•ثورة يناير أخفقت لأن الجماعات والأحزاب السياسية لم تكن بمستوى إلهام الثورة ولا بمستوى تضحيات المصريين
•الأحزاب والجماعات السياسية مستعدة للمعارضة لكنها غير مؤهلة بعد لتولي حكم مصر
•المجلس العسكري قام في فبراير 2011 بانقلاب عسكري ناعم بهدف قطع الطريق على أي رئيس مدني
•الجيش هو المستفيد الأول من اندلاع ثورة يناير لحماية مصالحه الاقتصادية الهائلة واستغل الثورة ليمرر انقلابه
•هناك تغيرات داخلية وإقليمية ودولية سيكون لها تأثيرات محدودة على الأوضاع بمصر
•أتوقع حدوث أزمة اقتصادية كبيرة تمتزج بتفاقم أزمة الثقة في نظام السيسي حتى من داخل النظام نفسه
•قد نشهد احتجاجات شبيهة بما حدث في سبتمبر 2019 أو انتفاضات جوع مشابهة لانتفاضات يناير عام 1975 و1979
•التذمر والغضب والجوع لا يكفي وحده لصناعة ثورة.. لكن عزل السيسي لا يشترط اندلاع ثورة
•يصعب تصور حدوث مساندة دولية جادة لأي عمل احتجاجي دون أن يكون هناك مشروع بديل واضح
•قوى المعارضة الآن أضعف كثيرا مما كانت عليه في يناير 2011 والفجوة بينها لن تسدها "مصالحات ورقية"
•هناك توتر متزايد في العلاقة بين مصر وأوروبا.. وقضية "ريجيني" مفتوحة على كل الاحتمالات
•موقف حكومات الغرب تغير كثيرا تجاه الربيع العربي بعد انزلاقه إلى صراعات مسلحة وحروب أهلية
•المطلوب من بايدن ترجمة تعهده بوقف دعم الممارسات الديكتاتورية للسيسي إلى أفعال ملموسة
قال مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، إن "هناك تغيرات تحدث في الساحة الداخلية في مصر، وأخرى في المجتمع الدولي، خاصة مع تولي الإدارة الأمريكية الجديدة"، متوقعا أن يكون لتلك التغيرات المرتقبة تأثيرات محدودة على الأوضاع داخل مصر.
وفي مقابلة أجرتها معه "عربي21"، توقع "حسن" حدوث "أزمة اقتصادية كبيرة تمتزج بتفاقم أزمة الثقة في نظام (عبد الفتاح) السيسي، حتى من داخل النظام نفسه، ومن داخل المجتمع الدولي أيضا، وقد تحدث بعض الأعمال الاحتجاجية شبيهة بما حدث في أيلول/ سبتمبر 2019 أو انتفاضات جوع مشابهة لانتفاضات كانون الثاني/ يناير عام 1975 و1979".
واستدرك قائلا: "لكن التذمر والغضب والجوع لا يكفي وحده لصناعة ثورة، إلا أن استمرار السيسي في الحكم من عدمه لا يتوقف فقط على مسألة اندلاع الثورة".
وشدّد "حسن" على أن "هناك أزمة ثقة كبيرة في عبد الفتاح السيسي، وهذه الأزمة مرشحة للتفاقم بشكل خاص في عام 2021، لكن هل ستؤدي تلك الأزمة إلى الإطاحة به من داخل النظام؟ هذا أمر محتمل، ولكن لا يستطيع أي شخص أن يُجزم بذلك"، لافتا إلى أن "شعبية السيسي أقل بشكل هائل مما كانت عليه في عام 2013، وقوة مركزه داخل نظام الحكم، وداخل الجيش، أقل كثيرا مما كانت عليه في 2013".
واعتبر "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، التي تحدث عنها سابقا وزير الخارجية المصري سامح شكري، مجرد مناورة لمحاولة خداع المجتمع الدولي فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، مشيرا إلى أنه "لا توجد أي مؤشرات على جدية هذا التوجه، بصرف النظر عن حسن النوايا لدى بعض الدبلوماسيين في وزارة الخارجية، لأن القرار ليس بيدهم".
وذكر الحقوقي المصري البارز أنه "على الأرجح سيتم الإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين، لكن هذا لا علاقة له بما تُسمى بالاستراتيجية الوطنية الخاصة لحقوق الإنسان، وإنما له علاقة بالإدارة الأمريكية الجديدة التي أعلنت بشكل واضح أنه سيكون لها اهتمام كبير بقضايا بحقوق الإنسان في العالم، وبشكل خاص في مصر والسعودية، وبالتالي فهذه الإفراجات هي استجابة لتغيرات في الساحة الدولية".
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
في الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير.. أين تقف تلك الثورة الآن؟ وما الذي تبقى منها؟ ولماذا أخفقت كما يرى كثيرون؟
ما تبقى من ثورة يناير هو الحلم والإلهام الذي بعثته ثورة يناير، والأعمال التحضيرية لها، ولكن – مع الأسف الشديد - ثورة يناير أخفقت، لأن الجماعات والأحزاب السياسية لم تكن بمستوى هذا الإلهام ولا بمستوى تضحيات المصريين التي تكبدوها في سياق الثورة وخلال السنوات العشر السابقة.
الأحزاب والجماعات السياسية - وأنا هنا لا أتحدث عن أفراد وإنما عن جماعات - هي بطبيعتها مستعدة دائما للمعارضة، ويصعب القول إنها كانت في 11 شباط/ فبراير 2011 - بعد تنحي مبارك - مستعدة أو مهيأة، ولديها الخطط المناسبة لتولي حكم مصر، كما لا أظن أن جماعة الإخوان المسلمين كانت مستعدة في تموز/ يوليو 2012 لتولي حكم مصر. وأيضا لا أظن أيضا أن جبهة الإنقاذ كانت مستعدة لذلك في 30 حزيران/ يونيو 2013.
للأسف جماعات وأحزاب المعارضة في مصر مستعدة دائما للمعارضة فقط، لكنها لم تتخذ بعد الخطوة الأولى، أي أن تتخيل أنها ستكون غدا في مقعد حكم مصر. عندما تتعامل المعارضة مع نفسها باعتبارها كذلك فإنها بالتأكيد ستطرح على نفسها أسئلة ربما لم تطرحها منذ تموز/ يوليو 1952.
الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قال في مذكراته "أرض موعودة" إن ضغوطه ربما نجحت في إقناع قادة الجيش المصري بالتخلّي عن مبارك، ولا يزال هناك جدل وأحاديث مختلفة حول حقيقة ما جرى في 11 شباط/فبراير 2011.. هل كان "انقلابا ناعما" أم ثورة حقيقية؟
من وجهة نظري الشخصية – وهو ما طرحته في إحدى مقالاتي بالصحف المصرية عام 2012 – أن المجلس العسكري قام في شباط/ فبراير 2011 بانقلاب عسكري ناعم، وأن هذا الانقلاب كان سيمضي في طريقه حتى وإن اعترض أوباما أو المجتمع الدولي؛ لأن الهدف الرئيس للجيش في مصر لم يكن ثورة يناير بحد ذاتها، أو قمع جماعات وأحزاب يناير، بل كان هدفه الرئيس هو قطع الطريق على أي رئيس مدني سواء جاء من قلب يناير أو من أبناء حسني مبارك.
البرلماني والكاتب الصحفي عبد العليم داوود قال سابقا إنه "لولا ثورة يناير لكان السيسي يؤدي اليمين أمام جمال مبارك محافظا لبني سويف"، فمَن هم أكثر المستفيدين من اندلاع ثورة يناير برأيك؟
بالتأكيد الجيش في مصر هو المستفيد الأول والرئيسي من اندلاع ثورة يناير؛ فالجيش المصري له مصالح اقتصادية هائلة لا يتخلى عنها، بل يتوسع فيها يوما بعد يوم على حساب رفاهية مصر والمصريين، بل يظن الجيش أنه يحتاج لحكم مصر كي يحمي هذه المصالح، ليس في مواجهة أنصار يناير فحسب، بل ومن قبل ذلك في مواجهة جمال مبارك، لذا أعتقد أن الجيش كان يحتاج لثورة يناير ليمرر انقلابه.
هل الموقف الغربي من ثورة 25 يناير تغير إلى حد كبير بعدما أشادوا بها كثيرا في أعقاب اندلاعها؟ ولماذا؟
لو تحدثنا عن موقف حكومات الغرب، فقد تغير هذا الموقف كثيرا، ليس فقط تجاه ثورة يناير ولكن تجاه الربيع العربي كاملا، بعد انزلاق الربيع العربي في صراعات مسلحة وحروب أهلية، وظهور منظمات إرهابية مثل "داعش"، لكن على الجانب الآخر موقف منظمات المجتمع المدني في الغرب، وبعض الأحزاب السياسية، ومراكز التفكير، ووسائل الإعلام، لم يتغير سواء تجاه ثورة يناير أو الربيع العربي.
هل مسيرة وتحولات ثورة يناير ستكون مختلفة خلال العام 2021 خاصة أن موازين القوى الداخلية والإقليمية والدولية آخذة في التغير؟
بالتأكيد هناك تغيرات تحدث في الساحة الداخلية في مصر، وأخرى في المجتمع الدولي، وبشكل خاص تولي إدارة أمريكية مختلفة عن إدارة ترامب، وهو ما سيكون له تأثيره على سلوك الولايات المتحدة، وبالتالي الموقف في أوروبا.
وإذا تحدثنا عن الوضع في مصر، فأتوقع أن التأثيرات ستكون محدودة، حيث أنني أتوقع حدوث أزمة اقتصادية كبيرة تمتزج بتفاقم أزمة الثقة في نظام عبد الفتاح السيسي حتى من داخل النظام نفسه، ومن داخل المجتمع الدولي أيضا، وقد تحدث بعض الأعمال الاحتجاجية شبيهة بما حدث في أيلول/ سبتمبر 2019 أو انتفاضات جوع مشابهة لانتفاضات كانون الثاني/ يناير عام 1975 و1979، لكن التذمر والغضب والجوع لا يكفي وحده لصناعة ثورة.
ومن الضروري أن نلاحظ أن القوى السياسية المعارضة في مصر الآن أضعف كثيرا مما كانت عليه في كانون الثاني/ يناير 2011، بل إن الفجوة بينها أكبر، وهي فجوة لن تردمها "مصالحات ورقية" مهما بدا من حسن نوايا أصحاب هذه المصالحات.
أما على الصعيد الدولي؛ فأظن أن العالم – بعد تجربته السلبية مع الربيع العربي - صار أقل استعدادا للسير وراء أحلام وشعارات رومانسية – رغم مشروعية تلك الأحلام والشعارات – كما أظن أن المجتمع المصري والمجتمع الدولي يتفقان أيضا حول هذه النقطة، بمعنى صعوبة تصور حدوث مساندة جادة لأي عمل احتجاجي دون أن يكون له مشروع بديل واضح، وبرامج مدروسة ومقنعة.
هل تتوقع أن يظل عبد الفتاح السيسي في منصبه حتى عام 2024؟
استمرار السيسي في الحكم من عدمه لا يتوقف فقط على مسألة حدوث ثورة أو لا، ولكن يتوقف على مدى توافر الثقة فيه من داخل نظام الحكم ذاته، وخاصة من داخل الجيش، ومن داخل الأجهزة الأمنية الكبرى أعني المخابرات العامة والحربية.
وكما ذكرت من قبل أن هناك أزمة ثقة في عبد الفتاح السيسي، وهذه الأزمة مرشحة للتفاقم، خاصة هذا العام، لكن هل ستؤدي إلى الإطاحة به من داخل النظام؟ أمر محتمل، ولكن لا يستطيع أي شخص أن يجزم بذلك.
اقرأ أيضا: شخصيات مصرية تؤسس حزبا معارضا في الخارج
أما الشيء المؤكد والحقيقة المؤكدة أن شعبية السيسي - على المستوى الشعبي - أقل بشكل هائل مما كانت عليه في عام 2013.
كما أعتقد أن قوة مركزه داخل نظام الحكم وداخل الجيش أقل كثيرا مما كانت عليه في 2013.
وزير الخارجية سامح شكري قال إن مصر على وشك أن تصدر "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".. فهل لديكم تفاصيل عن هذه الاستراتيجية؟
ليست لدي تفاصيل، ولكن يمكن استنتاجها، وعلينا أن نلاحظ أن الدول التي تستحق أن توصف بأنها دول حقيقية تُوضع فيها الخطط الوطنية بواسطة مؤسسات معنية بالشأن الداخلي، ويمكن المشاركة في وضع هذه الخطة الوطنية من خلال مُمثل أو أكثر من وزارة الخارجية، أما في الدول التي لا تستحق أن تحمل اسم دولة، تُوضع الخطط الوطنية عن طريق وزارة الخارجية بهدف إجراء مناورة لخداع المجتمع الدولي فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في مصر.
ومع الأسف ليس هناك مؤشر على جدية هذا التوجه - بصرف النظر عن أنه من المحتمل أن تكون هناك كثير من حسن النوايا لدى بعض الدبلوماسيين في وزارة الخارجية المصرية- لأن القرار ليس بيد الدبلوماسيين، ولا حتى بيد وزير الخارجية نفسه.
لكن هناك بعض الأنباء التي تشير إلى احتمالية الإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين من بينهم صحفيون ونشطاء.. ما صحة هذه الأنباء؟
هذه المعلومات صحيحة على الأرجح، ولكن هذا لا علاقة له بما تُسمى بالاستراتيجية الوطنية الخاصة لحقوق الإنسان، وإنما له علاقة بوجود إدارة أمريكية جديدة أعلنت بشكل واضح أنه سيكون لها اهتمام كبير بقضايا بحقوق الإنسان في العالم، وبشكل خاص في مصر والسعودية؛ فهذه الإفراجات - مع الأسف الشديد- لا ترتبط بالتطور السياسي داخل مصر، وإنما استجابة لتغيرات في الساحة الدولية؛ فالسيسي يتعامل مع سجناء الرأي والسياسيين في مصر باعتبارهم "رهائن" ليقايض عليهم الأطراف الدولية.
برأيك، هل ستكون تلك الإفراجات محدودة أم واسعة؟
حسب معلوماتي، كان هناك اتجاهان داخل إدارة عبد الفتاح السيسي؛ الفريق الأول كان يقول بضرورة إبداء حسن النية مبكرا مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وبالتالي كان يجب الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين قبل تولي بايدن الحكم في أمريكا، والأهم من العدد الكبير هو أن يشتمل هذا الإفراج على عدد من الأسماء المعروفة لدى الرأي العام المصري والخارجي.
بينما كان هناك اتجاه آخر - وأظن هو ما أؤخذ برأيه - يعتبر ملف المعتقلين السياسيين ورقة ضمن أوراق التفاوض مع إدارة بايدن، ويرى بعدم الإفراج عن كثيرين بدعوى أن ذلك سيُفقد النظام "أوراق الضغط" التي يمكن استخدامها على مائدة التفاوض مع إدارة بايدن في مقابل تنازلات أو امتيازات تطلبها إدارة السيسي من إدارة بايدن، وبالفعل رجح أصحاب الاتجاه الثاني، بألا يكون عدد المُفرج عنهم كبيرا، وأن يتم تأجيل تلك الخطوة لما بعد تنصيب بايدن.
القضاء المصري تعرض طوال فترة حكم السيسي لضربات متتالية.. فما هي الخطة اللازمة لإصلاح القضاء والعمل على استقلاله؟
لسنا في حاجة "لاختراع العجلة من جديد"؛ فنادي القضاة في عهده الذهبي - قبل عام 2011 – تحت رئاسة المستشار زكريا عبد العزيز كان له تصور مفصل ورائع لإصلاح منظومة القضاء المصري، وأرى أن أي خطوة تجاه إصلاح المؤسسة القضائية في مصر عليها أن تبدأ من التوصيات التي قدمها نادي القضاة في ذلك الوقت.
لماذا لم نشهد تفعيلا ملموسا على أرض الواقع لقرار البرلمان الأوروبي الصادر في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2020 حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر؟
قرار البرلمان الأوروبي حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر شأنه شأن باقي قرارات البرلمان الأوروبي. فهو ليس بتشريع، بل هو مجموعة توصيات مقدمة إلى حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لكي تتخذ ما يناسبها من قرارات.
تطور الأمور المتعلقة بتحسين ملف حقوق الإنسان في أي دولة من الدول لا يحدث "بالضربة القاضية"، وإنما يحدث بشكل تراكمي مثل كل عمل إنساني، مثل العلم، ومثل اكتشاف "فاكسين" لعلاج كورونا؛ فهذا لا يتم في يوم وليلة، وإنما عن طريق عمل تراكمي يتم في هذا الاتجاه.
وكما أوضحت في مقال نشرته مؤخرا أن القرارات الأخيرة التي أصدرها البرلمان الأوروبي بشأن الملف المصري هي من أهم القرارات التي أصدرها البرلمان خلال السنوات السبع الأخيرة، وهي خطوة مهمة في الاتجاه التراكمي الذي أتحدث عنه.
هل علاقة مصر بأوروبا ستسوء بعد انتقاد البرلمان الأوروبي أوضاع حقوق الإنسان في مصر؟
العلاقة بين مصر وأوروبا خلال السنوات الأخيرة علاقة "شد وجذب"، وذلك بالرغم مما نراه دائما من عبد الفتاح السيسي، وهو يسعى لشراء صمت الدول المهمة في أوروبا مثل: فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وشراء هذا الصمت عن طريق عقد صفقات أسلحة لا تحتاجها مصر ولا يحتاجها الجيش المصري، ولكن هي بمثابة "رشوة" لتلك الدول لشراء صمتها تجاه ما يحدث في مصر.
أقول بأن هناك توترا متزايدا، لأن هناك - من ناحية أخرى – ضغوطا متصاعدة من داخل الرأي العام في أوروبا ومن داخل البرلمانات، وحتى من داخل أحزاب الأغلبية الحاكمة في هذه الدول. وقرار البرلمان الأوروبي هو انعكاس لتصاعد التوتر، ليس فقط بين البرلمان الأوروبي وحكومة السيسي، وإنما أيضا بين الحكومات وأحزاب الأغلبية الحاكمة المُمثلة في هذا البرلمان الأوروبي.
لماذا قامت إيطاليا بإرسال المزيد من الأسلحة إلى نظام السيسي رغم إعادة طرح قضية ريجيني بشكل قوي نسبيا؟
الحكومة الإيطالية كغيرها من الحكومات في كل دول العالم - بما في ذلك الحكومات العربية والإسلامية – ليسوا ملائكة، بل سياسيون عليهم أن يوازنوا بين مصالح قد تبدو متناقضة، وبالتالي هناك مصالح تتعلق بالحصول على أموال لتحسين موارد هذه الدول – وأتحدث تحديدا عن إيطاليا - وهناك أيضا اعتبارات خاصة بحقوق الإنسان فيما يتعلق بمواطن إيطالي جرى إخفاؤه وتعذيبه وقتله بواسطة الحكومة التي تطلب استيراد هذا السلاح. وأنا شخصيا أتضامن مع الدعوة القضائية التي رفعتها عائلة جوليو ريجيني ضد الحكومة الإيطالية فيما يتعلق بهذا الشأن.
برأيك، بماذا ستنتهي قضية "جوليو ريجيني"؟
بالطبع الاحتمالات متعددة ولا أستطيع أن أجزم بشيء، ولكن الأمر المهم قد حدث، وهو أن القضية الآن لم تعد متوقفة على قرار الحكومة المصرية، بمعنى الإطالة والتسويف في تقديم معلومات، أو في التعاون مع الأجهزة القضائية في إيطاليا، أو الاعتراف بالجريمة نفسها، ومسؤولية الحكومة وأجهزة الأمن المصرية.
وكما يقال "الكرة الآن في ملعب الطرف الآخر"، وستكون هناك محاولة للتأثير السياسي ليس فقط من الحكومة المصرية، وإنما أيضا من مؤسسات الأعمال الإيطالية التي تستفيد من الاستثمار في مصر، ومن مبيعات السلاح؛ فبالتالي الاحتمالات مفتوحة، ولأننا لا نتحدث عن دولة من العالم الثالث مثل مصر؛ ففرص التأثير في قرار القضاء هناك أقل كثيرا مما يحدث بدول العالم الثالث.
ما انعكاسات المصالحة الخليجية وفوز جو بايدن برئاسة أمريكا على أوضاع مصر وملف حقوق الإنسان؟
بالنسبة لي شخصيا، وبالنسبة لكثير من المراقبين سواء الأكاديميين أو السياسيين أو الصحفيين، ليس واضحا بما يكفي بعد، ما هي دوافع المصالحة الخليجية؟ وما هي نتائجها؟ وحتى الآن تبدو كأنها مصالحة قطرية – سعودية أكثر من كونها مصالحة خليجية شاملة، وما زلنا بحاجة لمزيد من الوقت حتى تتكشف المعلومات الحقيقية.
أما عن الإدارة الأمريكية الجديدة، فأظن أن أهم تطور إيجابي هو رحيل ترامب، لكونه الداعم الأكبر في العالم لديكتاتورية عبد الفتاح السيسي في مصر، وسيظل ذلك أهم تطور إلى أن يتخذ جو بايدن موقفا مُعلنا كرئيس من ملف حقوق الإنسان في مصر، وعلينا الانتظار لنرى ما الذي ستفعله الإدارة الأمريكية الجديدة.
هل أنتم على تواصل مع الإدارة الأمريكية الجديدة؟ وهل تتوقع أن تأخذ موقفا مُعلنا من ملف حقوق الإنسان في مصر؟
الإدارة الجديدة لم تتسلم مكاتبها بعد، كما لم تتم جميع التعيينات في هذه الإدارة بشكل كامل، فعلى سبيل المثال لم يتم حتى الآن تعيين الشخص المسؤول عن ملف الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية، والتي إحدى مسؤولياته ما يتعلق بالوضع في مصر، كما لم يُعيّن بعد المسؤول عن ملف حقوق الإنسان في الخارجية الأمريكية، لذا فلعينا أن ننتظر بعض الوقت حتى تتم تلك التعيينات.
ما الذي تطلبونه من الإدارة الأمريكية الجديدة؟
أهم وأول مطلب لنا من الإدارة الجديدة هو أن يفي الرئيس جو بايدن بالوعد الذي قطعه على نفسه قبل انتخابه عندما، حينما قال: "لا شيكات على بياض بعد الآن للإنفاق على ممارسة السيسي ديكتاتوريته على المصريين"، هذا هو المطلب، ولا نطلب شيئا إضافيا، وأن يحوّل الرئيس الأمريكي هذا التعهد إلى خطوات عملية ومدروسة.
أيهما أكثر دعما لملف حقوق الإنسان في مصر الجانب الأوروبي أم الأمريكي؟
أعتقد أن الولايات المتحدة أكثر دعما لملف حقوق الإنسان في مصر وفي غيرها من الدول، والسبب ببساطة يتعلق بطبيعة النظام السياسي في أمريكا المنفتح على المجتمع، بالرغم من أن النظم في أوروبا نظم ديمقراطية، ولكن هناك عشرات الطرق لتجسيد النظام الديمقراطي.
كما أعتقد أن أكثر النظم السياسية في العالم انفتاحا على مجتمعها هو النظام الأمريكي، وفي إطار هذا الانفتاح على المجتمع فإن حلفاء حقوق الإنسان في المجتمع الأمريكي (سواء المجتمع المدني أو من مراكز التفكير أو وسائل الإعلام) يمكنهم ويمكن لحقوقيين من مصر ومن خارج مصر التأثير على عملية صنع القرار في الإدارة الأمريكية بطرق قصيرة، وبوسائل مباشرة، وهو غير متاح بنفس الانفتاح في النظم السياسية السائدة في أوروبا.
بالطبع، ليس هناك وجه للمقارنة على الإطلاق بين انفتاح الحكومات في أوروبا أو أمريكا على مجتمعاتها أو المجتمعات الخارجية وبين الطابع المغلق الأوتوقراطي والتسلطي والمتعالي من حكومات مصر والدول العربية إزاء مجتمعاتها.
أيمن نور: لهذه الأسباب نقلنا نشاط حزب "غد الثورة" للخارج
مسؤول ليبي: عقيلة صالح انتهى سياسيا ومصير حفتر بيد القضاء
نائب إيطالي ينتقد موقف بلاده من تعامل مصر مع قضية ريجيني