قالت شبكة "سي أن أن" الأمريكية إن تقريرا أصدره مركز مستقل أكد خرق
السلطات الصينية كل معاهدة وميثاق للأمم المتحدة في معاملتها للإيغور وبقية الأقليات
المسلمة في إقليم تشنجيانغ الصيني.
وأكدت الشبكة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" أن التقرير الذي أصدره
معهد "نيوزلاينز للإستراتيجية والسياسة" وشارك في إعداده أكثر من 50 باحثا
وخبيرا حول العالم من المختصين في جرائم الحرب وحقوق الإنسان والقانون الدولي،
وجاء في 55 صفحة، توصل لنتيجة "واضحة ومقنعة" وهي أن الحزب الشيوعي الصيني
يتحمل المسؤولية عن الانتهاكات.
وهذه هي المرة الأولى التي تتوصل بها مؤسسة غير حكومية لهذه النتيجة بعد دراسة
قانونية وتحليلية لمزاعم الإبادة في إقليم تشنجيانغ بما في ذلك "طبيعة المسؤولية
التي تتحملها بكين عن هذه الجريمة المزعومة"، حسبما قالت شبكة "سي أن أن"
التي كانت أول من حصل على نسخة منه.
وقالت الشبكة الأمريكية إن التقرير يحتوي على أدلة واضحة عن "نية بكين"
لتدمير المسلمين الإيغور.
وصدر التقرير، الثلاثاء، عن المعهد
المستقل "نيولاينز" في واشنطن وأكد أن السلطات الصينية خرقت معاهدة الأمم
المتحدة حول الإبادة.
وتم وضع حوالي مليوني مسلم من الإيغور وبقية الأقليات المسلمة في سجون منتشرة
في الإقليم حسب وزارة الخارجية الأمريكية، حيث زعم السجناء السابقون تعرضهم لعمليات
تثقيف حزبي وانتهاكات جنسية وتعقيم إجباري للنساء للحد من النسل.
ونفت الصين الاتهامات، وزعمت أن مراكز الاعتقال ضرورية لمنع التطرف الديني والإرهاب.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في تصريحات للصحافة يوم 7 آذار/ مارس إن اتهامات
الإبادة "لا يمكن اعتبارها إلا غير معقولة".
وفي كانون الثاني/ يناير اعتبرت إدارة دونالد ترامب في أيامها الأخيرة أن الحكومة
الصينية تقوم بارتكاب إبادة في إقليم تشنجيانغ. وبعد شهر أقر البرلمان الهولندي والكندي
تحركات مماثلة رغم معارضة زعيمي البلدين.
وقال عظيم إبراهيم مدير المبادرة الخاصة في "نيولاينز" والمؤلف المشارك
للتقرير إن "هناك أدلة طاغية تدعم اتهامات الإبادة"، و"هذه قوة عالمية
عظمى قادتها هندسوا عملية إبادة".
ويحتوي ميثاق الإبادة المكون من أربع صفحات وأقر في 1948 تعريفا واضحا للإبادة،
وقد وقعت عليه الصين من ضمن 151 دولة.
وينص المبدأ الثاني من الميثاق على أن الإبادة هي محاولة لارتكاب عمل
"بنية تدمير كل أو جزء من جماعة وطنية، إثنية، عرقية أو دينية". وهناك خمس
طرق تحدث فيها الإبادة حسبما ينص الميثاق: قتل أعضاء من المجموعة، التسبب بأذى جسدي
أو عقلي جسيم لأفراد من الجماعة، خلق ظروف معيشية وبطريقة مدروسة تهدف لتدمير الجماعة
كليا أو جزئيا، فرض إجراءات بنية منع النسل داخل الجماعة أو تهجير قسري لأطفال الجماعة
إلى جماعة أخرى.
ومنذ البدء بالعمل في الميثاق عام 1948 تمت محاكمة كل قضايا الإبادة أمام محكمة
الجنايات الدولية كما حدث مع رواندا ويوغسلافيا السابقة، أو أمام محاكم محلية.
لكن أي محكمة جنائية دولية بحاجة لموافقة مجلس الأمن الدولي والصين عضو دائم
فيه ولديها حق الفيتو، مما يجعل أي جلسة استماع لمزاعم الإبادة في تشنجيانغ غير محتملة.
ومع أن انتهاك ميثاق الإبادة لا يعني ارتكاب إبادة بالمعنى الحقيقي، إلا أن
تقرير "نيولاينز" كشف عن انتهاك الصين كل مبدأ في الميثاق بشكل يصدق عليه وصف الإبادة.
وجاء في التقرير: "يجب النظر إلى سياسات الصين وممارساتها التي استهدفت
الإيغور في المنطقة بشكل شامل والتي تصل إلى حد النية إلى تدمير الإيغور كجماعة بشكل
كامل أو جزئي".
وتوصل إلى نفس النتيجة تقرير منفصل أصدرته في 8 شباط/ فبراير الشركة القانونية
"إيسكس كورت تشامبر" في لندن بناء على طلب من المجلس العالمي للإيغور ومشروع
حقوق الإنسان للإيغور. وأن هناك "حالة قوية" ضد الحكومة الصينية وارتكابها
الإبادة.
ولم ينص الميثاق على عقوبات ضد الدول التي ترتكب الإبادة لكن تقرير "نيولاينر"
قال إن الدول الموقعة على الميثاق تتحمل مسؤولية التحرك.
وجاء في التقرير: "الصين ملزمة لمنع، معاقبة وتجنب ارتكاب الإبادة وهي
مسؤولية جماعية أو يتحملها المجتمع الدولي بشكل عام".
اقرأ أيضا: MEE: الإيغور عالقون بين الاضطهاد الصيني والإمبريالية الأمريكية
وقال يونا دايموند، المستشار القانوني في مركز راؤول والينبرغ لحقوق الإنسان
وشارك في إعداد التقرير، إن هناك سوء فهم حول تعريف الإبادة وأنها بحاجة لقتل جماعي
أو إبادة حقيقية للناس، و"السؤال الحقيقي هو، هل هناك أدلة كافية للكشف عن نية
لتدمير الجماعة وهو ما يكشف عنه التقرير".
وقام التقرير بفحص التعريفات الخمسة للإبادة والتوصل إن كان كل تعريف يصدق على
تصرفات الصين. وجاء فيه: "في ضوء الطبيعة الخطيرة للانتهاكات يلتزم التقرير بمعايير
واضحة ومقنعة".
وأنشئ معهد "نيولاينز للإستراتيجية والسياسة" في 2019 كمعهد غير موال
في جامعة فيرفاكس الأمريكية وبهدف "تعزيز السياسة الخارجية الأمريكية وإنشاء فهم
عميق للجيوسياسة في كل منطقة من العالم وتحديد أنظمة القيم لها"، وكان يعرف سابقا
بالمركز للسياسة العالمية.
وقال دايموند إن التقرير توصل لنتائجه بناء على آلاف الشهادات من المنفيين الإيغور
ووثائق الدولة الصينية.
وبحسب التقرير فقد سجن ما بين مليون إلى مليوني شخص في معسكرات الاعتقال وفي
حوالي 1.400 معتقل اعتقال خارج عن القانون موزعة في أنحاء تشنجيانغ منذ 2014، وهو العام
الذي شنت فيه حملة ضد التطرف الإسلامي.
وتقول الصين إن المعتقلات ضرورية لمواجهة الإرهاب بعد سلسلة من الهجمات في
داخل تشنجيانغ وأماكن أخرى من الصين.
ويقدم التقرير تفاصيل موسعة عن الانتهاكات الجنسية والتعذيب النفسي ومحاولات
غسل الدماغ الثقافي وحالات وفاة عدة داخل معسكرات الاعتقال.
وأشار إلى أن المعتقلين الإيغور داخل مراكز الاعتقال "حرموا من أبسط الاحتياجات
الإنسانية وتعرضوا للإهانة وتعرضوا لمعاملة غير إنسانية وعقوبات بما في ذلك الحجز الانفرادي
لمدد طويلة"، و"انتشر الانتحار بين المعتقلين لدرجة أجبروا فيها على ارتداء
زي أمن من الانتحار، ومنعوا من المواد التي يمكن استخدامها للتسبب بالأذى للنفس".
وأشار التقرير إلى تراجع نسبة الولادة في الفترة ما بين 2017 و2018 بنسبة
33% بالإضافة لسياسة التحكم بالنسل والتعقيم والإجهاض الذي مورس على النساء بدون موافقة
منهن.
وأكدت الحكومة الصينية تراجع معدلات الولادة بين الإيغور لكنها قالت إن معدلات
الإنجاب ما بين 2010 – 2018 ارتفعت بشكل عام في تشنجيانغ.
وخلال حملة القمع منع الأطفال من دراسة المقررات الثقافية عن الإيغور. وفي معسكرات
الاعتقال أجبر السجناء على دراسة لغة الماندرين ووصفوا كيف تعرضوا للتعذيب لو رفضوا
تعلمها أو لم يكونوا قادرين على التحدث بها.
وبناء على خطابات وأحاديث لقادة الحزب الشيوعي أثبت التقرير أن مسؤولية الإبادة
تقع عاتق الحكومة الصينية. وبناء على الوثائق الرسمية التي حصل عليها التقرير فقد وصف الإيغور
وغيرهم من الأقليات المسلمة بـ"الأعشاب" و"الأورام السرطانية".
وفي أمر حكومي طلب من المسؤولين "قطع نسبهم وقلع جذورهم وتحطيم صلاتهم
وتدمير أصولهم". و"الخلاصة هي أن الكيانات والأشخاص التي قامت بأعمال لا
تحصى من الإبادة هي أجهزة الدولة ووكالاتها وبناء على القانون الصيني"، ومن هنا
"فالجهة التي كلفت بهذه الأعمال التي لا تحصى من الإبادة ضد الإيغور هي من مسؤولية
الدولة الصينية".
وقال ريان ثام، المساهم في التقرير والمؤرخ في شؤون الإيغور بجامعة مانشستر،
إن الناس سينظرون بعد 20 عاما ويرون في قمع تشنجيانغ على أنه من الأفعال العظيمة للدمار
الثقافي التي حصلت في القرن الأخير، و"أعتقد أن الإيغور سيتعاملون مع هذا
التقرير بأنه اعتراف متأخر بالمعاناة التي مروا بها وعائلاتهم وأصدقاؤهم ومجتمعهم".
ودافعت الحكومة الصينية عن تحركاتها في الإقليم حيث قالت إن السكان يتمتعون
بحياة أفضل من السابق. ووصف الإعلام الصيني معسكرات الاعتقال بأنها مراكز تأهيل تهدف
للقضاء على الفقر.
تقرير حقوقي: الصين انتهكت بنود الأمم المتحدة للإبادة الجماعية
الصين تحجب شبكة اجتماعية شهيرة لتناولها قضايا سياسية
إندبندنت: رأي قانوني يتهم الصين بجرائم ضد الإنسانية