قال مراسل صحيفة "واشنطن بوست" سودرسان راغفان إن قوات الأمن المصرية داهمت بيوت ستة من أقارب الناقد الشديد والناشط المصري- الأمريكي محمد سلطان وسجنت اثنين من أبناء عمه في تحد لدعوات إدارة الرئيس جوزيف بايدن.
ويعتبر استهداف أقارب سلطان الذي يعيش في نورثن فيرجينيا المحاولة الأخيرة من حكومة عبد الفتاح السيسي لإسكات النقاد الذين يعيشون في الخارج حسبما يقول المعارضون السياسيون لقائد الجيش السابق.
وجاءت اعتقالات يوم الأحد بعد خمسة أشهر من الإفراج عن أقارب سلطان وبعد أسابيع من فوز بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية.
وبحسب التقرير تمت عملية الاعتقال قسرا من بيوتهم بعدما قدم سلطان دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي لدوره في تعذيب سلطان أثناء سجنه في مصر.
وتحدث بايدن عن حالة سلطان أثناء الحملة الانتخابية ونشر تغريدة قال فيها إن تعذيب الناشطين المصريين و"تهديد عائلاتهم غير مقبول" وحذر بأنه لن "يمنح صكوكا بيضاء جديدة لديكتاتور ترامب المفضل" في إشارة للقب الذي منحه للرئيس المصري الرئيس السابق دونالد ترامب.
ولكن اعتقال أقارب سلطان وأقارب النقاد المقيمين في الخارج للنظام المصري يمثل تحديا لجهود إدارة بايدن وجعل حقوق الإنسان أولوية في السياسة الخارجية الأمريكية.
وتؤكد الاعتقالات العلاقات غير المريحة التي تظهر بين السيسي والبيت الأبيض الجديد. وتقول ميشيل دان، مديرة الشرق الأوسط في معهد كارنيغي للسلام العالمي: "بالنسبة للسيسي فالفارق الكبير هو أن ترامب كان مستعدا لتنفيذ طلباته الخاصة" و"لم يعد هذا موجودا مع بايدن".
ولم ترد هيئة الاستعلامات الحكومية المصرية على طلب الصحيفة للتعليق ولا وزارة الداخلية أو أجهزة الأمن من خلال مركز الإعلام الأجنبي وبحسب البرتوكول.
اقرأ أيضا : مواصفات السيسي للمعارضة تثير سخرية المصريين
وفي ظل ترامب قدمت للسيسي دعوات إلى البيت الأبيض بشكل قوى من سيطرته على السلطة في مصر وتم تجاهل ملف حقوق الإنسان وانتهاكاته.
وزادت معدلات الانتهاكات في ظل ترامب بشكل خيالي. وفي الوقت الحالي فالنبرة مختلفة في ظل بايدن، كما شجب وزير الخارجية أنتوني بلينكن علنا اعتقالات مصر لناشطي حقوق الإنسان.
وفي الشهر الماضي أعلن الديمقراطيون في الكونغرس عن تشكيل تجمع حقوق الإنسان في مصر، وتعهدوا من خلاله بإعادة التوازن للعلاقات مع مصر والتركيز على تحميل حكومة السيسي المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان والفساد وإساءة معاملة المواطنين الأمريكيين.
ومن الناحية الدبلوماسية أشارت إدارة بايدن إلى أن العلاقة الخاصة التي أقامتها الولايات المتحدة مع مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 1979 لن تكون خاصة في السنوات المقبلة.
فعلى مدى عقود تلقت مصر معونات بمليارات الدولارات بعيدا عن سجلها في مجال حقوق الإنسان أو نظامها الديكتاتوري. ولكن سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس تعني أن هذا الدعم قد يكون عرضة للشروط أو سيتم تخفيضه. وبعد فوز بايدن هنأه السيسي بالفوز.
وقال في بيان إنه يتطلع للعمل من أجل "تعزيز العلاقات الثنائية الإستراتيجية" بين مصر والولايات المتحدة. ولم يتصل بعد بايدن بالسيسي، كما لم تكن مصر ضمن 31 مكالمة أجراها بلينكن مع نظرائه حول العالم.
وقالت دان: "يبدو أن السيسي ونظامه في حالة من التوتر بسبب التغيير ولا يعرفان كيفية التعامل معه" و"بعيدا عن الاستثمار في شركات ضغط بواشنطن يبدو أن السيسي يتحرك بين البلطجة والترضية. مثل الإفراج عن أقارب محمد سلطان في تشرين الثاني/نوفمبر ثم القبض عليهم الآن".
وقال محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات إن ترامب أكد على فكرة أن حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر ليست مهمة.
وأنه "جرأ أشخاصا مثل السيسي أو حكاما آخرين لكيلا يهتموا وعدم التعامل مع دعوات الإصلاح الديمقراطي بجدية". ولم يظهر السيسي استعدادا "لأن يظهر وجها جديدا أو يقلب الصفحة".
وفي تشرين الثاني/نوفمبر أمرت المحاكم بالإفراج عن 400 معتقل تم احتجازهم بتهم المشاركة بتظاهرات معارضة للحكومة، ولكن لم يفرج عن أي منهم بل وجهت لهم اتهامات جديدة.
وفي نفس الشهر اعتقلت قوات الأمن ثلاثة من مسؤولي المبادرة المصرية للحريات الشخصية وتم الإفراج عنهم بعد شجب دولي من بلينكن والحكومات الغربية ونجوم في هوليوود.
ويرى لطفي أن التصعيد كان محاولة "لجس الماء ومعرفة الرد" من إدارة بايدن أو "طلقة تحذير بأننا لا نزال هنا".
وفي تقرير نشره موقع مدى مصر واستند فيه على مصدر لم يكشف عنه من داخل الحكومة المصرية تحدث عن خلافات داخل النظام المصري حول كيفية التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
وتريد وزارة الخارجية التخفيف من انتهاكات حقوق الإنسان في محاولة للتقرب من واشنطن.
وبالمقابل يريد مدراء الأجهزة الأمنية القومية سحق آمال المعارضين السياسيين الذين يراهنون على فوز بايدن.
وكانت اعتقالات الأحد تصعيدا جديدا، حيث داهم رجال أمن بالزي المدني في الساعة الثانية صباحا بيوت أقارب سلطان في الإسكندرية والمنوفية، وذلك حسب بيان نشرته مبادرة الحرية يوم الثلاثاء والتي يديرها سلطان.
وتم اعتقال ابني عمه مصطفى وخيري سلطان فيما تم التحقيق مع أحمد سلطان حول اتصالاته بمحمد. وطلب منه تسليم نفسه للسلطات بعد إزالة الجبس من قدمه نتيجة لإصابة سابقة.
وكان أحمد ومصطفى سلطان من بين الأقارب الذين اعتقلوا في حزيران/يونيو. وحقق مع أقارب آخرين وطلب منهم إخبار أقاربهم الثلاثة أنهم مطلوبون من مسؤولي أمن الدولة.
وقال سلطان في رسالة نصية على الهاتف إن استهداف أقاربه ربما جاء بسبب مساعدته في الكونغرس على تشكيل تجميع حقوق الإنسان في مصر. وهاجمت الوسائل الإعلامية المؤيدة للنظام سلطان بشكل دائم.
وقال إن الحكومة ربما كانت ترسل رسالة تحدٍ على ظهر عائلتي. وربما كانت محاولة لخلق مشكلة تستدعي اتصالا من الإدارة الجديدة مما يسمح لحكومة السيسي بحل المشكلة التي خلقتها.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس إن الوزارة تتابع التقارير حول اعتقال أقارب سلطان و"نعمل على التواصل مع الحكومة المصرية بشأن قلقنا في ملف حقوق الإنسان".
وتواصل الحكومة المصرية ملاحقة المصريين في الخارج. وفي الشهر الماضي اعتقل ثلاثة من أقارب علي مهدي المقيم في شيكاغو بعد دعوته للاحتفال بالذكرى العاشرة لثورة 25 يناير التي أطاحت بحسني مبارك.
وفي الأسبوع الماضي، قال تقدم الخطيب الأكاديمي المصري في ألمانيا إن قوات الأمن داهمت بيت عائلته وحققت مع والديه حول نشاطه المؤيد للديمقراطية.
وكتب الخطيب في تغريدة الأسبوع الماضي: "أعتقد أن نظام السيسي سينظر إليه على أنه في الجانب الخطأ من التاريخ".
بلومبيرغ: الربيع العربي أثبت ضعف الأنظمة الاستبدادية وخوفها
العقد الضائع بمصر.. من الانتفاضة للثورة المضادة الأكثر وحشية
إندبندنت: 10 أعوام على الثورة تحولت فيها مصر إلى "بوليسية"