صادق الكونغرس الأمريكي الاثنين، على قانون يضفي الصبغة الرسمية على إعادة الولايات المتحدة للحصانة السيادية للسودان، وذلك في إطار قرار واشنطن رفع الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ويتضمن التشريع الأمريكي
استثناء، يسمح بالاستمرار في نظر الدعاوى القضائية المنظورة أمام المحاكم
الأمريكية، والتي رفعتها عائلات ضحايا هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 في الولايات
المتحدة، وذلك رغم أن خبراء يقولون إنه "من المستبعد أن يخسر السودان هذه
القضايا".
ويجري السودان محادثات مع الولايات
المتحدة منذ أشهر، وقد دفع تسوية تم التوصل إليها من خلال التفاوض قدرها 335 مليون
دولار لضحايا هجمات تنظيم القاعدة على سفارتين أمريكيتين في شرق أفريقيا عام 1998،
وذلك بعد أن أصدرت محاكم أمريكية أحكاما بفرض تعويضات أكبر كثيرا عليه.
جلسة نادرة
وكانت عملية صرف أموال التسوية
وإعادة الحصانة السيادية للسودان، والتي تحميه من أي دعاوى أمام القضاء الأمريكي، قد
تعطلت في الكونغرس الأمريكي لارتباطها بصفقة خاصة للتغلب على تداعيات فيروس كورونا
والبالغة 892 مليار دولار.
ومساء يوم الاثنين أقر الكونغرس
الاتفاق الأوسع، بعد التوصل لاتفاق في جلسة نادرة عقدت خلال العطلة الأسبوعية، وأُرسلت
إلى الرئيس دونالد ترامب لاعتمادها.
وبمقتضى التشريع ستصدر واشنطن
تفويضا بدفع 111 مليون دولار لسداد جزء من دين ثنائي على السودان و120 مليون دولار،
للمساهمة في سداد ديون عليه لصندوق النقد الدولي، وفي الوقت نفسه ستتيح للسودان مساعدات
قدرها 700 مليون دولار حتى أيلول/ سبتمبر 2022.
اقرأ أيضا: الحكومة السودانية تقرر توحيد أسعار الوقود
وفي الأسبوع الماضي أعلن وزير
المالية السوداني عن قرض تكميلي أمريكي، سيسمح للسودان بتسوية متأخرات عليه للبنك الدولي
قدرها مليار دولار.
وقال مصدر أمريكي مطلع على الأمر
إن "مساعدات الديون ستسهم في إطلاق عملية تخفيف أعباء الديون على السودان على
مستوى عالمي، ما يساعد في تأهله لبرنامج الدول الفقيرة المثقلة بالديون بصندوق النقد
الدولي".
وأضاف مصدر أمريكي مطلع أنه
"بإعادة الحصانة السيادية والمساعدات المالية، ستصبح الخرطوم ملتزمة بتطبيع العلاقات
مع إسرائيل وهي خطوة وافقت عليها تحت ضغط أمريكي"، بحسب ما أوردته
"رويترز".
معارضة قوية
يشار إلى أن السودان
والاحتلال الإسرائيلي أعلنا ببيان مشترك في تشرين الأول/ أكتوبر، أنهما اتفقا على تطبيع
العلاقات وإنهاء حالة الحرب بينهما، غير أن القادة المدنيين في السودان قالوا إن القرار
النهائي سيصدره مجلس تشريعي انتقالي لم يتشكل بعد.
وفي سياق متصل، علقت وزارة العدل
السودانية على تشريع الكونغرس الأمريكي، قائلة: "تود حكومة السودان أن تشير هنا
إلى أن النسخة الأولية التي تم تقديمها إلى الكونغرس الأمريكي كانت تقضي بشطب جميع
القضايا المرفوعة ضد السودان تحت قانون الإرهاب، وتحويل القضايا المرفوعة على السودان
في أحداث 11 سبتمبر 2001، لتكون بموجب (قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب)، المعروف اختصارا
بـ"جاستا" والذي يمكن بموجبه مقاضاة أي دولة بما في ذلك الدول غير المدرجة
في قائمة الإرهاب".
واستدركت الوزارة في بيان:
"إلا أن ذلك الأمر اصطدم بمعارضة قوية من قبل اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ مدفوعين
باعتراضات محامي أسر ضحايا 11 سبتمبر، الذين رفضوا تحويل قضاياهم المرفوعة سلفا ضد
السودان إلى قانون جاستا، وبسبب ذلك قضى التشريع الذي تمت إجازته الآن باستمرار هذه
القضايا وفق قانون الإرهاب، وليس قانون جاستا، كما طلب السودان".
وأردفت: "فيما عدا هذه
القضايا الخاصة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، يوفر التشريع الذي تمت إجازته حماية شاملة
للسودان ضد أي قضايا مستقبلية يمكن أن ترفع ضده بموجب قانون الإرهاب".
وأوضح البيان أن مشروع القانون
يشطب كل القضايا الأخرى المرفوعة ضد السودان، ومن بينها خمس قضايا رفعت هذا العام تتهم
الحكومة السودانية بدعم حركة حماس في أعمال إرهابية تضرر منها مواطنون أمريكيون مقيمون
في إسرائيل، فضلا عن قضية أخرى قام برفعها في منتصف العام الحالي بحارة أمريكيون كانوا
على متن المدمرة كول، ولكن لم يسبق لهم أن قاضوا السودان ويطالبون كذلك بتعويضات من
حكومة السودان".
وأكدت الوزارة أن الوضع القانوني
للسودان بعد بدء سريان التشريع الذي تمت إجازته، سيصبح دولة مكتملة الحصانة السيادية
أمام أية محاولات مستقبلية للتقاضي ضده، استنادا إلى وضعه السابق كدولة كانت مدرجة
في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وبيّنت أن التشريع المجاز يتيح
للسودان إبطال كل الأحكام التي حكمت بها المحاكم مسبقا في قضية السفارتين والقاضية
بتغريم السودان 10.2 مليار دولار، فضلا عن شطب كل القضايا الأخرى المرفوعة ضده حاليا،
عدا الخاصة بأحداث 11 سبتمبر 2001، والتي يمكن مقاضاة أية دولة بشأنها وفقا لقانون
جاستا.
وأكدت وزارة العدل السودانية
أن الخرطوم ملتزمة بالظهور أمام المحاكم الأمريكية، والدفاع عن نفسها في القضايا القائمة
حاليا، لإثبات عدم علاقتها بأحداث 11 سبتمبر وبراءتها من هذه الاتهامات.
ولفتت الوزارة إلى أن هذا
"التطور التاريخي الكبير في علاقات السودان بالولايات المتحدة يعني انعتاق البلاد
مرة واحدة وللأبد من تداعيات فترة حالكة في تاريخ علاقتها مع الولايات المتحدة والعالم،
كما أنه يؤشر لعودة البلاد إلى وضعها الطبيعي كدولة ذات حصانة سيادية على قدم المساواة
مع كل الدول الأخرى".
وتابعت: "بالإضافة إلى
ذلك، يفتح هذا التشريع المجال واسعا أمام السودان للتعاون الاقتصادي والمالي مع الولايات
المتحدة والدول الأخرى، بكل حرية وطمأنينة ودون خوف أو خشية من تعرض أمواله وممتلكاته
للمصادرة أو الحجز بسبب الأحكام القضائية ذات الصلة بالإرهاب".
واشنطن تتهم طهران رسميا بـ"اختطاف" أحد عملائها قبل 13 عاما
سحب السودان من قوائم الإرهاب متعطل.. وطلبات تعويض
أكسيوس: هكذا اخترقت جاسوسة صينية ساسة أمريكيين (صور)