نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده نيل مونشي وديفيد فيليب قالا فيه إن موت قائد "محارب" في قلب المعركة ضد مسلحين "متطرفين" ينذر بفترة غامضة في منطقة الساحل الأفريقي.
وأوضح تقرير الصحيفة البريطانية، الذي ترجمته "عربي21"، أن إدريس ديبي إتنو توفي متأثرا بجراحه في الوقت الذي أنهت فيه لجنة الانتخابات التشادية الإعلان عن فوزه بفترة أخرى.
وكان ديبي بعيدا عن العاصمة نجامينا مئات الأميال في معركة مع قافلة من المتمردين التي اجتاحت البلاد من جنوب ليبيا.
واعتبرت الصحيفة أن رحيل "رجل نجامينا القوي" هو لحظة نادرة يقتل فيها رئيس دولة في معركة، مشيرة إلى أن ما حدث يفتح ثغرة في معركة فرنسا ضد من تصفهم بـ"الجهاديين" ويخرج من المعادلة واحدا من أعظم حلفاء الغرب في "الكفاح ضد المتشددين ويترك التشاديين عالقين وسط صراع على السلطة".
وبعد ثلاثة عقود من حكمه الوحشي القاسي، كما وصفته الصحيفة، فإن "الرحيل المفاجئ للرئيس إدريس ديبي ترك تشاد في حالة من الغموض السياسي والأمني والاجتماعي" كما قال كيلما ماناتوما الباحث التشادي في جامعة باريس- نانتير.
ويعتبر الجيش التشادي الأهم الذي يقاتل إلى جانب خمسة آلاف جندي فرنسي في عملية "باركان" ضد حركة "بوكو حرام"، متفوقا على الجيش النيجري الذي يعاني من سوء تسليح.
وقال جي بيتر فام، الذي عمل مبعوثا لمنطقة الساحل في إدارة دونالد ترامب: "في غيابه، لم تكن هناك عملية انتقالية سلسة وأصبح التمرد خطيرا وحرف نظر تشاد ولم تعد ضمن المعادلة فالتداعيات على الساحل وحتى نيجيريا ستكون خطيرة جدا".
اقرأ أيضا: التايمز: متمردو تشاد دربتهم "فاغنر" وقاتلوا مع حفتر
وأشارت الصحيفة إلى الظروف الغامضة لمقتل ديبي، وتعيين ابنه البالغ من العمر 37 عاما زعيما انتقاليا مما دعا بعض المراقبين للتكهن أن السخط داخل الجيش وقبيلته الحاكمة وصل أخيرا إلى ذروته.
ولكن لم يكن مفاجئا أن سافر ديبي في يوم الإعلان عن نتائج الإنتخابات مئات الكيلو مترات لجبهة القتال ضد جبهة التغيير والوفاق في تشاد التي اتخذت من ليبيا مركزا لها، وهو ما دعا كاميرون هدسون، الخبير في المجلس الأطلنطي لوصفه بـ "الجنون" وقال: "هذا يتناسب مع طريقته في العمل وشخصيته. فقد كان قائدا ميدانيا وهنا يجد موقعه الطبيعي.. وفي محاولات الإنقلاب السابقة كان يذهب إلى جبهات القتال ويوجه الهجمات بنفسه. وكان مخططا عسكريا في كل الأحيان ولهذا أعجبت به واشنطن وباريس كثيرا".
وقال الجنرال ستيفن تاونسند، قائد القيادة المركزية الأفريقية، في شهادة أمام الكونغرس، إن القوات التشادية بدعم فرنسي واجهت قافلة للمتمردين بمئات العربات والتي بدت وكأنها تنسحب، وعندها أصيب ديبي، ومعظم المتمردين هم من الضباط التشاديين السابقين.
وتتساءل الصحيفة عن سوء الحسابات الفرنسية، فقد كان هذا أحد تدخلاتها نيابة عن ديبي الذي واجه منذ سيطرته على السلطة عام 1990 سلسلة من المحاولات الانقلابية والانتفاضات.
ووصفه الرئيس إيمانويل ماكرون بـ "الصديق الشجاع" فيما دافع وزير الخارجية الفرنسي عن حل البرلمان وتعيين مجلس عسكري بالتحرك الضروري وباسم "الاستقرار" برغم شجب المعارضة وجنرال قال إنه يتحدث باسم عدد كبير من الضباط.
وقال دبلوماسي بالمنطقة إن الدولة الاستعمارية السابقة أخطأت التقدير عندما اعتمدت كثيرا على شخص واحد.
وقال إن "تشاد وجيشها وجهازها الأمني بشكل عام كانت دائما العمود الفقري لتحالف الجيش الفرنسي في الساحل، وبات العمود الفقري الآن في وضع خطير".
ومع أن محمد إدريس ديبي المعروف بكاكا، وقائد وحدة نخبة تم إعداده لقيادة تشاد لكن "لا أحد في النظام التشادي سواء كان ابنه أو ابن أخيه قادر على قيادة البلد مثلما فعل ديبي" حسبما قال دبلوماسي فرنسي على اطلاع بسياسة فرنسا في أفريقيا.
وقالت الصحيفة إن علاقة المتمردين التشاديين غير المباشرة مع الجنرال الليبي المنبوذ خليفة حفتر والذي فشل بالإطاحة بالحكومة السابقة في طرابلس يعقد الأمور أكثر. ويعتقد أنه استخدم المرتزقة التشاديين لتأمين قاعدة جوية.
وحصل حفتر على دعم من باريس ومن الإمارات وروسيا المنافس الرئيس لفرنسا في جمهورية أفريقيا الوسطى. ويشير الدعم الروسي غير المباشر للمتمردين إلى إمكانية وجود حرب بالوكالة.
ويقول جيروم توبيانا الباحث المتخصص بتشاد: "تخسر فرنسا جمهورية أفريقيا الوسطى وتقوم روسيا بالتحرك ضد المصالح الفرنسية في تشاد على ما يبدو". ويرى ولفرام لاتشر، الباحث البارز بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إن "التوغل في تشاد يكشف عن آثار ليبيا الممكنة بسبب ممارسات الأطراف الليبية في تجنيد المرتزقة الأجانب".
وعبر دبلوماسي فرنسي عرف ديبي عن الموقف الرومانسي المعروف في باريس عن الرئيس ووصفه بالمحارب الذي كان يريد الموت في ساحة المعركة لا على سرير المستشفى و"مات كما عاش" و"كان قاسيا ومحبا لمصلحته وبإمكانه عمل الكثير بالنفط. وبطرقه الخاصة كان صادقا ولم يتظاهر بما لم يكن".
لكن عائشة أوسوري، مديرة مبادرة المجتمع المفتوح في غرب أفريقيا قالت إن موقف الباريسيين تجاهل مصير التشاديين العاديين.
وقالت: "ليس عدلا أن يكون رأي العالم من ديبي القول: لقد خسرنا جنديا عظيما" و"علينا الآن أن نعمل ما بوسعنا للتأكد من سلامة تشاد، ولكننا لا نعني تشاد في الحقيقة، بل الحدود حولها والتي تقود إلى مالي ونيجيريا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى" وهذا "ليس عن الشعب التشادي وما يهمه".
بوليتيكو: جنود أمريكيون تعرضوا لهجمات "طاقة موجهة" بسوريا
WP: فرنسا تصر على إقصاء "المسلمات" بتصويت حظر الحجاب
فايننشال تايمز: بعد أفغانستان تحدي بايدن هو الصين وروسيا