ظروف قاسية متتالية تسببت بخسائر فادحة لتجار مدينة
القدس
المحتلة خاصة في البلدة القديمة، وغالبيتها يتسبب بها الاحتلال بشكل متعمد كي يغلق
المحلات
التجارية المقدسية ضمن حربه المستمرة على هوية المدينة.
ومن ضمن هذه الظروف كانت الإغلاقات المتتالية التي فرضها
الاحتلال للحد من انتشار فيروس كورونا؛ والتي حاول خلالها بحسب مراقبين مقدسيين تشديد
الخناق على التاجر الفلسطيني دون وجود أي خطط لدعمه وتنميته على عكس القطاع الاقتصادي
الذي يخص المستوطنين.
مبادرة "المقدسي من تسكنه القدس" انطلقت قبل أيام
قليلة في محاولة لترميم هذا الانهيار وإنقاذ المحال التجارية المقدسية، حيث تشجع الفلسطينيين
على دعم اقتصاد المدينة الذي تداعى خلال الإغلاقات المتكررة.
"انعكاسات كبيرة"
التاجر المقدسي حجازي الرشق يقول لـ"عربي٢١" إنه
خلال العام ٢٠٢٠ وصل إجمالي المدة التي تم إغلاق المحلات التجارية فيها في القدس إلى
أكثر من خمسة أشهر؛ مع احتساب أيام العطل والمناسبات.
ويوضح بأن المحال التجارية أغلقت لما يقارب نصف العام؛ كما
أن أكثر من ٦٤ محلا للتحف الشرقية مغلقة منذ آذار/ مارس الماضي بسبب عدم فتح الحدود
والمعابر؛ وعدم وصول وفود سياحية للقدس والبلدة القديمة بشكل خاص.
وأشار إلى أن الاحتلال فرض في السابع والعشرين من الشهر الماضي
إغلاقا جديدا استمر لأربعين يوما؛ ما أثر بشكل كبير جدا على التجار والوضع التجاري
في البلدة القديمة بشكل خاص.
ووصف الرشق وضع المدينة خلال تلك الفترة بأنها مدينة أشباح
مشلولة بشكل كامل؛ وخاصة نتيجة إجراءات الاحتلال بعدم السماح لأي شخص بالدخول للبلدة
القديمة إن لم يكن عنوانه مسجلا أنه يسكن فيها، مبينا أن هذا أدى لدمار الحركة التجارية
في القدس والبلدة القديمة بشكل خاص.
وأكد أن ذلك كانت له انعكاسات كبيرة؛ فكانت الخسائر فادحة
نتيجة الإغلاقات المتكررة والحالة النفسية التي وصلت لعدد كبير من التجار بسبب الإغلاق
واستمراره دون وجود سقف زمني له؛ حيث كانوا يغلقون لمدة أسبوع ويمددون لأسبوع آخر أو
اثنين ما أدى إلى حالة نفسية سيئة للتاجر.
وأضاف: "الانعكاسات على التاجر كانت خطيرة جدا خاصة تجار
الألبسة الذين منذ عام تقريبا لم يقوموا بتصريف بضائعهم الشتوية ولا الصيفية؛ وبالتالي
أدى ذلك لتراكم الديون وعجزهم عن تسديد الالتزامات وثمن البضائع".
وأوضح أنه لكل هذه الأسباب وبعد إغلاق القدس للمرة الثالثة
بحجة كورونا؛ انطلقت مبادرة مقدسية تحت شعار "الفلسطيني من تسكنه القدس"،
ودعت كل من يستطيع الوصول للقدس لشراء الحوائج من البلدة القديمة وشارع السلطان سليمان
وشارع صلاح الدين وغيرها لمساعدة التجار على التعافي من الخسائر والأضرار الجسيمة التي
لحقت بهم.
وفي الوقت ذاته تمت دعوة التجار خلال الحملة إلى استقبال
الزبائن بأسعار منافسة ومناسبة؛ وتم نشر إعلانات مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي
لدعوة الناس للتوجه للقدس والبلدة القديمة والتسوق منها.
"مهمة ولكن"
الناشط المقدسي أحمد ركن والمشارك في الحملة قال إن هناك حملات
كثيرة سابقة لدعم تجار القدس؛ ولكنها لم تأخذ دورا في الإعلام كما هو مطلوب.
وأكد في حديث لـ"عربي٢١" أن مضايقات كثيرة فرضها
الاحتلال على تجار البلدة القديمة؛ حيث إنه بعد الإعلان عن رفع الإغلاق تم إقفال المحلات
التجارية التي فتحت أبوابها بعد أكثر من شهر، وأن الاحتلال يتعمد عدم وضع خطة واضحة
لها لإعادة الفتح تدريجيا.
وأشار إلى أن شرطة الاحتلال قامت بتحرير مخالفات للكثير من
المحال التجارية التي فتحت أبوابها صباح الأحد؛ وذلك اضطرها للعودة للإغلاق.
وأوضح ركن أن هذه الحملة قد يكون لها صدى في مساعدة التجار
المقدسيين الذين يستهدفهم الاحتلال؛ والذي يعرقل أي جهود تحاول إعادة حيوية البلدة
القديمة ومعنوياتها، وأنه يقوم بتنفيذ حرب ضدها ما يجعل الصراع واضحا مع حكومة الاحتلال.
ولفت إلى أن الاحتلال تفاجأ من أعداد الناس الذين وصلوا للبلدة
القديمة والمسجد
الأقصى؛ حيث كانت الأعداد في ازدياد بسبب الدعوات التي انتشرت لدعم
المحلات وأيضا لأنهم اشتاقوا للمكان.
وفي الوقت ذاته يشدد ركن على أن القضية لا تتعلق بحملات فقط؛
فالكثير من المحلات التجارية أغلقت أبوابها بسبب تراكم الضرائب عليها، وهناك سوق كامل
أغلقت محلاته وهو سوق الخواجات بسبب عدم قدرة التجار على مواكبة الضرائب التي تفرضها
بلدية الاحتلال عليهم.
وأوضح أن انتشار جائحة كورونا أضافت معاناة أخرى للتجار؛
وأن الاحتلال يحاول بطرق مختلفة أن يفرض طوقا عليهم ويجبرهم على إغلاق محلاتهم
إما عن طريق العرض عليه أن يبيع محله التجاري أو يؤجره لأشخاص غير معروفين؛ وبهذه الطريقة
يتم تفريغ المحلات من أصحابها.