وصف العضو المؤسس في حركة "رشاد"
الجزائرية الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، تبرئة المحكمة العسكرية في البليدة للفريق محمد مدين المدعو بالجنرال توفيق، والجنرال نزار، والجنرال بشير طرطاق، وشقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، ومسؤولين سابقين في الاستخبارات، بعد أقل من شهرين من إعادة فتح القضية أمام
القضاء، بأنه انتصار لجناح الاستئصال وعودة قوية للدولة العميقة".
وأصدر القضاء الجزائري حكم البراءة اليوم السبت بحق كل من السعيد بوتفليقة، ووزير الدفاع السابق خالد نزار وقائد المخابرات الأسبق الفريق محمد مدين -المعروف بالجنرال توفيق- ومنسق أجهزة المخابرات السابق بشير طرطاق -المعروف باسم عثمان طرطاق- والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، في قضية التآمر.
وقال زيتوت في حديث لـ
"عربي21": "هذه الأحكام الصادرة اليوم بحق الجنرالين التوفيق ونزار تحديدا تعني عودة الدولة العميقة بقوة لحكم الجزائر، وهذا بالتحديد ما كنت حذّرت منه منذ العام الماضي، عندما نصحت قائد الجيش الأسبق والرجل القوي في الحكم أحمد قايد صالح بتسليم السلطة للشعب وإلا سيتم طحنه وطحن من معه".
وأضاف: "في الحقيقة لم يكن حكم البراءة مفاجئا لي ولا لكل متابع دقيق للوضع في الجزائر، فقد كان واضحا منذ نهاية العام الماضي، أن الصراع الذي تفجر ما بين أجنحة الحكم على وقع الحراك، هو ما كلف في النهاية قايد صالح حياته، ثم تتالت بعد ذلك محطات إسقاط رموز حكمه الواحد تلو الآخر، فصهره الجنرال صواب قائد الناحية العسكرية الثانية الذي هرب إلى فرنسا ثم سُلّم للجناح الحاكم ومات بعد أسابيع في ظروف غامضة، ثم سكرتيره الخاص ومن يُعرف بالعلبة السوداء الذي هرب إلى تركيا، ثم أعادته أنقرة وهو معتقل في ظروف بالغة السرية، كما أن الحارس الشخصي وهو برتبة رائد اعتقل أيضا ولا يعرف مصيره".
وتابع: "ثم الإطاحة بالرجل الثاني في الدولة واليد الضاربة للقايد صالح الجنرال بوعزة واسيني قائد المخابرات الداخلية. وأخيرا تمت الإطاحة بعدد من الجنرالات على رأسهم أربعة من أكبر جنرالات القايد صالح، تمت الإطاحة بهم وسجنهم.. والمرجح أن تتم الإطاحة ببقية رجالات قايد صالح في أجهزة الدولة بما فيهم وزير العدل الحالي".
وأشار زيتوت إلى أنه على الرغم من أن "الجنرال التوفيق البالغ من العمر 82 سنة مريض، وكذلك خالد نزار البالغ من العمر 83، فإن عودتهما تعني عمليا إعطاء دفع قوي للسياسات الاستئصالية وإنهاء أي أمل بالانتقال إلى دولة مدنية حقيقية.
وحذّر زيتوت من موجة اغتيالات سياسية قد تطال عددا من الشخصيات السياسية قد يلجأ إلى تنفيذها الاستئصاليون إما بقرار داخلي أو بالتنسيق مع الإمارات، بهدف توسيع الخلافات بين مختلف التيارات السياسية المدنية، كما حدث في تونس بعد الثورة، لا سيما أن النظام الجزائري لديه تجربة في التسعينيات، وكان يقود هذه التجربة الجنرالان محمد مدين (التوفيق) وخالد نزار اللذان تمت تبرئتهما اليوم..
واتهم زيتوت الإمارات بإمكانية تنفيذ أو دعم الاغتيالات السياسية لتدمير بلدان المغرب الكبير، وخلق حالة فوضى في البلاد تماما مثلما فعلت في تونس، وقال: "الأرجح أن الاغتيالات التي حصلت في تونس، للسياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي تقف خلفها الإمارات، والهدف من ذلك تدمير المنطقة المغاربية بعد أن ساهمت بقوة في تدمير المشرق العربي".
وحذّر زيتوت من أن النظام الجزائري سيسعى لإرسال الجيش الجزائري باسم ما تسمى الحرب على الإرهاب للقتال في عدد من البلدان المستضغفة في أفريقيا، مثل مالي وبوركينافاسو والنيجر وربما في ليبيا باسم الحرب، ولكن في الحقيقة هذا خدمة لمصالح استعمارية.
وأشار زيتوت إلى أن النظام الجزائري، الذي يعيش حرب تصفية داخلية بين أجنحته، سيسعى وفي إطار مواجهته المفتوحة مع المغرب، وردا على التطبيع المغربي-الإسرائيلي والعلاقات المغربية-الأمريكية، إلى القيام بخدمات عسكرية بما فيها السماح للولايات المتحدة بإقامة قواعد عسكرية في الطليعة، بالإضافة إلى تقديم تنازلات كبيرة لإرضاء روسيا والصين لموازنة ذلك، على حد تعبيره.
وحوكم المسؤولون الذين برأتهم محكمة البليدة اليوم بتهمة اجتماع حضره السعيد بوتفليقة ومدين وطرطاق وحنون يوم 27 آذار (مارس) 2019، لوضع خطة "لعزل رئيس الأركان" المتوفى الفريق أحمد قايد صالح، غداة مطالبته علنا باستقالة رئيس الجمهورية للخروج من الأزمة التي بدأت مع انطلاق الحراك الشعبي يوم 22 شباط من العام نفسه.
وفي شباط (فبراير) الماضي، قضت محكمة الاستئناف العسكرية في البليدة بالسجن 15 عاما على كل من السعيد بوتفليقة ومدين وطرطاق، وإخلاء سبيل حنون بعد قضائها 9 أشهر في السجن.