نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على التطورات التي طرأت على العلاقة بين السعودية وإيران، عقب إظهار ولي العهد السعودي رغبته في التقارب بين الدولتين.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه من خلال استباق التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران، يؤيد ولي العهد السعودي إجراء محادثات سرية في العراق مع طهران. لقد أدرك ولي العهد السعودي أن الوضع قد تغيّر في الشرق الأوسط، وها هو يمد يده لإيران راغبا في أن تكون له "علاقة جيدة" مع ألد خصم للسعودية في الشرق الأوسط.
منذ انتخاب جو بايدن، لم يعد الاهتمام مركزا على المواجهة مع طهران، وإنما على مفاوضات فيينا بشأن العودة إلى الاتفاقية النووية الدولية لعام 2015، وعلى نطاق أوسع، على التفاهم مع الجمهورية الإسلامية. وفي الواقع، يرغب الرئيس الأمريكي الجديد، الذي ينوي عدم التواصل مع محمد بن سلمان شخصيا، بعد أن اعتبرته وكالة المخابرات المركزية مسؤولاً عن اغتيال المعارض جمال خاشقجي في 2018، (دون أن يقطع علاقته معه) في حدوث مثل هذا التفاهم.
ذكرت الصحيفة أن محمد بن سلمان أعلن مساء يوم الثلاثاء، في مقابلة مطولة مع صحفي سعودي في قناة تلفزيونية محلية، أن "إيران دولة مجاورة وكل ما نتمناه هو (أن تكون لدينا) علاقة جيدة ومميزة معها. لا نريد مشاكل مع إيران. على العكس من ذلك، نريد أن تنمو البلاد (..) وتقود المنطقة إلى الازدهار".
وهذه التصريحات تصالحية بعد فترة طويلة من التهديدات التي أطلقها حتى الآن ولي العهد السعودي ضد "مخططات زعزعة الاستقرار" لإيران التي اعتبرها "الراعي الرئيسي للإرهاب" في الشرق الأوسط.
مع ذلك، لم يتغير شيء في سلوك طهران أو حلفائها في الشرق الأوسط، وهو ما لاحظته السعودية مرة أخرى يوم الثلاثاء عند استهداف طائرات دون طيار قاعدة عسكرية في جنوب المملكة من قبل المتمردين اليمنيين الحوثيين، حلفاء إيران في المنطقة. ولكن تغير المشهد بالفعل سرا.
لقاء جديد في بغداد
أوردت الصحيفة أنه عُقدت في آذار/ مارس محادثات سرية إيرانية سعودية في بغداد، عاصمة دولة حريصة على الظهور كوسيط بين جارتيها. ونفت الرياض وطهران هذا الأمر، بينما أكّده مسؤول عراقي لصحيفة "لوفيغارو".
وقال المسؤول إن "نائب علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، التقى برئيس الاستخبارات السعودية خالد بن علي الحميدان".
وأضاف المصدر ذاته أنه "سيُعقد اجتماع جديد قريبًا، لكن هذه المرة بمشاركة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. السعوديون هم من أرادوا هذه اللقاءات. اقترحوا باكستان لكن إيران رفضت. وعندما اقترحت السعودية العراق قبلت طهران، لأن لها نفوذا حقيقيا هناك".
ووفقًا للمصدر نفسه، فإن رئيس المخابرات الإماراتية، الحليف الرئيسي للسعودية ومن بين الدول التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كان في الآونة الأخيرة في إيران.
أشارت الصحيفة إلى أنه لا يمكن نفي الخلافات بين المملكة العربية السعودية، التي تعتبر مدافعة عن الإسلام السني، وإيران المتحدثة باسم الأقلية الشيعية في كل من اليمن أو سوريا أو لبنان.
وتعتقد الولايات المتحدة (خاصة خلال إدارة ترامب) وإسرائيل والسعودية أن إيران تستخدم حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية العراقية للرد على أعدائها، عبر الهجمات بالطائرات من دون طيار والصواريخ المتطورة. وهذا أكثر ما يثير قلق السعودية.
اقرأ أيضا : وزير خارجية قطر: نؤيد دعوة ابن سلمان للحوار مع إيران
ويوم الثلاثاء الماضي، قال محمد بن سلمان إن الرياض تعمل مع شركاء إقليميين ودوليين لإيجاد حلول "لسلوك إيران السلبي".
وذكرت الصحيفة أن الإمارات، التي تربطها علاقات تجارية وثيقة مع طهران، تأبى إقحام نفسها في صراع مع إيران.
وفي بغداد، تدعم الولايات المتحدة والصين الاتصالات السعودية الإيرانية التي تُجرى سرًا. من جهتها، تعد الصين الشريك التجاري الرئيسي لإيران والسعودية.
وحسب المسؤول العراقي فإنّ "محمد بن سلمان قلق لأنه حاليًا في مرمى نيران جو بايدن، الذي يريد إضعافه وربما يشكك في توليه العرش بعد وفاة والده الملك سلمان. كما أنّ السعوديين يعتقدون أنّ التقدم في المنطقة - بما في ذلك مبادرة طريق الحرير الصينية - لا يمكن أن ينجح إذا لم تجتمع ضفتا الخليج".
وفي الواقع، سيستغرق التوصل إلى اتفاق بين الإخوة الأعداء المزيد من الاجتماعات على جانبي الخليج العربي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ المحادثات السعودية الإيرانية في بغداد تعنى بمسألتين. أوّلا، الحرب في اليمن والتهديد الذي تشكله الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران.
وفي هذا الصدد، قال نفس المسؤول العراقي إن "إنهاء الصراع الذي أشعله محمد بن سلمان في اليمن هو أولوية للرياض".
ثانيًا، المليشيات الموالية لإيران التي تطلق الصواريخ وتشن هجمات بالطائرات من دون طيار من جنوب العراق تستهدف السعودية. بالنسبة لإيران، يرى نفس المصدر أن "النظام محاصر بالعقوبات ويحتاج إلى سياسة واقعية".
مضاوي الرشيد: مقابلة ابن سلمان تكشف عن وعود فارغة
الغارديان: شريك الرياض بقضية نيوكاسل مانح رئيسي للمحافظين
بعد لقاء بغداد.. هل وجدت الرياض بديلا للتحالف مع إسرائيل؟