حذر خبراء ومحللون اقتصاديون من التداعيات الاقتصادية المتوقعة على خلفية طرح النظام السوري أكبر ورقة نقدية في تاريخ البلاد.
وبمجرد إعلان مصرف سوريا المركزي التابع للنظام السوري عن طرح ورقة نقدية جديدة من فئة 5000 ليرة سورية للتداول، حتى سجلت قيمة الليرة تراجعا في الأسواق أمام الدولار الأمريكي، مقارنة بأسعار اليوم السابق.
ومساء الأحد، ارتفع الدولار 40 ليرة في أسواق دمشق وحلب، بسعر وصل عند 2960 ليرة للدولار الواحد، وهو ما عزاه محللون اقتصاديون إلى الآثار النفسية والمخاوف التي خلفها طرح النظام للورقة النقدية الأكبر في تاريخ العملة السورية.
"كارثة اقتصادية"
ويرى الخبير الاقتصادي، سمير الطويل، أن إصدار أي ورقة نقدية كبيرة وغير معهودة، يتطلب وجود عوامل عدة، غير متوفرة في الحالة السورية، وفي مقدمتها وجود اقتصاد قوي، إلى جانب حزم تحفيزية من شأنها رفع القدرة الشرائية.
وأضاف لـ"عربي21"، أن النظام اختار أن يمضي في طباعة الفئة النقدية الجديدة، دون أن يكون الوضع الاقتصادي ملائما، وهو ما يجعلنا نعتقد أن النظام يعاني من أزمة نقص حادة في السيولة النقدية المحلية والأجنبية.
وأوضح الطويل، أن النظام بحاجة إلى السيولة لدفع الرواتب والأجور، وكذلك إلى تمويل العجز الكبير في الموازنة العامة السنوية للدولة، بحيث لجأ النظام إلى الاقتراض من المصارف لتأمين مبلغ الموازنة، وبذلك سيقوم النظام بسداد ديونه بهذه الفئة النقدية الجديدة.
ووفق الخبير الاقتصادي، فإن طرح هذا الكم الكبير من السيولة النقدية، دون سحب ما يساويها من الكتلة المتداولة، سيقود إلى كارثة اقتصادية، بحيث يرتفع معدل التضخم ويصبح عصيا على الكبح، ما يزيد بالتالي معدلات الفقر.
وأكد الطويل أن النظام لا يمتلك احتياطيا كبيرا من العملات الأجنبية ولا الذهب ليساعده ذلك على دعم الليرة السورية، وأن تبعات ذلك ستظهر تباعا خلال الفترة القادمة.
اقرأ أيضا: النظام يطرح أكبر ورقة نقدية بتاريخ سوريا.. ما قيمتها بالدولار؟
تزايد نزيف الليرة
من جانبه، رجح المراقب الاقتصادي، والمفتش المالي المنشق عن النظام، منذر محمد، أن تسجل الليرة السورية مزيدا من التدهور بعد طرح النظام الورقة النقدية الجديدة، لأن السوق السورية لا تعاني من نقص السيولة، وإنما من خسارة الليرة لقيمتها.
وقال لـ"عربي21": "إن سعر الليرة بات رهن إجراءات النظام اللاحقة، ففي حال سحب النظام كتلة من السيولة تساوي على الأقل المبالغ المطروحة بالفئة الجديدة، فإن سعر الليرة سيبقى في وضعه الراهن، وفي حال العكس، فإننا سنشهد ارتفاعا جنونيا للدولار".
وتابع محمد قائلا: "لم يطرح النظام الفئة الجديدة، إلا لأنه بحاجة إلى مزيد من السيولة، وهذا ما سيؤدي إلى زيادة نزيف الليرة، ووصول قيمتها إلى مستويات قياسية".
وفي الاتجاه ذاته، وصف المراقب الاقتصادي، سياسات النظام الاقتصادية بـ"المتخبطة"، وقال: "إن على السوريين التجهز لمرحلة اقتصادية صعبة للغاية، والأسعار ستحلق قريبا".
"رعونة سياسية"
بدوره توقع رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" الدكتور أسامة القاضي، أن يتجاوز سعر الدولار حاجز الـ5000 ليرة سورية، في حال تم تعويم الليرة السورية، وقال لموقع محلي، إن هذا الوضع "انعكاس طبيعي للرعونة السياسية والإدارية لحكومة النظام السوري".
وأضاف أن "الاقتصاد السوري فقد كل مقوماته الأساسية التي يرتكز عليها، والتي كانت بالأصل ضعيفة وتحتاج إلى تمكين قبل عام 2011".
والأحد، كان مصرف سوريا المركزي، قد باشر بطرح أكبر ورقة نقدية في تاريخ البلاد، مؤكداً أن تداولها في الأسواق، بدأ اعتبارا من الأحد، وأضاف في بيان نشره عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن"الوقت قد أصبح ملائما وفق المتغيرات الاقتصادية الحالية لطرح الفئة النقدية الجديدة"، التي طبعها قبل عامين.
وكان النظام السوري قد أصدر في العام 2017، ورقة نقدية من فئة 2000 ليرة سورية، ومن المرجح أن يصدر ورقة من فئة 10000 ليرة في وقت لاحق.
يذكر أن الدولار الأمريكي الواحد كان بحدود الـ50 ليرة سورية قبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011.
النظام يطرح أكبر ورقة نقدية بتاريخ سوريا.. ما قيمتها بالدولار؟
خسائر فادحة لليرة السورية في 2020.. ما توقعات العام الجديد؟