أبدت عدة شخصيات سياسية
سُنية في
العراق، تخوفها من دفع قوى وفصائل شيعية قريبة من
إيران بمرشحين في
المحافظات والمدن ذات الغالبية السنية؛ تمهيدا لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر
إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وكشف رئيس البرلمان
العراقي الأسبق، محمود المشهداني، الاثنين، أن الفصائل المسلحة المنتشرة في مدن
السُنة رشّحت شخصيات تابعة لها للانتخابات المقبلة، في خطوة تنذر بتكرار سيناريو
انتخابات 2018، الذي تسبب بخفض عدد مقاعد المكون، وأضعف قرارهم السياسي.
ضغوط متواصلة
وتأكيدا لما طرحه
المشهداني، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، عبد الخالق العزاوي، إن
"انتخابات عام 2018، وبعد استعادة المناطق السنية من سيطرة تنظيم الدولة،
مارست المليشيات ضغوطا على هذه المناطق بمرشحين غير معروفين للأهالي أنفسهم،
وأخذوا مقاعدهم البرلمانية بقوة السلاح والتهديد والوعيد".
وأضاف العزاوي، في حديث
لـ"عربي21"، أن "المناطق هذه كانت محتملة من تنظيم الدولة، وأصبحت
الآن تحتلها هذه الأحزاب والفصائل، وهذا الوضع بالطبع يخيف المناطق السنية، خصوصا
أن قانون الانتخابات الجديد حوّل المحافظة إلى دوائر انتخابية متعددة بعدما كانت
دائرة واحدة".
ونوه النائب عن حزب
"المشروع العربي" بقيادة السياسي خميس الخنجر إلى أن "الخطورة
تتركز في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى، والتي فيها مناطق مختلطة المكونات،
وعندما تصبح تهديدات بهذا الشكل (قوة السلاح)، فبالطبع ذلك يخيف المجتمع العراقي
والعربي وحتى الدولي".
ودعا العزاوي إلى
"تطبيق نظام البطاقة البيومترية بنسبة مئة بالمئة، وجعل الرقابة أممية دولية
على الانتخابات، وعدم الضغط على الجمهور والتدخل في الانتخابات بالتهديد والوعيد،
وعدم فتح مكاتب لهذه الفصائل في المحافظات السنية، وإعطاء كل منطقة خصوصيتها
المكوناتية، لأن هذه طبيعة النسيج المجتمعي في العراق".
ولفت النائب إلى أن
"الذهاب إلى منطقة من مكون معين وتهديدها بوجوب انتخاب الشخص الفلاني، أمر
بعيد كل البعد عن الممارسة الديمقراطية، ففي عام 2018 جرى عزل مناطق سنية كاملة، والحصول على أصواتها بفعل هذه الإجراءات".
تكرار السيناريو
من جهته، قال المحلل
السياسي العراقي، الدكتور يحيى الكبيسي، إن "الجميع يعلم أنه منذ انتخابات
مجالس المحافظات في 2013، وكذلك الانتخابات البرلمانية في 2014 و2018، كان الفاعل
السياسي الشيعي حاضرا في تشكيل طبيعة الطبقة السنية التي يمكن لها أن تصل إلى
البرلمان أو مجالس المحافظات".
وأوضح الكبيسي في حديث
لـ"عربي21" أن "انتخابات
عام 2018 دخل عدد من السياسيين
السنة في قوائم ضمن تحالف الفتح (الجناح السياسي
لقوات الحشد الشعبي) للاستفادة من نفوذ هذه القوى والجماعات المسلحة لإيصالهم إلى
البرلمان".
وتابع: "بالتالي، لا أعتقد أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستختلف لا من حيث النوع ولا الكم، لأن
كل هذه القوى تعمد إلى ترشيح حلفاء لها من السُنة لكي تضمن صعودهم إلى البرلمان أو
تدعم آخرين لعدم صعود أطراف أخرى ربما تكون مناوئة لهم".
وبيّن الكبيسي أن
"هذه العملية تجري في جميع المحافظات السنية، ففي محافظة نينوى استطاع تحالف
(الفتح) في انتخابات 2018 الحصول على 3 مقاعد، وذلك بفعل الأصوات التي ذهبت إلى
عشرات المرشحين السنة ضمن التحالف، ولو راجعنا جميع الانتخابات قبل عام 2018 في
المحافظة ذاتها، سنجد أن القوى الشيعية كانت تحصل على مقعد واحد فقط".
استحقاق السُنة
وبخصوص الاستحقاق
الحقيقي للسُنة في البرلمان، قال النائب العزاوي إن "المكون السني استحقاقه
أكثر من 120 مقعدا في البرلمان، لكن للأسف الشديد بدأ يضعف في مناطقه البحتة، وذلك
بفعل تدخلات الفصائل المسلحة؛ بحجة وجود تنظيم الدولة".
وشدد النائب على
"ضرورة إشراك أبناء هذه المناطق في القرار الأمني بالبلد، لأن هناك تدخلات
لقسم من فصائل الحشد الشعبي، وعندما نحدثهم عن التجاوزات يقال لنا إنها ليست تابعة للحشد، إذن كيف تمتلك كل هذه الآليات العسكرية؟ وكيف تتحرك من منطقة لأخرى؟".
وعلى الصعيد ذاته، رأى
المحلل السياسي الكبيسي، أنه "إذا كانت انتخابات نزيهة وشفافة وحصل تكافؤ في
الفرص وحرية حقيقة للناخبين في الذهاب إلى صناديق الاقتراع واختيار من يريدونهم،
يمكن أن تصل نسبة تمثيل المكون السني من 30 إلى 33 بالمئة من مجمل أعضاء
البرلمان".
ويبلغ عدد مقاعد
السُنة العرب في البرلمان العراقي للدورة الحالية 2018، 70 من أصل 325 مقعدا،
بعدما وصل عددهم إلى نحو 91 نائبا في انتخابات عام 2010، لكن العدد أخذ يتناقص منذ
انتخابات عام 2014.
ومن المرجح أن تشهد
المناطق ذات الغالبية السنية تنافس ثلاثة تحالفات سُنية رئيسة في الانتخابات
البرلمانية المقبلة، الأول يقوده السياسي ورجل الأعمال خميس الخنجر، والثاني
بزعامة نائب الرئيس العراقي السابق أسامة النجيفي، والثالث برئاسة رئيس البرلمان
الحالي، محمد الحلبوسي.