قابلت السلطات
المصرية الضغوط الإيطالية التي تطالب القاهرة بتسليم روما أربعة ضباط مصريين تتهمهم النيابة الإيطالية بقتل الباحث جوليو
ريجيني؛ بضغوط مماثلة على السلطات الإيطالية.
والجمعة، طالب الإنتربول المصري، روما، بتسليم القنصل الفخري السابق لها بالأقصر لاديسلاف أوتكر سكاكال، والملحق الدبلوماسي بسفارتها بالقاهرة ماسيميليانو سبونزيللي، المتهمين بتهريب 22 ألف قطعة أثرية مصرية عبر حاوية دبلوماسية، ضبطتها السلطات الإيطالية بميناء ساليرنو الإيطالي منتصف 2018.
وفي 21 كانون الثاني/ يناير 2020، قضت جنايات القاهرة على الدبلوماسي الإيطالي "سكاكال" غيابيا لوجوده ببلاده بالسجن 15 سنة، بالقضية المتهم بها أيضا بطرس رؤوف غالي شقيق وزير المالية الأسبق بطرس غالي وآخرين.
ملف ريجيني، عاد للواجهة بعد مرور 4 سنوات، وتقارير الصحافة الإيطالية زادت حدة الغضب الشعبي الإيطالي بعدما نقلت استجواب النيابة الإيطالية لأفراد من الأمن المصري الذين كشفوا عن حجم التعذيب الذي تلقاه ريجيني، فيما توالت تصريحات المسؤولين الإيطاليين بهذا الصدد.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي 15 كانون الأول/ديسمبر الجاري، إن إجراء محاكمة قتلة ريجيني سيكشف حقائق "صادمة" على الأرجح، ويفتح باب القضية لكل الاحتمالات.
رئيس مجلس النواب الإيطالي روبرتو فيكو، أكد أنه "يجب أن نكون بلدا أكثر غضبا"، مطالبا الاتحاد الأوروبي باتخاذ قرارات صارمة ضد مصر، فيما طالبت ماري أرينا رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي "بتفعيل آلية العقوبات ضد النظام المصري لانتهاكاته حقوق الإنسان".
"في مأزق حقيقي"
من جانبها تعتقد الحقوقية المصرية هبة حسن، أنه لن تنجح سياسة لي الذراع المصرية في وقف المطالبات الإيطالية في ملف ريجيني.
مديرة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أضافت في حديثها لـ"عربي21"، أنه "ربما لم يقدر النظام المصري حجم قضية ريجيني الآن بالداخل الإيطالي".
وأشارت إلى أن "تصريحات رئيس البرلمان في روما، تعتبر أن ما يحدث يستلزم غضب الدولة بشكل أكبر مما حدث بالسنوات السابقة"، لافتة إلى أن "تصريحات رئيس البرلمان وما سبقها للنائب العام الإيطالي تؤكد أنه لم يعد من الممكن تجاهل القضية، أو تنازل الجانب الإيطالي عنها".
وأضافت حسن، أن "هذه الضغوط حول قضية ريجيني انتقلت من روما إلى بروكسل حيث الاتحاد الأوروبي مع عدد آخر من الملفات التي تم رفعها له في ما يخص وضع حقوق الإنسان في مصر بشكل عام".
وأوضحت أن "الاتحاد الأوروبي بالفعل أصدر الخميس، قرارا يطالب فيه مصر بالتعاون مع الجانب الإيطالي، وتسليم معلومات تخص المتهمين".
وبينت أن الاتحاد الأوروبي طالب مصر كذلك بـ"مراجعة كل ملاحظات الوضع الحقوقي، مع تحذيرات باحتمال فرض عقوبات عليها من الاتحاد الأوروبي إن لم تتم الاستجابة".
وختمت الحقوقية المصرية حديثها بالقول: "أعتقد مع تصاعد الموقف بهذا الشكل فإن النظام المصري في مأزق حقيقي لابد أن يرضخ معه، وقد يضطر بشدة لإجراءات كثيرة في ما يخص القضية وغيرها".
"شيء مخجل"
وفي تعليقه استبعد الحقوقي المصري محمد زارع، أن تسلم "السلطات المصرية الضباط الأربعة، حسب وعد السيسي بأنه لن يحاكم رجل أمن بقضية تعذيب أو معاملة المتظاهرين"، مؤكدا أن "سياسته قائمة على سيطرة الأمن الذي يعمل دون خوف من المساءلة"، موضحا أن "تسليم الضباط سيكشف عن مسؤولين أعلى".
رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أضاف بحديثه لـ"عربي21"، أن "ما حدث بقضية تهريب
الآثار شيء إضافي مخجل جديد، وأن تعلم الدولة بتهريب الآثار دون محاكمة الإيطاليين لأي سبب أو ضغوط، ولا تعلن الحقائق، وتضع القضية ككارت مستقبلي؛ شيء مخجل يضاف لسجل المسؤولين المصريين".
وأكد أن "الطلب المصري الآن يعني مساومة للجانب الإيطالي"، متسائلا: "لماذا سكت النظام وتغافل طوال هذه المدة عن استرداد حق المصريين؟ وهل تواطأ القضاء وصمت النائب العام ولم يعلن تفاصيل قضية التهريب كما يفعل القضاء الإيطالي بقضية ريجيني؟".
ولفت إلى أن "الجانب الإيطالي هو من ضبط الحاوية وأعادها لمصر"، مشيرا إلى أن "وراء هذا التهريب للآثار مافيا كبيرة قد يحميها مسؤولون كبار".
وقال الحقوقي المصري إن "النظام المصري ينتهج وسائل عدة لمواجهة المطالبات الحقوقية الدولية، تتلخص في طلب الود والصداقة، والمساعدات الاقتصادية والعسكرية، وكسب الوقت والتسويف بأن يظل 5 سنوات لا ينجز فيها شيئا، والمحاولة الأخيرة بالضغط بقضية ثانية في محاولة للتعمية أو المبادلة وإسكات
إيطاليا".
"ثمن المكابرة"
ملف ريجيني، أثار مخاوف مصرية، أكدها الأكاديمي المصري خالد رفعت، عبر "فيسبوك" بقوله: "ملف ريجيني يتصاعد بشكل سريع وحاد"، مضيفا: "ليبيا دفعت ثمنا فادحا بسبب المكابرة بداية حادث لوكيربي ثم اضطرت للتعامل العاقل بعدها".
وأكد أن "الحل ليس مزيدا من صفقات السلاح الإيطالي والفرنسي؛ الحل الوحيد المقبول لهم هو الشفافية ومعاقبة المخطئ فورا".