مقابلات

"السوري للتغيير": مبادرة إنهاء الأزمة تنطلق خلال شهور

الحريري: "النزاع السوري استمر كل هذه السنوات نظرا لتشابك المصالح الدولية وتعقدها واختلافها"- عربي21

قال رئيس المجلس السوري للتغيير، حسن الحريري، إنهم سيطلقون مع شركائهم المبادرة الخاصة بإنهاء النزاع السوري خلال الأشهر القليلة المقبلة، وذلك عقب انتهاء التنسيق مع الكتل المختلفة، متوقعا أن تُكلل تلك المبادرة بالنجاح، خاصة أنها تختلف عن غيرها من الأطروحات الأخرى التي تم الإعلان عنها خلال السنوات الماضية.

وأوضح، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن عملهم بشأن تلك المبادرة المرتقبة يقوم على "ثلاث مراحل من قِبل فريق التخطيط الاستراتيجي الذي يعمل بخط متواز مع المرحلتين الأوليين، حيث إن الأولى تتمثل في إنهاء ترتيبات البيت الداخلي للمجلس السوري للتغيير، والانفتاح على السوريين عامة، ومحافظات الجنوب الخمس، درعا والقنيطرة والسويداء ودمشق وريفها..

والمرحلة الثانية تركز على التواصل والتنسيق مع الكيانات والأجسام السورية الأخرى بهدف تأسيس الكتلة الوازنة، وصولا إلى المرحلة الثالثة المُتمثلة في اختيار فريق متنوع المشارب مؤلف من الكتل المشاركة، وهو الذي سيتولى إنتاج مفردات تلك المبادرة التي ستقدم باسم الكتلة الوازنة المأمول الاتفاق عليها".

تأسيس جبهة تنسيقية عريضة


ولفت الحريري إلى أن "المجلس السوري للتغيير قام بإجراء عدد كبير من اللقاءات مع باقي الكتل السورية للتعارف والتنسيق وشرح الأفكار، وقد جرى إحداث قنوات اتصال، وتشكيل فرق عمل لمواصلة التعاون وصولا إلى تأسيس جبهة عريضة من هذه الكيانات بحيث يُشكّل اتفاقها تأسيس الكتلة الوازنة التي ستقوم بإنتاج كل التفاصيل والبنود النهائية للمبادرة وفقا لمبادئ التشاركية وعدم الاستفراد، وتمهيدا للدعوة إلى لقاء سوري-سوري؛ لتنفيذ مفردات المبادرة القائمة على المشتركات بين الكتل والأجسام السورية".

وأكد أن "العمل الجاري الآن يختلف عن سابقه من الأعمال كونه يستند إلى نهج علمي في إنتاج المبادرة من أجل سوريا وشعبنا العظيم الذي قدّم الضريبة الكبرى على مذبح الحرية، وقدّم كل ما يلزم لنيل حريته وكرامته الإنسانية".

واستطرد الحريري قائلا: "نؤكد أن الفرصة الراهنة كبيرة كونها تعمل على لقاء الكتل على مشتركات وطنية تؤسس لمشروع جامع مع احتفاظ كل جسم بخصوصيته، وبذلك تتحقق التشاركية بصناعة المبادرة المزمع طرحها خلال الأشهر القادمة".

إنتاج رؤية سورية جامعة


وشدّد على أن "حل النزاع  السوري إزاء الفشل السياسي المتراكم منذ عشر سنوات يتمثل أولا في إنتاج رؤية سورية جامعة من قِبل السوريين أنفسهم يتحدون عليها من خلال القرارات الدولية بحيث تُشكّل عامل ضغط على الدبلوماسية الدولية، وثانيا يتم تقديم هذه الرؤية والتمسك فيها بمواجهة القوى الدولية الفاعلة في النزاع السوري".

وأشار إلى أنهم في الذكرى العاشرة لثورتهم يجددون العهد للشعب السوري على "مواصلة النضال من أجل تحقيق الحرية والكرامة التي يستحقها وطننا، ونؤكد أن أعضاء المجلس السوري للتغيير كافة، وأعضاء أمانته العامة خاصة، يعملون كخلية نحل من أجل مواصلة التنسيق والتشبيك مع الكتل والأجسام السورية الثائرة والمعارضة لنظام القمع والدكتاتورية".

وشدّد الحريري على "ضرورة العمل من أجل تحقيق أهداف الثورة، وعلى رأسها الانتقال السياسي، وما يتبعه من إطلاق سراح المغيبين والمعتقلين، وإعادة المهجرين إلى أماكنهم التي هُجّروا منها بشكل طوعي، وتحقيق العدالة الانتقالية".

تصريحات المبعوث الأممي


وثمّن الحريري تصريحات المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، والتي قال فيها إن اللجنة الدستورية السورية لا يمكنها المضي قدما ما لم تكن هناك ما وصفها بالدبلوماسية الدولية البناءة في الأزمة السورية.

وقال: "نحن ننظر إلى هذا التصريح بشيء من الإيجابية كون المبعوث الأممي حضر أعمال الجولات الخمس الماضية، وتوصل إلى قناعة بضرورة تحرك الدبلوماسية الدولية لتسريع عمل اللجنة الدستورية الذي يحرص وفد النظام السوري على تعطيله في محاولات لكسب الوقت والرهان على المتغيرات الدولية".

واتفق رئيس المجلس السوري للتغيير مع ما ذهب إليه المبعوث الأممي بضرورة تغيير الأسلوب الحالي، بحيث يتم "اعتماد منهجية لكامل أعمال اللجنة الدستورية من حيث وضع جدول زمني للانتهاء من أعمالها، وكذلك تعديل برنامج عملها بحيث يتم تعديله ليصبح ثلاثة أسابيع شهريا عوضا عن أسبوع، كما شهدته أعمال الجولات الماضية".

 

اقرأ أيضا: بعد 10 سنوات على الثورة.. أين وصلت التسوية السياسية بسوريا؟

إطالة أمد النزاع السوري


ولفت إلى أن "النزاع السوري استمر كل هذه السنوات، نظرا لتشابك المصالح الدولية وتعقدها واختلافها وكون النظام الرسمي العربي لم يقم بإنتاج حل لهذا النزاع على خلاف توقعات الشعب السوري الذي يرغب ويطمح في تدخل عربي لقطع الطريق على أي أجندات أخرى؛ ففي الوقت الذي تبحث فيه روسيا عن دور دولي من خلال النزاع السوري، تحرص إيران على استمرار الفوضى وإطالة أمدها لتنفيذ مشروعها".

وتابع: "في حين تدعي أمريكا والغرب محاربة الإرهاب، وبالمقابل تقوم تركيا بحفظ مصالحها وأمنها خصوصا أن هناك حدودا طويلة بين البلدين مع وجود تقاطع جزئي بين مصالح الشعب السوري والأتراك بالانتقال السياسي وإعادة الأمن والاستقرار لسوريا، وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد على أننا نتعامل مع تركيا كحليف وصديق من منطلق تحقيق المصالح المشتركة؛ مع وجود عدد كبير من المنصات السورية التي تنظر إلى النزاع السوري بأطروحات مختلفة ومتباينة. وكل تلك العوامل أدت إلى إطالة عمر النزاع السوري للأسف".

المعارضة لن تشارك في انتخابات الرئاسة


وعن موقفهم من الانتخابات الرئاسية السورية التي يخطط النظام لها، قال: "لقد أطلقنا حملة للتصدي لتلك الانتخابات بالتشارك والتنسيق مع عدد كبير من الكتل الثورية، وقمنا بتوجيه رسائل عدة إلى قادة العالم للطعن على شرعية هذه الانتخابات، بالتوازي مع تنظيم وقفات احتجاجية بالدول التي يقيم فيها اللاجئون السوريون، وفي المناطق المحررة، والقيام برفع لافتات في مناطق سيطرة النظام، ونحن جادون في التصدي لتلك الانتخابات على الرغم من هزليتها وعدم شرعيتها من قِبل دول العالم".

وشدّد الحريري على أن "مشاركة المعارضة السورية في تلك الانتخابات الرئاسية المزعومة أمر غير وارد وغير منطقي بأي صورة من الصور في ظل وجود ديكتاتورية تغتصب السلطة وتسيطر على المجتمع المدني، فضلا عن أن قوى الثورة والمعارضة تلتزم بالقرارات الدولية التي نصت على انتخابات نزيهة وشفافة بعد إيجاد هيئة الحكم الانتقالي والدستور الجديد، وفي ظل بيئة آمنة".

ورفض رئيس المجلس السوري للتغيير قول البعض بأن سقف المطالب الثورية في سوريا تدنى كثيرا، قائلا: "لم ينحدر سقف المطالب، ولم تنحسر قوى الثورة، بل تم إفساح المجال للحل السياسي وفقا للمرجعيات الدولية".

فيما نوّه الحريري إلى أن "عودة اللاجئين حق أصيل بالنسبة لهم، وليس منّة من أي أحد، واللاجئون يدركون ذلك جيدا، ومتمسكون بهذا الحق وفقا للقرارات الدولية التي تؤكد عليه بشكل واضح، وعلى أن تكون العودة طوعية بعد تحقيق البيئة الآمنة".

فرص بقاء الأسد


وأكد أن "استمرار بقاء رئيس النظام بشار الأسد في موقعه يعني تعميق المأساة للسوريين والسوريات، كما أنه لم يحقق أدنى مقومات النصر في ظل وجود أكثر من 40% من أرض الجمهورية العربية السورية خارج سيطرته، وفي ظل تردي اقتصادي لم تشهده سوريا منذ فجر تاريخها مع كون نصف الشعب السوري لاجئا ومهجرا، والنصف الآخر يرزخ تحت ضغوط معاشية قاسية ستؤدي إلى انفجار قريب إن لم تؤدِ إلى كوارث أكبر وأخطر، ومما لا شك فيه أن بشار الأسد ساهم في تدمير سوريا، ولم يحقق أي نصر على الإطلاق كما يزعم بعضهم".

واستطرد رئيس المجلس السوري للتغيير قائلا: "مصير بشار أو مستقبله في السلطة أمر ليس بإرادة هذا الطاغية الذي استجلب دولا استباحت بلادنا، كي يبقى متمسكا بالحكم، بل أصبح هذا الأمر بعهدة أطراف دولية تتفاوض على مصالحها، وعند التقاء تلك المصالح لن يكون هناك أي وجود لبشار الأسد".

وأشار إلى أن "روسيا وإيران تتمسكان ببشار الأسد كونه قام بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات مع تلك الدول التي يهمها بقاء هذا الكائن في السلطة..".