في الوقت الذي قضت فيه محكمة مصرية، الأحد، بنقل ممتلكات
وأموال 89 مواطنا مصريا لخزانة الدولة، تداول نشطاء وخبراء في القانون المصري نصا دستوريا
يؤكد أن الحكم جاء بالمخالفة للدستور.
وتنص (المادة ٣٥) من الدستور المصري 2014، على أن "الملكية
الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة
في القانون، وبحكم قضائي، ولا تُنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل
يُدفع مقدما وفقا للقانون".
وقضت الدائرة الأولى بمحكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة، الأحد،
بقبول دعوى نقل ممتلكات وأموال 89 من الإسلاميين معظمهم من أعضاء وقيادات جماعة الإخوان
المسلمين لخزانة الدولة.
وشمل الحكم ورثة الرئيس الراحل محمد مرسي، ومرشد الجماعة
محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، وصفوت حجازي، ومحمد البلتاجي، ومحسن راضي، وأسعد الشيخة،
ومفتي الجماعة عبدالرحمن البر، وأيمن هدهد، وآخرين.
"منظومة شيطانية"
وفي تعليقه على مدى مخالفة الحكم للدستور المصري، قال البرلماني
المصري السابق والمحامي ممدوح إسماعيل: "توجد منظومة شيطانية قانونية بعهد السيسي،
يرأسها مساعد وزير الدفاع للشؤون الدستورية والقانونية اللواء ممدوح شاهين وهي أخطر
من ترزية قوانين عهد مبارك".
إسماعيل، أوضح بحديثه لـ"عربي21" أن "تلك
المنظومة عملت على تفصيل قوانين تفتقد لكل قواعد العدل وأسس القانون وجعلوها تحيط بالمعارضين
من كل جانب، أولا: باختيار دوائر جنائية معينة موالية للسيسي وحاقدة على الإسلاميين
والمعارضين، بالمخالفة لقواعد العمل القضائي"..
وأشار السياسي المصري، إلى "تلفيق القضايا بتهم كيدية
ووقائع ملفقة وإصدار أحكام جنائية تفتقد لأبسط قواعد العدل والقانون، وتخالف بوضوح
ما استقر عليه قضاء النقض الجنائي".
وفي استكماله لدور منظومة النظام، في تفصيل القوانين لفت
ثالثا إلى "وصف الجرائم بالإرهاب زورا، وتفصيل قوانين الكيانات الإرهابية، ووضع
الأشخاص المتهمين في القضايا الملفقة بتلك الكيانات".
وتحدث إسماعيل "عن تفصيل قوانين بالتحفظ ومصادرة أموال
المتهمين بالقضايا الإرهابية، وعمل شكل قانوني للطعن نتائجه لا تتعدى 1 بالمئة للتجميل
القانوني".
وأكد أن "ما صدر من محكمة الأمور المستعجلة الأحد بالمصادرة
هو استباق في غير محله لأن القضاء المستعجل غير مختص أصلا بالموضوع؛ وبالتالي فإنه ما زال يوجد
بقية صراع شكلي وقانوني بمصادرة الأموال".
وتابع: "لكن يبقى أن نظام السيسي صادر أرواح المعارضين
الإسلاميين بالقتل في الشوارع والمحاكم؛ وقد وصلت أحكام الإعدامات لنسبة لم تحدث بتاريخ
القضاء المصري، بخلاف أعداد القتلى بالشوارع والتي لم تحدث بعهد الاحتلال الإنجليزي
(74 عاما)".
وقال إنه "صادر حريتهم بسجنهم بقضايا ملفقة، وصادر مصدر
رزقهم بالفصل من العمل، وصادر أمنهم وأمانهم العائلي بهجرة قطاع كبير من الإسلاميين؛
ولم يبق إلا مصادرة الأموال، وقد قام بالتحفظ ووضع يده عليها وبقيت خطوة صغيرة هي وضعها
بخزينة الدولة، وهي ضريبة دفعها الإسلاميون المعارضون للظلم في مصر".
"جائر ومخالف للدستور"
من جانبه رأى البرلماني المصري السابق، الدكتور عز الكومي
أن حكم محكمة الأمور المستعجلة "جائر ومخالف للدستور؛ فضلا عن صدوره من محكمة
غير مختصة"، معتقدا أن "القصد منه بالأساس تمكين سلطة الانقلاب من الاستيلاء
على ما تبقى من أموال وممتلكات قيادات الإخوان".
وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السابق، لفت في حديثه
لـ"عربي21" إلى المفارقة في تعامل النظام مع قيادات الإخوان ورموز نظام مبارك،
مبينا أن "الحكم الجائر يأتي في الوقت الذي يمرح فيه الفاسدون من نظام مبارك،
الذي قامت عليه الثورة، وينعمون بالحرية".
وأوضح أن "الحكم صدر وفقا للقانون (22) لسنة 2018، الذي
تمت صياغته بتخصيص محكمة (الأمور المستعجلة) بفض جميع المنازعات المتعلقة بهذا النوع
من القضايا وتغييب دور مجلس الدولة، ومحكمتي الجنايات والنقض".
وأكد السياسي المصري أن "هذا يعني ببساطة شديدة ضياع
حق المتضررين من هذا القانون الجائر من اللجوء لدرجة أعلى من التقاضي كما هو معلوم".
وأضاف أنه "بالرغم من أن القانون خالف المادة 35 من
دستور العسكر سنة 2014، التي نصت على أن (الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول،
ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبحكم قضائي، ...)،
وبالتالي فكل ما صدر من أحكام بناء على هذا القانون هو باطل لمخالفته الدستور".
وأكد أن "هذه الأحكام تعيدنا إلى الحقبة الناصرية التي
فرضت وتحت شعار العدالة الاجتماعية، وتطبيق القوانين الاشتراكية، الحراسة على أموال
الأغنياء ونزعت ملكية الكثير من الأراضي وتوزيعها على الفقراء دون دراسة أو معالجة
اجتماعية صحيحة".
اقرأ أيضا: حكم بمصادرة أموال 89 من قادة الإخوان بينها ميراث مرسي لأبنائه
وعبر مواقع التواصل أثار الحكم حالة من الجدل والغضب، فيما
تداول نشطاء مقطع فيديو للرئيس الراحل محمد مرسي، يكشف فيه عن أملاكه، مؤكدا أنه يقطن
في شقة مؤجرة بمنطقة التجمع الخامس، وليس لديه أية أملاك.
من جانبه، نشر أستاذ العلوم السياسية الدكتور حامد عبدالماجد،
نص المادة "35" من الدستور، مصحوبا بأسماء المصادرة أموالهم، معلقا بقوله:
"الدولة المصرية بين الدستور والقانون والواقع".
وقارن الناشط السياسي الدكتور هاني سليمان، بين حكم نقل أموال
89 شخصا من قيادات الإخوان إلى خزينة الدولة، وبين رجال مبارك، مؤكدا أنهم "احتفظوا
بثرواتهم الحرام، وورثوها لأولادهم وأحفادهم من بعدهم".
حملات للإفراج عن المسنين والمرضى بسجون مصر.. هل يستجيب النظام؟
2020.. إعدامات غير مسبوقة في مصر وصمت غربي
بين الإخفاق والنجاح.. حصاد جماعة الإخوان في 2020