التايمز: روما بصدد محاكمة 5 مسؤولين مصريين بتهمة قتل ريجيني

قالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن إيطاليا بصدد عقد محاكمة لخمسة مسؤولين أمنيين مصريين بتهمة قاتل طالب الدكتواره الإيطالي جوليو ريجيني.

ودعت الصحيفة في افتتاحيتها لتحقيق العدالة لريجيني الذي عذب حتى الموت بجرم محاولته دراسة النقابات المصرية، حيث عثرت على جثته في شباط/ فبراير 2016 في القاهرة.

وكانت الجثة مشوهة لدرجة أن والدته لم تستطع التعرف عليه إلا من أنفه. فقد حرق وكتبت على جسده الحروف وكسرت رقبته ويده وأصابع يديه وقدميه.

ووصفت الصحيفة في افتتاحيتها جريمة قتل ريجيني بالبشعة، حيث تم العثور على جثته المشوهة بعد تسعة أيام من اختفائه.

وقالت إن محكمة ستعقد في النهاية وهناك خمسة أشخاص يعملون في المخابرات المصرية متهمون بالجريمة.

وأكدت الصحيفة أن مصر كانت منذ البداية كاذبة وعنيدة وحاولت عرقلة التحقيق. ففي البداية أنكرت أية معرفة بوفاة طالب جامعة كامبريدج، ثم قالت إنه قتل على يد عصابة إجرامية قتلوا في معركة مع الشرطة. ورفضت السلطات المصرية فتح تحقيق بالمزاعم التي قالت إن المخابرات عذبته حتى الموت للحصول على معلومات منه بعدما شكت أنه جاسوس.

ورفضت السلطات المصرية التعاون مع الجانب الإيطالي الذي طلب تزويده بمعلومات عن المتهمين الخمسة. واستخدمت مصر التهديدات الدبلوماسية والاقتصادية لتخريب وتعويق المحاسبة القانونية للجريمة.

وأضافت الصحيفة أن حكومة السيسي لديها سجل فقير في مجال حقوق الإنسان، وأسوأ من سجل حسني مبارك، حيث تم قتل المئات بعد الانقلاب الذي أوصل السيسي إلى السلطة. واعتقل آلاف من المعارضين والناشطين وتعرض الكثيرون منهم للتعذيب. وتم تكميم الصحافة وطرد الصحفيين الأجانب. واعتقل المصريون بسبب تعبيرهم عن مواقفهم أو لقائهم مع دبلوماسيين أجانب.

ولكن إيطاليا لم ترضخ للاستفزاز رغم العلاقات التجارية ومصالح الطاقة في مصر. ويستحق ريجيني تحقيق العدالة له.

وقال مساعدون لجوزيف بايدن إن الولايات المتحدة ستدعم الديمقراطية وليس الديكتاتورية. وفي الوقت الحالي مصر ليست ديمقراطية.

وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي أعده مراسلها في روما توم كينغتون، وترجمته "عربي21" أن مسؤولين أمنيين مصريين سيواجهون المحاكمة بتهمة تعذيب وقتل ريجيني في وقت تواجه فيه مصر شجبا دوليا لانتهاكات حقوق الإنسان وملاحقتها لدعاة وحماة الحقوق الشخصية في مصر.

وقالت الصحيفة إن محققين إيطاليين يكملون تحقيقاتهم حول خمسة مسؤولين مصريين متهمين بقتل ريجيني.

ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله إن المحققين الإيطاليين في روما سيطالبون بمحاكمة لخمسة مشتبه بهم بما فيهم الرائد مجدي عبدالعال شريف، المسؤول في مديرية المخابرات الوطنية.

وقال المصدر: "من المحتمل تقديم شريف إلى المحاكمة". وقالت الصحيفة إن مصر لم تظهر إلا تعاونا قليلا ولم تستجب لمطالب توفير المعلومات عن المتهمين الخمسة ومن المتوقع محاكمة المتهمين الخمسة غيابيا، خاصة أن إيطاليا ومصر لم توقعا معاهدة تسليم متهمين.

ولكن التفاصيل البشعة التي ستظهر أمام المحكمة ستؤدي إلى نقد عالمي للنظام المصري الذي سجن حوالي 60,000 معتقل سياسي.

واستخدم المحققون الإيطاليون سجلات الهواتف وروايات شهود عيان لربط المسؤولين الخمسة بالجريمة.

وقال المصدر: "هناك أدلة أخرى جمعت لم يتم الكشف عنها وستظهر أثناء المحاكمة".

وبعد اكتمال التحقيق الإيطالي في 4 كانون الأول/ ديسمبر يجبر القضاة بحسب القانون الإيطالي على إرسال بلاغ للمتهمين قبل أن يطلبوا من قاض المصادقة على المحاكمة. لكن المطالب التي وجهت للسلطات المصرية في نيسان/ إبريل 2019 لكي تقدم معلومات شخصية عن المشتبه بهم لم تتم الاستجابة لها.

وقال المصدر: "من الناحية القانونية تبدأ محاكمة المتهمين بعد إبلاغهم، ولكننا لو أثبتنا للقاضي أننا قمنا باتصالات مع السلطات المصرية والتغطية الصحافية التي ذكرت شريف عدة مرات، فعندها يمكن للقاضي القرار بأن غياب الرد هو تكتيك وعندها يبدأ بالمحاكمة".

وتقول الصحيفة إن التحقيق خلق صداعا للحكومة الإيطالية التي تقيم علاقات تجارية قوية مع مصر على شكل عقود للتنقيب عن الغاز ومبيعات فرقاطات عسكرية. ولكن النقد يتزايد لنظام عبد الفتاح السيسي واعتقاله لدعاة حقوق الإنسان، بعد هزيمة حليفه في البيت الأبيض دونالد ترامب. فها هو أنطوني بلينكن المرشح لوزارة الخارجية في إدارة جوزيف بايدن يقول ردا على اعتقال الأمن المصري أعضاء في المنظمة المصرية للحقوق الشخصية: "لقاء دبلوماسيين أجانب ليس جريمة ولا الدعوة السلمية لحقوق الإنسان".

وقال مسؤول مصري لا يفهم طريقة عمل الصحافة البريطانية مرة "عليكم الحد" من عمل صحفي شاب في صحيفة منافسة أغضب السلطات المصرية. وقال لمراسل التايمز في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر: "أنا قلق عليك، ريتشارد" و"أنت تعرف سجوننا". وهذا صحيح لأن الجميع يعرفون ما جرى بعد انقلاب 2013 ووصول السيسي إلى السلطة حيث تم ملء السجون بالناشطين وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين والصحفيين والأجانب. وعقدت في بعض المرات محاكمات جماعية. وفي مرة صدر حكم بإعدام 500 شخص حيث تم إلغاء الحكم لاحقا. والإجراءات القانونية فوضوية حيث تتم محاكمة أشخاص ماتوا.

وقال سبنسر إن شخصا يعرفه مات في المعتقل وآخر عانى من نفس المصير وهو الرئيس السابق محمد مرسي.

وتظل حالة ريجيني صادمة خاصة أن المعتقلين الأجانب كانوا يعاملون بنوع من اللطف أكثر من المعتقلين المحليين. وكان ريجيني يجري دراسة أكاديمية ليست حساسة وتتعلق بعمل النقابات المهنية في مصر. وكان تعذيبه مبالغا فيه من ناحية ما يقوم به من دراسة ولكنه متطرف في المعايير المصرية.

وحاولت السلطات البحث عن كبش فداء حيث حملت المسؤولية مرة لأربعة مجرمين قتلتهم الشرطة. ولكن الدبلوماسيين لم يكن لديهم أدنى شك حول ما حدث بعدما حصلوا على معلومات من مصادر خاصة.

اقرأ أيضا: إيطاليا تعاود فتح ملف ريجيني.. ومهلة للسيسي