سياسة تركية

هل تحظر تركيا حزب الشعوب الديمقراطي بعد "عملية غارا"؟

تتهم السلطات التركية حزب الشعزب الديمقراطي بدعم منظمة العمال الكردستاني

ما زالت أجواء التوتر عقب مقتل الرهائن الأتراك، تخيم على البيئة السياسية في تركيا، فيما صعدت السلطات من حملتها ضد قيادات في حزب الشعوب الديمقراطي بتهمة الارتباط بمنظمة العمال الكردستاني.

 

وكانت تركيا أطلقت عملية "مخلب النسر-2" في جبل غارا ضد منظمة العمال الكردستاني، ليتبين بعدها أن تحركا سريا من القوات الخاصة التركية كان يسعى لتحرير رهائن أتراك من داخل مغارة احتجزهم فيها "العمال الكردستاني" منذ سنوات عدة.

 

العملية التركية نجم عنها مقتل جميع الرهائن الأتراك، ما أثار الجدل في الداخل التركي بشأن نجاحها.

 

وقام الأمن التركي بتنفيذ حملة أمنية واسعة في 40 مقاطعة في البلاد، طالت 718 شخصا، بينهم رؤوساء فروع حزب الشعوب الديمقراطي في المحافظات، ضد أنشطة منظمة العمال الكردستاني.

 

صويلو يكشف اسم النائبة البرلمانية التي زارت "غارا"

 

وفي حديث أمام البرلمان التركي، كشف وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في وقت سابق، عن قيام نائبة من حزب الشعوب الديمقراطي بزيارة منطقة غارا شمال العراق، واجتماعها بقيادات في منظمة العمال الكردستاني.

 

ومساء السبت، كشف صويلو، أن النائبة في البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي، ديرايت ديلان طاش ديمير، هي التي زارت منطقة غارا شمال العراق سابقا.

 

وقال صويلو، في لقاء على قناة "A HABER"، إن "الشعوب الديمقراطي هو حزب لمنظمة إرهابية، ويتلقون تعليماتهم من قنديل، وهم ليس لهم مبادرات سياسية، وهم أسرى بمشاعرهم وعواطفهم وعقولهم بمنظمة العمال الكردستاني".

 

اقرأ أيضا: حملة أمنية واسعة بتركيا تطال قيادات في "الشعوب الديمقراطي"

ولفت إلى أن المعلومات التي حصلت عليها السلطات التركية، جاءت من أحد عناصر "العمال الكردستاني" كان قد قام بتسليم نفسه مؤخرا.

 

وبعد تصريحات صويلو، أعلنت النيابة العامة في أنقرة، فتح تحقيق ضد النائبة البرلمانية من حزب الشعوب الديمقراطي، بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية.

 

وبناء على اعتراف الشخص الذي انضم لمنظمة العمال الكردستاني عام 2017، أشار إلى أنه تعرف على أحد الأشخاص للانضمام إلى المنظمة، وتم إعطاؤه رقم هاتف نائبة سابقة من حزب الشعوب الديمقراطي وهي خديجة كوجامان.

 

ولفت إلى أنه اتصل بها، وأبلغها برغبته في الانضمام إلى "العمال الكردستاني" مشيرا إلى أنها دعته لمنزلها، وبقي عندها فترة من الزمن لينتقل بعدها إلى منطقة غارا.

 

وأشار إلى أنه تلقى التدريبات في منطقة غارا، وأثناء انتقاله من هناك إلى منطقة المخمور، موضحا أنه أثناء تحركهم بالسيارة تبين أن من معه بالسيارة هي النائبة عن ولاية أغري التركية طاش ديمير.

 

وردت النائبة التركية عن حزب الشعوب الديمقراطي، على تصريحات صويلو، في تغريدة لها على حسابها في "تويتر" قائلة: "هذا كذب، إنه افتراء".

 

نواب في البرلمان يواجهون خطر رفع الحصانة

 

ويواجه 9 نواب من حزب الشعوب الديمقراطي تهما بدعم أحداث كوباني التي حدثت عام 2014، إلى جانب الاشتباه بدعم منظمة العمال الكردستاني، ومن المنتظر أن تقوم النيابة العامة التركية برفع مذكرة من أجل رفع الحصانة البرلمانية عنهم.

 

والجمعة الماضي، أيدت محكمة النقض حكما بالسجن للنائب في البرلمان عمر فاروق جرجرلي أوغلو، بتهمة نشر "دعاية إرهابية"، ما يفتح الطريق أمام إسقاط عضويته البرلمانية.

 

يشار إلى أن العام الماضي، شهد إسقاط العضوية البرلمانية عن اثنين من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي والذي تتهمه السلطات بدعم منظمة العمال الكردستاني.

 

وشهد العام الماضي، حملة من السلطات التركية، ضد عدد كبير من رؤساء البلديات الذين ينتمون إلى حزب الشعوب الديمقراطي، وقامت باعتقال عدد منهم بتهم دعم المنظمة التي تصنفها أنقرة "كيانا إرهابيا".

 

مطالبات بحظر الحزب يقودها بهتشلي.. ما موقف "العدالة والتنمية"؟

 

وفي الأشهر الماضية، طالب دولت بهتشلي، زعيم الحركة القومية وحليف الرئيس التركي، مرات عدة كان آخرها بعد مقتل "الرهائن الأتراك" في جبل غارا، بحل حزب الشعوب الديمقراطي الذي يبلغ عدد نوابه في البرلمان "58 نائبا"، ويعد الثالث بعد "العدالة والتنمية" الذي يبلغ نوابه "291"، والشعب الجمهوري "138" نائبا.

 

ويرى مراقبون أن الرئيس التركي يرفض حل حزب الشعوب الديمقراطي، لأسباب منها تجنب الاصطدام مع الدول الغربية، إلا أن ما نجم عن "عملية غارا"، ومقتل الرهائن الأتراك، ساهم في حدة تصعيد السلطات التركية ضد الحزب الكردي.

 

اقرأ أيضا: ما وراء رد أردوغان على مقرب منه طالب بالإفراج عن دميرطاش؟
 

وقبل أيام، قال أردوغان، مهاجما حزب الشعوب الديمقراطي: "لدينا في البلاد حزب لا يستطيع النأي بنفسه عن منظمة العمال الكردستاني، ولا يمكن أبدا أن يصبح مؤسسة سياسية حقيقية".

 

وأضاف: "يهدد هذا الحزب بمساءلة رئيس الاتصالات لدينا (فخر الدين ألتون)، بسبب نشره منشورا يوثق ارتباطاته بمنظمة العمال الكردستاني".

 

وتابع: "بصفتنا تحالف الجمهور، نقول لعملاء هذه المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني)، إن الأمة التركية ستحاسبكم على شهدائنا ومحاربينا القدامى".

 

رئيس دائرة الاتصالات بالرئاسة التركية فخر الدين ألتون، قام بنشر فيديو، وكتب فيه: "الشعوب الديمقراطي يعني العمال الكردستاني"، باللغتين التركية والإنجليزية، متهما إياهم بالمسؤولية عن مقتل "الرهائن الأتراك" في غارا شمال العراق.

 

الكاتب التركي حجي ياكشكلي، كتب في مقال له في صحيفة "يني عقد" مقالا أشار فيه إلى أن هناك حذرا لدى السلطات التركية تتعلق بشأن حل حزب الشعوب الديمقراطي، في البلاد، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الأدلة تثبت تورطه في التعاون مع "العمال الكردستاني".

 

بعد تصريحات صويلو.. خطوات مرتقبة ضد "الشعوب الديمقراطي"

 

وتابع، بأنه حتى الآن، لم تكن هناك محاولات "لمعاقبة أو إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي" في أنقرة، ولا تزال المسألة قيد المناقشة والتشاور.

 

وأضاف أن هناك من يقول: "حتى لو تم إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، فسيؤسس حزب جديد، وسيعود كل شيء إلى البداية، لذلك فإنه بدلا من الإغلاق، يجب اتخاذ إجراءات رادعة".

 

ولفت إلى أن هناك رأيا آخر، وأصحابه كثيرون، أنه "في حالة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، يجب في ذات الوقت تقييد حركة الإرهاب بإجراءات رادعة، حتى لو تم تشكيل حزب جديد".

 

وأضاف أن بهتشلي وحزبه، يطالبون بإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، بينما يقول المسؤولون في "العدالة والتنمية"، إنه بدلا من ذلك يجب "زيادة العقوبات وجعلها أكثر فعالية".

 

ولفت إلى أن حزبي "الشعب الجمهوري" الذي يقوده كمال كليتشدار أوغلو، و"الجيد" الذي تقوده ميرال أكشنار، من خلف الكواليس يؤيدون الطرح الذي يتبناه "العدالة والتنمية".

 

اقرأ أيضا: "عملية غارا" تثير جدلا ببرلمان تركيا.. من ضحايا "المغارة"؟
 

ونوه إلى أنه من خارج البرلمان التركي، يدعم حزب "الوحدة الكبير" وجهة نظر "الحركة القومية" بالقول "يجب إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي"؛ فيما يقف حزب "اليسار الديمقراطي" إلى طرح "العدالة والتنمية".

 

من جهته قال الكاتب التركي، أمين بازارجي في حوار مع قناة "A HABER"، إن هيكل "الشعوب الديمقراطي" أصبح الآن يتجاوز كونه حزبا سياسيا، والحديث هنا عن حزب يعمل جنبا إلى جنب مع منظمة العمال الكردستاني.

 

ورأى أنه في الأيام المقبلة، من المحتمل أن تتبع تصريحات صويلو الأخيرة، خطوات متعلقة بإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، والتي ستأتي متأخرة.