قالت صحيفة "
الغارديان" البريطانية إن
السودان
لم يعد يرحب بالسوريين الفارين من بلادهم.
وأضافت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن الدخول
للسودان دون تأشيرة كان شريان الحياة للكثير من اللاجئين السوريين، ولم يعد كذلك بعد
إغلاق الحدود أمامهم.
وفيما يلي نص التقرير:
عندما دخلت قوات النظام السوري لبشار الأسد بلدة محمود الأحمد، خطط الأحمد للسفر إلى السودان، واستخدم كل ما لديه لتوفير دفعه للمهربين لنقله إلى تركيا،
وكانت وجهته السودان، حيث فتح صاحب الشركة التي كان يعمل فيها مصنعا للسجاد، وعرض عليه
وظيفة. والجزء الوحيد من الرحلة الذي لم يكن يقلقه هو السفر من تركيا إلى العاصمة السودانية
الخرطوم.
وحتى العام الماضي، كان السودان هو البلد الوحيد في العالم
الذي يسمح للسوريين الفارين من الحرب الأهلية في بلادهم فرصة دخول أراضيه دون تأشيرة، وبداية حياة جديدة هناك.
ومع مرور السنة العاشرة على الثورة السورية، فقد حرم اللاجئون
من هذا الملجأ الآمن.
وأعلنت الحكومة السودانية عن مراجعة قرارات الجنسية التي
منحت خلال العقد الماضي، وهو قرار ترك السوريين عالقين دون معرفة ما سيحدث لهم. وحصل
آلاف من السوريين على الجنسية السودانية، وبدأ مئات الآلاف منهم حياة جديدة في هذا البلد.
وفي مكالمة عبر الهاتف من إدلب، حيث يعيش الأحمد، قال:
"لا تتخيل يأسي وخيبة أملي"، فقد حصل على وثائقه من أجل السفر عندما أعلن
عن السياسة الجديدة، ما لم يترك له أي خيار، بل العودة إلى العيش كلاجئ في داخل وطنه.
وأضاف: "لقد عرضت حياتي للخطر على الحدود، ودفعت الكثير من المال للمهرب ولتجديد
جواز سفري، وتحملت التكاليف العالية للحياة في تركيا، دون أي نتيجة".
وزاد عدد السكان السوريين في السودان أثناء الحرب، حيث جذبهم
البلد بسياسة الدخول دون تأشيرة وسياسات التعليم والصحة.
وقدرت الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين في السودان بحوالي
100.000 نسمة، مع أن الإحصائيات غير الرسمية تقدر الأعداد بأضعاف مضاعفة.
وفر عدد من السوريين إلى السودان؛ بحثا عن حياة جديدة، ورأى
آخرون أنه مهرب لهم من الخدمة العسكرية الإجبارية المعروفة بقسوتها وعدد القتلى في
صفوف المجندين.
وتحول السودان إلى منطقة لقاء بين السوريين في الداخل والخارج، باعتباره المكان الذي يمكنهم اللقاء فيه دون مشاكل. وقالت شابة إن زفافها قد أجل لانتظارها التأشيرة بعد عام من
تعليق منح التأشيرات بسبب انتشار فيروس كورونا. وقالت: "علي الانتظار ثانية ولا
أعرف متى، بسبب التأشيرة". وأَضافت من دمشق إنها لا تعرف متى ستحصل على التأشيرة، حيث لم ترد السلطات السودانية على طلبها.
وبدأت السلطات السودانية بملاحقة الجوازات التي تمت الحصول
عليها بطريقة غير شرعية خلال الـ30 عاما الماضية، وألغت 3.500 حالة تجنيس، ومعظم من
جردوا من جنسياتهم كانوا أصلا سوريين.
وقال محمد شكري، الذي يعمل في واحد من المطاعم الراقية بالعاصمة
الخرطوم، إنه ينتظر ردا على طلب الجنسية منذ 3 أعوام. وفر شكري من مدينة الرقة وهو في
سن الـ17 عاما، بعد اختفاء والده ونصف إخوته. وقال: "أشعر كأنني في سجن، والفرق
بين السجن الحقيقي وهنا هو أن لدي مساحة أوسع أتحرك فيها"، و"لا أستطيع مغادرة
السودان باستخدام الوثيقة السورية أو العودة إلى
سوريا، حيث سيتم تجنيدي للقتال مع النظام
وللأبد".
ومنعت معظم الدول العربية دخول السوريين باستخدام جوازاتهم.
وكان بعضهم يأمل باستخدام الجواز السوداني للحصول على وظيفة في الخليج. وفي الوضع الحالي
يفكر بعضهم بالعمل بطريقة غير قانونية في مصر، حيث سيواجهون الترحيل وأسوأ من هذا خيارات
صعبة. ووصل محمد خالد قبل شهر من إلغاء قرار الدخول دون تأشيرة، وكان يخطط لاستخدام
الأوراق السودانية، والوصول إلى أوروبا. وبوضع السودان الاقتصادي، فلن يستطيع الحصول
على المال لتحقيق خطته. وقال: "أفكر بخط التهريب من السودان إلى أوروبا"، لكن الراتب الذي يحصل عليه وهو 18.000 جنيه سوداني (34 جنيه إسترليني)، ويرسل جزءا منه
لوالدته وإخوته في سوريا، يجعل السفر إلى أوروبا مكلفا.