زار رئيس الجمهورية التركي رجب طيب
أردوغان، في 7 كانون الثاني/ يناير الجاري، رئيس المجلس الاستشاري الأعلى لحزب السعادة، أوغوزخان أصيل تورك، في بيته بالعاصمة أنقرة. وحرَّكت هذه الزيارة المفاجئة الكواليس السياسية، وفتحت الأبواب على مصراعيها للتكهنات حول احتمال انضمام
حزب السعادة إلى تحالف الجمهور الانتخابي الذي يضم حزب
العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية.
قد يسأل سائل: "لماذا زار أردوغان أصيل تورك، بدلا من رئيس حزب السعادة تمل كارا موللا أوغلو؟". ويكمن جواب هذا السؤال في طبيعة الهيكل التنظيمي لحزب السعادة، ودور أصيل تورك في الحزب. ومن المعلوم أن المجلس الاستشاري الأعلى، فوق رئاسة حزب السعادة تنظيميا، ما يعني أن منصب أصيل تورك أعلى من منصب كارا موللا أوغلو.
هناك حديث يدور في الأوساط السياسية والإعلامية حول اختلاف موقفي أصيل تورك وكارا موللا أوغلو من حزب العدالة والتنمية، وأن الأول يرى موقف الأخير متشددا. وبغض النظر عن صحة هذا الحديث، فإن نسبة كبيرة من أنصار حزب السعادة تفضل الاصطفاف مع حزب العدالة والتنمية، بدلا من حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني.
نسبة كبيرة من أنصار حزب السعادة تفضل الاصطفاف مع حزب العدالة والتنمية، بدلا من حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني
كارا موللا أوغلو قال في تعليقه على الزيارة، إن أردوغان قد يكون راغبا في التخلص من تحالفه مع حزب الحركة القومية، كما أيَّد بعض الصحفيين المعارضين هذا الرأي. وفي محاولة للإيقاع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، صرح رئيس حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، بأن أردوغان محاصر، وأن الذين يحاصرونه يمررون سياساتهم من خلاله، وأنهم يسعون إلى الإطاحة به حتى لو نجح في الانتخابات الرئاسية القادمة.
ورد رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، على هذه المزاعم، مؤكدا أنهم يدعمون مساعي أردوغان لتوسيع دائرة تحالف الجمهور ولا ينزعجون منها، كما انتقد تصريحات داود أوغلو بشدة.
داود أوغلو ينتقد تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، إلا أن النظام الرئاسي الذي انتقلت إليه
تركيا في صيف 2018 يجبر الأحزاب السياسية على تشكيل
تحالفات انتخابية. ولن يتمكن حزب المستقبل الذي يرأسه داود أوغلو من الحصول على أي مقعد في البرلمان المقبل، بسبب الحاجز الانتخابي (10 في المائة)، إن لم يتحالف مع تحالف الملة أو التحالف الثالث الذي قد يتم تشكيله قبل الانتخابات. ومن المؤكد أن أنصار حزب العدالة والتنمية يفضلون التحالف مع حزب الحركة القومية على التحالف مع حزب الشعب الجمهوري.
الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة في تركيا شهدت تنافس تحالفين، هما تحالف الجمهور وتحالف الملة. إلا أن كمية كبيرة من المياه جرت تحت الجسر منذ 24 حزيران/ يونيو 2018، وانشق كل من أحمد داود أوغلو وعلي باباجان من حزب العدالة والتنمية ليؤسسا حزبيهما، كما أن حزب الشعب الجمهوري يعاني حاليا من مخاض ولادة حزب جديد من رحمه، برئاسة مرشحه السابق للانتخابات الرئاسية، محرم إينجه.
هناك محاولات حثيثة في الساحة السياسية التركية لشق صفوف التحالفين الانتخابيين. ويسعى كل تحالف إلى توسيع دائرته على حساب التحالف الآخر، ليضمن الفوز في الانتخابات القادمة. وقد تؤدي هذه التحركات إلى ظهور تحالف انتخابي ثالث، يضم المنشقين من حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى حزب السعادة والحزب الجيد.
هناك محاولات حثيثة في الساحة السياسية التركية لشق صفوف التحالفين الانتخابيين. ويسعى كل تحالف إلى توسيع دائرته على حساب التحالف الآخر، ليضمن الفوز في الانتخابات القادمة. وقد تؤدي هذه التحركات إلى ظهور تحالف انتخابي ثالث
أكبر معضلة يعاني منها تحالف الملة المعارض، هو خوف بعض أحزابه من الاصطفاف بشكل علني مع حزب الشعوب الديمقراطي. وقد يدفع هذا الخوف الحزب الجيد إلى الانشقاق من تحالف الملة لتشكيل تحالف جديد يضم حزب السعادة والحزب الديمقراطي وحزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم؛ لأن أنصار الحزب الجيد، وكذلك معظم أنصار الأحزاب الأربعة الأخرى، لا يؤيدون تحالف أحزابهم مع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للمنظمة الإرهابية. وإن حدث هذ الانشقاق من تحالف الملة، فإن حزب الشعب الجمهوري سيكون الخاسر الأكبر، وسيبقى وحده مع حزب الشعوب الديمقراطي في تحالف الملة.
أردوغان قبل زيارته لأوغوزخان أصيل تورك، استقبل الشهر الماضي كلا من رئيس حزب هدى، إسحاق صغلام، ورئيس حزب اليسار الديمقراطي، أوندر آكصكال. ويرى محللون أن رئيس الجمهورية يسعى إلى تشكيل تحالف انتخابي واسع من الأحزاب المؤيدة للمواقف والمشاريع الوطنية، سيقف إلى جانب الحكومة في مكافحة الإرهاب، سواء داخل حدود البلاد أو خارجها.
twitter.com/ismail_yasa