سلطت صحيفة "نيويورك تايمز"
في تقرير لها الضوء على قمة العشرين المنعقدة في السعودية في ظل الانتقادات
الواسعة التي تلقتها الأخيرة تجاه ملفها في حقوق الإنسان.
وتساءل التقرير الذي ترجمته
"عربي21" عمن استطاع فرض وجهة نظره؛ أهي الحكومة السعودية أم ناشطو حقوق
الإنسان؟
وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي أرادت
فيه الرياض تقديم صورة التحولات التي حصلت في المملكة منذ صعود محمد بن سلمان لولاية
العهد ومنح حكام الدول فرصة لتجربة الحياة الجديدة وتشجيعهم على وضع اليمن ومقتل الصحفي
جمال خاشقجي في ملفات الماضي، إلا أن النقاد انتهزوا الفرصة الذهبية والتأكيد على انتهاكات
حقوق الإنسان في المملكة والضغط على قادة العالم لإحراج الحاكم الفعلي محمد بن سلمان.
لكن القمة التي بدأت السبت وانتهت الأحد
لم تحقق آمال الفريقين، وفق الصحيفة. والسبب هو فيروس كورونا الذي خفض مستوى القمة
إلى لقاء عبر شاشات الفيديو على الإنترنت. ويعلق معدّ التقرير بن هبارد، بأن هذه أخبار
ليست سيئة لمحمد بن سلمان رغم محاولات الناشطين دعوة الزعماء لمقاطعة القمة.
وتقول كارين يونغ من معهد الشرق الأوسط:
"من الواضح أنها لم تسر حسب المخطط لها، ولكنها كانت منحة"، مضيفة أن القمة
حتى في شكلها الافتراضي خدمت مصالح المملكة باعتبارها لاعبا على المسرح الدولي
"مؤتمر افتراضي يعطي صورة عن قوة السعودية ويمنع حوادث غير متوقعة".
وفي كلمته الافتتاحية دعا الملك سلمان قادة
العالم إلى تقديم الوسائل للدول الفقيرة كي تكافح فيروس كورونا، وسيطرت مكافحة الفيروس
على أجندة القمة. وقال الملك البالغ من العمر 84 عاما: "علينا التأكد من توفير
الظروف والفرص المتاحة المتساوية لهذه الأدوات ولجميع الناس". ومن القضايا الأخرى
على جدول أعمال القمة إعفاء الدول الفقيرة من الديون بسبب تحطم اقتصاداتها في ظل
الوباء واقتراح من الاتحاد الأوروبي توقيع معاهدة دولية عن الأوبئة.
وشارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولفترة
قصيرة في القمة حيث ظهر من غرفة الأزمة بالبيت الأبيض، ولكنه لم يكن من ضمن المشاركين
في الجلسات الجانبية حيث واصل بعد ذلك تغريداته التي لا أساس لها حول سرقة الانتخابات
وسافر إلى نادي الغولف الذي يملكه في فرجينيا للعب جولة غولف.
ويتم تبادل رئاسة القمة سنويا بين خمس مجموعات.
والسعودية هي ضمن مجموعة مع كندا وأستراليا والولايات المتحدة وتمت تسميتها لرئاسة القمة
ولأول مرة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي لكي تكون أول دولة عربية تستضيف القمة.
واحتفلت السعودية بمنصب الرئاسة على أنه اعتراف بأهمية
أكبر مصدر للنفط في العالم للاقتصاد العالمي وفرصة لإظهار التغيرات الاجتماعية والاقتصادية
التي دعا إليها ولي العهد الذي تولى والده الحكم في 2015.
وقادت السعودية حملة اليمن التي أدت لأكبر كارثة
إنسانية في العالم وسجن الدعاة وناشطات حقوق الإنسان وحتى أعضاء في العائلة الحاكمة.
وفي 2018 قتل عملاء سعوديون الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية باسطنبول وقطعوا
جثته، مما أدى لتشويه صورة محمد بن سلمان ودعوات لمعاقبته على هذه الجريمة وانتهاكات
أخرى لحقوق الإنسان.
وانتهز الناشطون فرصة ترؤس السعودية للقمة
وطالبوا بمقاطعتها أو الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان هناك. ففي الشهر الماضي، استخدم
الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستبليغتز خطابا رئيسيا متعلقا بالقمة نظمته
السعودية وطلب الوقوف دقيقة صمت إحياء لذكرى خاشقجي والنساء المعتقلات اللاتي تحدين
الحظر على قيادة السيارة الذي رفع عام 2018 ولا يزال عدد منهن في السجن. وقال ستبليغتز:
"لو لم يتعامل هذا اللقاء مع انتهاكات حقوق الإنسان هذه وغيرها في الدول الأخرى
فلا أمل بتحقيق مجتمع شامل نعمل عليه جميعا"، وانتهز الناشطون دعوة المفكر الاقتصادي
لكنها لم تنشر على موقع أخبار القمة وفعالياته. ورفض رؤساء بلديات لندن ونيويورك ولوس
أنجلوس المشاركة في مناسبة متعلقة بالمؤتمر، فيما نظم نشطاء حقوق الإنسان قمة بديلة
ناقشوا فيها انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
وفي جلسة يوم السبت حاول صحفي سؤال وزير
الاستثمار خالد الفالح عن ما إذا كانت الأخبار السلبية عن المملكة من عوامل منع المستثمرين من الاستثمار في السعودية. وحاول رئيس الجلسة استبعاد السؤال لكن الفالح رد على السؤال
قائلا: "المستثمرون ليسوا صحفيين"، مضيفا أن "المستثمرين يبحثون عن دول
يثقون في حكومات بلادها ولديها آلية مناسبة لصنع القرار الاقتصادي".
وقال دبلوماسيون من الدول التي تشارك في
القمة، إنهم يطرحون موضوع حقوق الإنسان بشكل مباشر مع السعوديين ولكنهم رأوا أن القمة
مهمة ولا يمكن التغيب عنها.
وقال آدم كوغل، نائب مدير الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا في "هيومان رايتس ووتش" إن الجواب الذي كانوا يتلقونه هو
القول بأن القمة "مهمة جدا ولدينا خطط استراتيجية لكوفيد ولمعالجة القضايا الاقتصادية"،
فيما قال آخرون إن "حصول السعودية على هذه المكافأة مقلق".
ولم تتلق الصحيفة ردودا من المتحدثين باسم
وزارات الخارجية الفرنسية والبريطانية إن كان موضوع حقوق الإنسان جزءا من قرارهم بالمشاركة.
وقال المسؤول الإعلامي للحكومة البريطانية:
"قتل جمال خاشقجي كان جريمة بشعة وطالبنا مرارا بتحقيق العدالة بها"، مشيرا
إلى أن وزير الخارجية طرح الموضوع أثناء زيارة له إلى الرياض في آذار/ مارس. وعبر كوغل
عن دهشته من شعار قمة العشرين وهي تقوية المرأة في وقت تم فيه سجن السعوديات البارزات
أو دفعن للمنفى أو الصمت. وموضوعهن يحتاج إلى اهتمام ولا يمكن "سحبه تحت السجادة".
اقرأ أيضا: الاتحاد الأوروبي: سنناقش انتهاكات الرياض بقمة الـ20 وبعدها
"البايس": كورونا يحبط خطط السعودية لتلميع صورتها بقمة الـ20
اندبندنت: هذه أسوأ أشكال الانتهاكات منذ تولي ابن سلمان
الغارديان: خطاب الإصلاح في السعودية يتناقض مع الواقع