قال موقع
"بلومبيرغ" الأمريكي إن
السعودية ليست على عجلة من أمرها للتطبيع مع
الاحتلال
الإسرائيلي رغم أن الأسابيع الماضية شهدت توقعات محمومة ببدء السعودية عمليات
التطبيع على خطى كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان.
وأضاف الموقع
في تقرير ترجمته "عربي21" أن تصريحات الأمير تركي الفيصل صبّ الماء على النار
عندما وصف الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو بأنها آخر قوة استعمارية
غربية. وقال مدير الاستخبارات السابق وسفير المملكة سابقا في لندن وواشنطن: "لا
يمكنك معالجة جرح مفتوح بالمسكنات والمهدئات". وكان يتحدث في مؤتمر أمني في المنامة
عاصمة البحرين، مشيرا إلى الظروف التي يعيشها الفلسطينيون الذين تم حجزهم في معسكرات
اعتقال وبناء على أوهن الاتهامات الأمنية "شبابا وكبارا، نساء ورجالا يتركون بدون
تحقيق العدالة لهم". واتهم الأمير تركي الإسرائيليين بتدمير بيوت الفلسطينيين
حسب رغبتهم واغتيال من يريدون.
وكانت لهجة الأمير
حادة وصريحة مقارنة مع اللهجة الهادئة التي بدت من السعودية تجاه إسرائيل في الأشهر
الماضية، حيث فاجأت وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي الذي كان يشارك في نفس الندوة
عبر الفيديو. وعبر أشكنازي عن "أسفه" من تعليقات الأمير تركي وأكد قائلا: "لا أعتقد أنها تعكس روح التغيرات التي تجري في الشرق الأوسط".
وربما وجد الإسرائيليون
راحة في تصريحات تركي باعتبارها تعبيرا عن مواقفه الشخصية وليست الموقف الرسمي السعودي. ولكن عندما تحدث
وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في نفس اللقاء اشترط التطبيع مع إسرائيل بتحقيق
أماني الفلسطينيين. وقال: "نعتقد أن إسرائيل ستحصل على مكانها في المنطقة"،
مضيفا: "من أجل حدوث هذا وأن يكون دائما نريد أن يحصل الفلسطينيون على دولتهم
وتسوية الوضع".
وبالنسبة للذين
كانوا يراهنون على تطبيع العلاقات السعودية- الإسرائيلية فالرسالة من المنامة: لا تتعجلوا.
صحيح أن المواقف السعودية من إسرائيل تتغير، وليس أدل على هذا من الزيارة السرية- المعلنة
لرئيس الوزراء نتنياهو إلى مدينة نيوم واجتماعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
إلا أن الحديث عن اندفاع السعوديين لمعانقة الإسرائيليين والتقاط الصور معهم كان دائما
متفائلا، ذلك أن الرهانات بالنسبة للسعودية هي أعلى من رهانات البحرين والسودان والإمارات.
فالسعودية تتعامل
مع موقعها القيادي لدول مجلس التعاون الخليجي بجدية ولن تسمح لنفسها بمتابعة خطوات دول
أصغر منها في المنظومة الخليجية وبالتأكيد في موضوع ضخم مثل الاعتراف بإسرائيل. ولأن
المملكة قادت الإجماع العربي الداعي للدولة الفلسطينية فستجد صعوبة أكثر من الإمارات
بتقديم تنازلات حقيقية أو متخيلة لإسرائيل. لكن التردد السعودي في التطبيع لا يتعلق
كثيرا بفقدان المكانة الدولية، خاصة بين المسلمين، ذلك أن الموقف السعودي من العلاقة
مع إسرائيل مرتبط بالدينامية الداخلية.
ويؤكد الموقع
أنه رغم مراكمة السلطة في يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلا أنه يظل مقدرا أو
خائفا من مواقف الكبار، فوالده الملك سلمان لا يزال ملتزما بالقضية الفلسطينية. ففي
خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تجنب وبشكل واضح الحديث عن اتفاقيات
التطبيع بين إسرائيل ودول عربية وأكد دعمه للدولة الفلسطينية. ويعبر الأمير تركي عن
مواقف هذا الجيل ومن الصعب تخيل أنه تحدث بهذه الحدة بدون أن يحظى بدعم قوي.
ويقول التقرير
إن السياسة السعودية هشة ومعقدة وأكثر مما يعرف المراقبون لها من الخارج لها. وتحتوي
على عداء باق لإسرائيل وازدراء للقيادة الفلسطينية. وفي تشرين الأول/ أكتوبر شن الأمير
بندر بن سلطان هجوما لاذعا ضد القيادة الفلسطينية واتهمها بالفشل وعدم الامتنان للقيادة
السعودية. ويعتبر الأمير بندر من الأصوات المؤثرة في دوائر السياسة الخارجية السعودية
فابنه وابنته سفيرا المملكة في لندن وواشنطن. وفسر المراقبون في إسرائيل تصريحاته بأنها
إشارة لتخفيف السعودية من التزاماتها ضد الفلسطينيين واستعداد للتفاوض.
ويعتبر القلق من
إيران عاملا مشتركا ومسرعا لعمليات التطبيع، وكان السماح للطيران الإسرائيلي بالتحليق
فوق الأجواء السعودية تنازلا يظهر أنه يمكن كسر المحرمات السابقة. وهناك من اقترح أن
ولي العهد قد يستخدم الدبلوماسية لترطيب الأجواء مع الإدارة الديمقراطية المقبلة. وكان
واضحا من كلام أميرين في المنامة أن السعودية ليست متعجلة للتطبيع.