هل أصدرت هيئة كبار العلماء
السعودية بيانا ضد الحوثيين أو إيران بنفس مستوى البيان التكفيري لجماعة الإخوان المسلمين؟!
هل شنت السعودية من قبل رسميا من خلال وزارة الأوقاف حملة منظمة شرسة عبر المساجد والخطباء ضد الحوثيين وإيران، وطالبت فيه بإبلاغ الجهات الأمنية عن أي خطيب يتحاشى الهجوم عليهم، مثلما تفعل الآن ضد الإخوان المسلمين؟!
الجواب لم يحدث شيء من ذلك، وهو ما يثير تساؤلات عن سر هذا التوجه السعودي تجاه فصيل سني مهم ومنظم في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، في وقت أحوج ما تكون فيه الرياض إلى حشد كل الموارد لحماية وجودها من التهديد الإيراني الذي يطال أهم ركائز الاقتصاد في المملكة العربية السعودية؛ عبر الطائرات الحوثية المسيرة والصواريخ الباليستية.
بالتوازي، بدأ التيار السعودي المعادي للإسلاميين في المملكة حملة تشكيك بالسنة النبوية وأحاديث البخاري، وهي حملات شهدنا مثلها في
اليمن قبيل انقلاب الحوثي- صالح، وتبدو مجرد مقدمة لإدارة ردود الفعل، ومن ثم تحديد الشخصيات التي تنخرط في الهجوم عليها لتكون هدفا لجهاز أمن الدولة.
الحملة السعودية
الإماراتية المنسقة ضد الإخوان هي عنوان حرب شاملة تعتزم الدولتان شنها في السعودية واليمن، ليس على الإخوان فحسب، لكنها ستطال كل فصائل العمل الإسلامي المعتدلة التي تؤمن بالديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية. وقد دشنتها السعودية والإمارات في اليمن مؤخرا باعتقال الشيخ السلفي عبد القادر الشيباني، القيادي في جمعية الحكمة اليمانية الخيرية وفي حزب السلم والتنمية حديث النشأة، وذلك عبر قوات مكافحة
الإرهاب التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في عدن، في 30 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بينما كان في طريقه لاستكمال العلاج في القاهرة. لم تراع كبر سنه وإعاقته، حيث أجريت له خلال الأشهر الماضية سلسلة عمليات جراحية، بينها عملية استئصال ورم سرطاني في الدماغ.
أما على صعيد الداخل السعودي، فلم تتوقف الرياض لحظة منذ تولي محمد بن سلمان منصبه وليا للعهد عن حربها الشعواء ضد كل ما يمت بصلة لحركة الإصلاح السياسي، ورموزها من كل التيارات المحسوبة على الإخوان أو على السلفيين المؤمنين بالتغيير الديمقراطي وحق المشاركة السياسية، وطالت حتى قيادات نسوية ليبرالية.
وفي الآونة الأخيرة شملت حملات الاعتقال قيادات يمنية، أحدهم الشيخ عبد العزيز الزبيري الذي أطلق سراحه لاحقا لكنه رهن الإقامة الجبرية وعلى معصمه سوار إلكتروني للمراقبة. كما اعتقل الشيخ طارق عبد الواسع، رئيس جمعية الحكمة، والذي تمت مداهمة مقر إقامته بقوات كبيرة من مكافحة الإرهاب واقتادته إلى أحد سجونها، ثم أطلقت سراحه ووضعته رهن الإقامة الجبرية كذلك ومنعته من السفر.
الحملة السعودية الإماراتية تبدو في الأساس جزءا من حملة ماكرون التي أعلن عنها ضد ما أسماه الإسلام السياسي، بل تجدها الرياض وأبو ظبي معركتهما الرئيسة في مواجهة النفوذ التركي الناعم الذي يتغلغل شعبيا في المجتمعات السنية على حساب انحسار النفوذ السعودي. وباتت انتصارات الأتراك المتوالية في ملفات الصراع الملتهبة في المنطقة ملهمة بنظر الإسلاميين وقطاعات واسعة من الشعوب العربية على حد سواء، خصوصا في ضوء المقارنة بإخفاقات السعودية الكبيرة في حرب اليمن، وفشلها في تلبية آمال اليمنيين بإعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب. بل صار النموذج التركي يشكل نموذجا براقا، رغم حملات التشويه والشيطنة.
يمكن القول إن هذه الحرب التي أوشكت السعودية والإمارات على إعلان تدشينها تحت لافتة الإرهاب في اليمن؛ ستكون إحدى أدوات الرياض وأبو ظبي لتثبيت مكاسبهما الجيوسياسة والعسكرية في الجغرافيا اليمنية، من خلال إبرام اتفاقيات تعاون سري مع أطراف إقليمية ودولية، في مقدمتها إسرائيل وفرنسا.
Ahmady3@gmail.com