين الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة الإنشاء والتعمير، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين، والتي نصت على توفير المسكن لـ28 عائلة لاجئة في حي الشيخ جراح، مقابل تخلي العائلات عن بطاقة الإغاثة، وكان من شروطه دفع أجرة رمزية، على أن يتم تفويض الملكية للسكن بعد 3 سنوات، لكن ذلك لم يتم.
"صفقة الموارثة".. خطة استيطانية لسلب منازل "الشيخ جراح"
حديث عراقي عن استيراد الغاز من مصر.. ما مدى واقعيته؟
خبراء إسرائيليون يناقشون تحديات إغلاق قناة السويس