نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي إيشان ثارور، ترجمته "عربي21"، قال فيه إنه عند التفكير في حظر السفر الذي فرضته إدارة ترامب، يجب استحضار قصة الأمريكي حسين صالح وهو من أصل يمني، والذي لم ير زوجته اليمنية وولديه لأكثر من عامين بعد انفصال عائلتهما بسبب القرار.
قال صالح، المقيم في شيكاغو، لشبكة إن بي سي نيوز: "يقولون، أبي، متى ستأتي؟.. إن ذلك صعب. أقول: لهم قريبا جدا، قريبا جدا سآتي وأجلبكم معي إلى هنا".
كذلك يتعين استحضار قصة "أفصحين راغبي"، وهو رجل يبلغ من العمر 52 عاما من أصل إيراني تقطعت به السبل في تركيا بعد أن تسبب حظر ترامب بعدم النظر في طلبه للحصول على البطاقة الخضراء - ومحاولة لم شمله بزوجته الأمريكية، وقال أفصحين لزملائي في واشنطن بوست: "أمريكا، أحببت ذلك البلد. ولا أزال أحبها.. إنهم يلعبون بحياتنا".
أيضا فكر في رند مبارك، وهي لاجئة عراقية عمل والدها مترجما للجيش الأمريكي في العراق. كانت أسرتهم قد فرت من وطنهم إلى مصر بعد تهديدات بالقتل واعتقدوا أنهم كانوا على وشك الانتقال إلى أمريكا على اعتبار خدمة والدها.
لكن بحلول عام 2017، تلقت آمالهم صفعة قاسية بعد أن أعلن ترامب حظره وأوقف تقريبا برامج إعادة توطين اللاجئين.
وذكرت تقارير لزملائي أن والد مبارك أصيب بمرض في القلب تتطلب علاجا متخصصا في مستشفى أمريكي. لكن لم يكن هناك معاملة خاصة، وتوفي والدها العام الماضي.
فكر في نيغار رحماني، الطالبة الإيرانية المولد البالغة من العمر 26 عاما بجامعة رود آيلاند، والتي بقيت في مؤسستها الأكاديمية بعد دخول الإجراءات التنفيذية لترامب حيز التنفيذ، مدركة أن رحلة العودة إلى الوطن ستعني أنها قد تُحرم من العودة إلى أمريكا. ثم انتشر الوباء، وتوفيت والدتها بعد إصابتها بكوفيد-19. قالت رحماني لصحيفة نيويورك تايمز: "أشعر وكأنني في قفص منذ أربع سنوات.. كان بإمكاني العودة كل صيف. كان من الممكن أن تزورني أمي. أشعر بمنع السفر في عظامي وجلدي".
هذه مجرد أسماء قليلة من مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين تعرضت حياتهم للفوضى بجرة من قلم ترامب.
وكانت حملة الرئيس السابق الانتخابية قد ارتكزت على وعد متطرف بـ"منع تام وكامل للمسلمين الذين يدخلون أمريكا".
اقرأ أيضا: منع السفر.. قرار إسرائيلي يتحكم بحياة آلاف الفلسطينيين
وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه، أصدر أمرا تنفيذيا يحظر مؤقتا دخول الأشخاص وتجميد طلبات اللجوء من سبع دول ذات أغلبية مسلمة.
واحتشد ناشطون وجماعات قانونية ضد ما وصفه كثيرون بـ"حظر المسلمين" ؛ بعد سلسلة من الطعون في المحاكم الدنيا، حكمت بأن الأمر التنفيذي لترامب تمييزي.
لكن المحكمة العليا أيدته في عام 2018 بعد أن أعاد ترامب إصدار أوامره التنفيذية، مضيفا حفنة من الدول التي ليست ذات أغلبية مسلمة.
وبحلول نهاية رئاسة ترامب، كان المواطنون من إيران وليبيا وسوريا واليمن والصومال ونيجيريا وميانمار وأريتريا وقيرغيزستان والسودان وتنزانيا وكوريا الشمالية يخضعون جميعا لحظر واسع على الحصول على التأشيرات الأمريكية.
وتذرع ترامب بالأمن القومي لتبرير هذا الحظر الواسع. واحتج المنتقدون بأنه لا يوجد دليل يذكر أو لا يوجد دليل على أن اللاجئين والمهاجرين من البلدان المستهدفة يشكلون خطرا أمنيا أكبر من عموم السكان.
وفي معارضة عام 2018، كتبت القاضية سونيا سوتومايور أن حظر ترامب "يتنكر خلف واجهة مخاوف تتعلق بالأمن القومي" وأن "المراقب المنطقي سيستنتج" أن ذلك كان "بدافع العداء ضد المسلمين".
وقال تقرير صادر عن مركز برينان للعدالة في عام 2019، والذي تتبع بيانات وزارة الخارجية بدءا من عام 2017: "بشكل عام، تم منع ما لا يقل عن 42650 شخصا - بما في ذلك الطلاب وأولياء الأمور والأشقاء والسياح والأطفال ورجال الأعمال - من دخول أمريكا بسبب بلدهم الأصلي، وليس لأي علامات تحذير في ملفاتهم".
وألغى الرئيس بايدن الحظر في أول يوم له في منصبه. وقال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي، لبايدن في إفادة للصحافيين: "هذا الحظر، الذي قيد إصدار التأشيرات للأفراد من العديد من الدول الإسلامية والأفريقية، لم يكن أقل من وصمة عار على أمتنا.. لقد كان متجذرا في كراهية الأجانب والعداء الديني، وكان [بايدن] واضحا أننا لن ندير ظهرنا لقيمنا من خلال الحظر التمييزي على دخول أمريكا".
وكتب مقدم التلفزيون وكاتب العمود مهدي حسن في MSNBC: "لقد أظهر حظر المسلمين لنا أمريكا في أسوأ حالاتها: النزعة القومية، وكراهية الأجانب، وكراهية الإسلام.. مئات المسلمين اعتقلوا، منع الآلاف من الدخول، العائلات الممزقة..
التنازلات التي تم الترويج لها كثيرا والتي وعدت بها إدارة ترامب، والتي اعتمد عليها [رئيس المحكمة العليا جون] روبرتز في حكمه، لم تتحقق أبدا بينما أشارت الدراسات إلى أن هذا كان، في الواقع، هجوما صريحا على المهاجرين المسلمين".
وكتب زملائي في واشنطن بوست، أنه بالنسبة لعدد لا يحصى من غير المواطنين، وكذلك الأمريكيين الذين تشابكت حياتهم معهم، لا يوجد عكس لأفعال ترامب. "لن يكون هناك استعادة لما تم فقده: اللحظات مع الأحبة، والأموال التي تم إنفاقها على زيارات الشركاء الذين تقطعت بهم السبل أو القنصليات البعيدة، وفرص العيش في أمريكا التي كانت تلوح، ثم تحطمت أو تأخرت".
وما هو المكسب؟ من المستحيل إثبات أن أمريكا أصبحت أكثر أمانا من خلال إلحاق هذا العذاب بمجتمعات بأكملها في الخارج.
ولكن من الصعب أيضا القول إن ترامب دفع ثمنا سياسيا باهظا لفعله ذلك. وفقا لاستطلاع ABC-Ipsos، يوافق 55% من الأمريكيين على قيام بايدن بإلغاء حظر السفر - وهي أغلبية ضئيلة وحزبية تشير إلى أن عشرات الملايين من الأمريكيين إما لا يتورعون عن مثل هذا الألم للغرباء، أو ليس لديهم أي فكرة عن البؤس الذي تسبب به الحظر وشدة نظام الهجرة الذي كان موجودا بالفعل قبل تولي ترامب منصبه.
ومع ذلك، يدعو الناشطون إدارة بايدن إلى المضي قدما في أجندة أكثر ليبرالية. إلى جانب إلغاء سياسات ترامب، يريدون من بايدن توسيع إعادة توطين اللاجئين، بالتنسيق مع الدول الغنية الأخرى، لمراعاة الحجم غير المسبوق لعدد اللاجئين في العالم..
ويحثون مسؤولي بايدن على مراجعة بروتوكولات الهجرة القديمة التي يعتقدون أنها تظهر تحيزا ضد المتقدمين العرب والمسلمين.
قالت ديالا شماس، محامية حقوق الإنسان في مركز الحقوق الدستورية، لموقع ميدل إيست آي: "لا نريد ببساطة العودة إلى الوضع قبل ترامب.. لقد عمل الكثير منا بجد لإزالة جميع أنواع الجوانب التمييزية لنظام الهجرة لدينا قبل أن يأتي ترامب أصلا".
WP: ترامب يقود كادرا من المتآمرين لعرقلة "الديمقراطية"
ذا هيل: لا أصدقاء للسعودية في واشنطن بعد ترامب
التايمز: بايدن على خطى ترامب بالشرق الأوسط المضطرب