أثارت العتبة الحسينية (مرتبطة بمرجعية النجف) ومليشيات شيعية موالية لإيران في العراق، غضب القوى السياسية السنية بسعيها إلى إقامة ما يسمى "طريق السبايا"، الذي يمتد من مدينة كربلاء العراقية وصولا إلى دمشق السورية.
وتزعم الجهات القائمة على المشروع، أن لديها إثباتات تاريخية بأنه الطريق الذي سلكته نساء آل بيت النبوة بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) حيث أخذن "سبيا" إلى سوريا، على حد تعبيرهم.
أهداف المشروع
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، حسين السبعاوي، في حديث لـ"عربي21" إن "المشروع يحمل أهدافا عدة، طائفية واقتصادية وسياسية، وكلها تندرج ضمن المصالح الإيرانية".
ورأى السبعاوي أن مشروع "طريق السبايا" يفتح بابا تاريخيا، أمام الكثير من الأحداث التي جرت في التاريخ الإسلامي، مؤكدا أنه لا يوجد أي سبب قانوني أو أخلاقي لمثل هذه الممارسات سوى خدمة مصالح القوى الخارجية ولا مصلحة للعراقيين بهذا الأمر أبدا.
اقرأ أيضا: العراق يقرر رفع الإشارة للمذهب ضمن مؤسسات الدولة
ولفت إلى أن تنفيذ مثل هذه المشاريع يأتي في ظل وهن أصاب الدولة العراقية منذ 2003، وما هؤلاء إلا أدوات للإجهاض على ما تبقى منها، وأن مشروع "طريق السبايا" لا يخدم الشعب العراقي وإنما "التمدد الفارسي".
السبعاوي رأى أن "التمدد الفارسي بالمنطقة يجري في ظل غض طرف دولي عنه، فرغم الحرب الكلامية بين إيران وأمريكا والغرب بشكل عام، فإن مشروع طهران يتمدد على الأرض في المناطق العربية، والدليل أن النظام الإيراني لم يدخل في حروب إلا مع العرب والمسلمين"، بحسب تعبيره.
وبخصوص السبيل لإيقاف مثل هذه المشاريع، قال السبعاوي إن "المشروع لا يواجه إلا بمشروع وليس بردّات الفعل فقط، فعلى الغالبية السنية في العالم الإسلامي مواجهة هذه المشاريع عبر أخرى بعيدة عن التطرف والقومية والإثنية والعرقية".
"كذبة تاريخية"
وفي السياق ذاته، قال الباحث في الشأن العراقي حامد عباس، إن "المشروع كان مقررا له في البداية أن يمر عبر محافظة الأنبار وصولا إلى سوريا، لكنهم غيروا مساره مؤخرا وادعوا أنه يمر بالموصل، كونهم يخشون التواجد الأمريكي هناك على حدود العراق الغربية مع سوريا".
ولفت عباس في حديث لـ"عربي21" إلى أن "الموضوع لا يعدو كونه كذبة تاريخية، الهدف من إطلاقها في الوقت الحالي السيطرة على مناطق السنة بشكل رسمي، لأن دعوات القوى السنية ما زالت تطالب بإخراج الحشد الشعبي من الموصل".
وأشار إلى أن "هؤلاء يستغلون وهن الدولة العراقية، والدعم الإيراني لمثل هذه المشاريع التي تسعى إلى تغيير ديموغرافيا المنطقة، والإخلال بالتركيبة السكانية لمناطق شمال العراق".
وأكد عباس أن المشروع الحالي هو حلقة من سلسلة مشاريع؛ فهم قبل مدة حرّكوا موضوع السيطرة على أملاك الوقف السني، واليوم يتحدثون عن "طريق السبايا"، وكل ذلك أيضا يحاولون من خلال طرحه حاليا صرف أنظار الشعب العراقي عن قضايا الفساد وابتلاع الدولة ونهب خيرات البلد.
وشدد على أن "القوى السنية في أضعف حالاتها منذ عام 2003 وحتى اليوم، فالكثير من القضايا والحقوق الخاصة بالمكون يجري التفريط بها وهم عاجزون عن فعل أي شيء سوى الاستنكار والشجب، والمفترض تدويل قضاياهم وعدم التصديق بالوعود من الفرقاء السياسيين".
تخوف كردي
وعلى نحو مماثل، قال الكاتب من إقليم كردستان العراق عارف قورباني إنه "ليس خافيا الآن أن هنالك طمعا شيعيا في كردستان، ويرونها خطرا يقف عائقا في طريقهم".
وأضاف قورباني في مقال نشرته شبكة "رووداو" الكردية، الثلاثاء، أنه "بعد سقوط نظام صدام حسين، اختلقوا في مناطق طوزخورماتو (بمحافظة صلاح الدين) قصة تزعم أن حصان الإمام علي وقف على الجبل المطل على طوزخورماتو واتخذوا عنوة من المكان مزارا وشكلوا قوة لحمايته، وقد رأينا النتائج وما حدث في تلك المنطقة".
ونقلت الشبكة عن الباحث والمؤرخ الكردي فرست مرعي، قوله: "يريد الشيعة عن طريق هذا البحث بناء مزارات ومقامات وهمية، مثل مزار زين العابدين في داقوق بمحافظة كركوك الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة، بل إن هدفهم الوحيد هو التمسك بتلك الأرض. الروايات الشيعية كلها تعتمد على مصادر من عهد الصفويين جرى فيها تحريف الكثير من الحقائق التاريخية".
وأشار مرعي إلى أن هنالك محاولات للسيطرة على الموصل التي هي مركز السنة في العراق، وقال: "يريدون تشييع الموصل التي هي مركز السنة في العراق، وبناء مزارات فيها وتمهيد الأرضية لإقامة الهلال الشيعي وتسهيل حركة التنقل الإيرانية وتنفيذ الخطة الاستراتيجية الإيرانية"، بحسب تعبيره.
وكانت جبهة الإنقاذ والتنمية برئاسة أسامة النجيفي، قد طالبت الأسبوع الماضي، الحكومة والوقف الشيعي بالتراجع عن البحث عن الآثار المرتبطة بآل البيت في المناطق المحررة، معتبرة أن هذا النشاط يمكن أن "يثير الفتن" في الوقت الراهن.
وقالت الجبهة في بيان: "تابعنا باهتمام نشاطات الوقف الشيعي والعتبة الحسينية وجولاته في بعض المحافظات المحررة للبحث عن آثار ومقامات يعتقد بأنها مرتبطة بآل البيت".
وأضافت: "من منطلق المسؤولية والواجب الوطني نرى أن مثل هذه النشاطات في الوقت الحاضر تثير الفتن الطائفية وتؤثر سلباً على لحمة النسيج الوطني".
وذكرت مواقع محلية أن "طريق السبايا" يمتد لأكثر من 90 كيلومترا من منطقة آسكي الموصل في مرحلة أولى حتى الحدود مع سوريا، حيث بلدة جزعة المحاذية للحدود العراقية والواقعة بين الحسكة ودير الزور.
لماذا التزمت "رئاسات العراق" الصمت في ذكرى حادثة المطار؟
بلغم بحري كبير.. من يقف وراء محاولة تفجير موانئ العراق؟
بذكرى مقتل سليماني.. هل يقع صدام أمريكي إيراني بالعراق؟