تعد
الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أجريت في عام 2000، الوحيدة
التي حسمت بقرار من المحكمة العليا، وخسر فيها آل غور، أمام جورج دبليو
بوش. ويستذكرها المحللون في ظل الأزمة الجارية بالانتخابات الحالية.
ففي انتخابات عام 2000، كان الخلاف منصبا على
نتائج ولاية واحدة، فلوريدا، عندما كان الفارق بين المرشحين بضع مئات من الأصوات
فقط. على النقيض من ذلك وفي انتخابات 2020، رفع دونالد ترامب دعاوى قضائية في عدة
ولايات، ويبدو أن فارق الأصوات بين
بايدن وترامب أكبر بكثير مما كان في عام 2000.
وكانت استطلاعات الرأي قد أشارت إلى تقارب
نتيجة السباق بين المرشحين. ومع حلول الليل، أصبح من الواضح أن النتيجة علّقت في
ولاية فلوريدا وأصواتها الـ 25 (الآن 29) في المجمع الانتخابي.
وأثناء فرز الأصوات، ادعت الشبكات الأمريكية في
البداية فوز آل غور بالولاية قبل أن تتراجع عن ذلك بدعوى أن النتيجة كانت قريبة
جدا مما يصعب التنبؤ بها.
ثم بعد ساعات، أعلنت الشبكات الواحدة تلو
الأخرى فوز بوش بفلوريدا. ومع ذلك، سرعان ما ظهر أن النتائج كانت متقاربة بشكل
كبير يصعّب من إعلان فوز أحد المرشحين بها.
وبسبب هذا الهامش القريب، حيث تقدم بوش بفارق
1784 صوتا، أعلنت السلطات في فلوريدا إعادة فرز تلقائية بموجب قوانين الولاية،
لتبدأ عملية إعادة الفرز في اليوم التالي.
وانخفض الهامش إلى 327 صوتا. ثم طلبت حملة آل
غور إعادة فرز الأصوات يدويا في مقاطعات معينة، وهو الأمر الذي مضى قدما وسط الكثير
من الجدل القانوني.
فعندما قام بعض الناخبين بثقب أوراق اقتراعهم،
لم تكن قد انفصلت نفايات الثقوب تماما عن بطاقة الاقتراع، مما جعل اختيارهم غير
واضح.
ونظم بعض أنصار الجمهوريين في فلوريدا احتجاجا
عنيفا في ميامي، مطالبين بوقف إعادة الفرز. على الرغم من ادعاء المتظاهرين أنهم من
"السكان المحليين"، إلا أنه تم تحديد معظمهم لاحقا كمساعدين جمهوريين من
الكونغرس في واشنطن. ولاحقا أطلقت وسائل الإعلام على تلك التظاهرات "احتجاجات
الإخوة المتأنقين" إشارة إلى البدلات الأنيقة وربطات العنق التي كان يرتديها
المشاركون.
وانتهى الاضطراب عندما حكمت المحكمة العليا
الأمريكية لصالح بوش، قائلة إن إعادة الفرز ستلقي "بسحابة لا داعي لها وغير
مبررة" على انتخابه الشرعي. وكان الهامش النهائي 537 صوتا من إجمالي ما يقرب
من ستة ملايين تم الإدلاء بها في الولاية.
وأقر آل غور بالنتيجة قائلا إنه بينما لم يوافق
على قرار المحكمة، فقد قبل به.
وقال: "أوافق على القرار الحاسم الذي سيتم
المصادقة عليه يوم الإثنين المقبل في المجمع الانتخابي. والليلة، من أجل وحدتنا كشعب
وقوة ديمقراطيتنا، أقدم تنازلي".
وعلى الرغم من خسارته في الانتخابات، فقد حصل آل
غور على 48.38٪ من إجمالي الأصوات على مستوى البلاد مقابل 47.87٪ لبوش.
وفي إعادة فرز الأصوات عام 2000، كان هناك جدل
حول ثقوب بطاقات الاقتراع. أما اليوم فلا يوجد سوى مزاعم التزوير، التي لا يوجد
دليل عليها.
ورفع الفريق القانوني للرئيس ترامب دعاوى
قضائية في خمس ولايات على الأقل. وادعاؤه الذي لا أساس له هو أنه كان هناك
"احتيال كبير على أمتنا". ولطالما شكك في التصويت عبر البريد، وأشار إلى
تزوير الناخبين أو الانتخابات "المزورة" منذ أبريل/نيسان، دون تقديم
دليل ملموس.
ويقول خبراء قانون الانتخابات إن تزوير
الناخبين أمر نادر الحدوث ولا يؤثر إلا على عدد ضئيل من الأصوات.
ويتقدم بايدن على ترامب بآلاف أو عشرات الآلاف
من الأصوات في الولايات المتنازع عليها.
ففي جورجيا، يتخلف ترامب بنحو 14 ألف صوت. هذا
الفارق الضئيل كان سبب إعادة الفرز التلقائي، وفقا لقوانين الولاية، ولكن من غير
المرجح أن تنقلب النتيجة.
وشهدت السنوات الأخيرة ثلاث حالات أسفرت فيها
عمليات إعادة فرز الأصوات عن تغيير النتائج الأولية للانتخابات، - في سباق مجلس
الشيوخ في مينيسوتا في عام 2008، وانتخاب حاكم واشنطن في عام 2004، وسباق مدقق
حسابات فيرمونت في عام 2006 - وفي كل حالة كانت الفوارق لا تزيد عن 500 صوت.
وسيتعين على ترامب أن يقلب النتيجة في ولايات
أخرى غير جورجيا أيضا، للوصول إلى 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة
لتأمين الرئاسة.
وخرج المحامون الذين قاتلوا على جانبي الصراع
حول إعادة فرز الأصوات الرئاسية لعام 2000 ليقولوا إن الوضع هذا العام لا مثيل له.
وقال ديفيد بويز، الذي قاد فريق آل غور
القانوني في عام 2000، لصحيفة يو إس إيه توداي: "في الأساس، انتهت الانتخابات.
لم يظهر أي شيء يمكن أن يؤثر بشكل معقول على النتيجة. لا توجد وسيلة قانونية لحملة
ترامب للاعتراض على النتائج في أي ولاية بمفردها".
جيمس بيكر، وزير الخارجية السابق الذي قاد فريق
بوش، اعترض أيضا على دعوات ترامب الأولية لـ "وقف التصويت"، عندما اقترح
الرئيس أن عد الأصوات البريدية التي وصلت بعد يوم الانتخابات "غير قانوني".
وقال بيكر: "كانت حجتنا كلها (في عام 2000)
أن الأصوات قد تم عدها وتم فرزها وحان الوقت لإنهاء العملية".
ومع ذلك، دافع بعض كبار الجمهوريين - بمن فيهم
زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل - عن حق الرئيس في متابعة الخيارات
القانونية.