مع مرور أكثر من عقد ونصف على الرحيل المبهم للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، يبرز السؤال المتكرر في كل عام: من الجهة التي تقف خلف "اغتيال" الرجل؟ ولماذا تتكتم السلطة الفلسطينية على المعلومات التي توصلت إليها لجنة التحقيق المكلفة بهذا الملف؟
وتحل اليوم الذكرى الـ16 لرحيل الرمز
الفلسطيني "أبو عمار" المولود في 4 آب/ أغسطس عام 1929، والذي توفي في
11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2004 عن عمر ناهز الـ75 عاما، في ظل ظروف معقدة وغامضة
داخل مستشفى "كلامار" العسكري الفرنسي، عقب تدهور حالته الصحية بعد
حصاره من قبل الاحتلال في مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله بالضفة الغربية
المحتلة.
وعن مجريات وأهم نتائج التحقيق في
"اغتيال" الرئيس "أبي عمار"، أوضح نائب مفوض العلاقات الدولية
في حركة "فتح" وعضو مجلسها الثوري، عبدالله عبدالله، أن "القرائن
تشير إلى أن من قام بهذه الجريمة هو رأس حكومة الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت،
أرئيل شارون، وتم ذلك ربما بضوء أخضر من الإدارة الأمريكية".
ونبه في تصريح مقتضب
لـ"عربي21"، إلى أن "القضاء عادة لا يؤخذ بالقرائن ولكن يؤخذ بالدلائل
الدامغة، وحتى الآن هذه الأدلة لم تكتشف"، مؤكدا أن "ملف التحقيق في هذه
القضية (اغتيال أبي عمار) سيبقى مفتوحا، وحتما في المستقبل ستتكشف المعلومات حول
من يقف خلف هذه الجريمة"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: ياسر عرفات.. 16 عاما على رحيل لا يزال لغزا
وبخصوص الأيدي الخفية التي استغلت من
قبل القاتل للوصول إلى الشهيد عرفات، قال
عبدالله: "حتى الآن لم نصل إلى الأدلة الدامغة والحقائق التي تدين المجرم
الحقيقي".
وبشأن التعاون مع الدول العربية أو أطراف
دولية في مجريات التحقيق في استشهاد أبي عمار، أشار إلى أن علاقة الدول العربية
بالموضوع، اقتصرت على "إرسال كل من مصر وتونس والأردن، فرقا طبية مهنية فنية، وقاموا ببعض الفحوصات كل حسب اجتهاده".
واستدرك: "لكن في التحقيقات التي
تمت بعد ذلك، جاء فريق فرنسي وآخر سويسري، وتم فتح الضريح وأخذ خزعات للفحص، واكتشف
نوع من السم في ملابسه التي تركها، ولكن إلى الآن لم نصل إلى حقائق
قاطعة".
الاحتمال الأكبر
وعن واقع القضية الفلسطينية في هذه
الذكرى، ذكر القيادي أن "صلابة الموقف الفلسطيني استطاعت أن تحافظ على قضيتنا،
ولأول مرة يناقش الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في خلال حملة الانتخابات الأمريكية
قبل أيام"، وقال: "سنواصل المسيرة التي بدأها أبو عمار حتى
النصر".
وبيّن أن "المجتمع الدولي علنا
ما زال متمسكا بمركزية القضية الفلسطينية ويبحث عن حل لها"، لافتا إلى أن
"اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال، لا يمكن أن تحقق السلام في المنطقة، ولا يمكن
أن تشعر إسرائيل بالهدوء والاطمئنان الذي تطمح له".
وعن مرور 16 عاما على رحيل عرفات دون
الكشف عن الضالعين في اغتياله، أوضح أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس، أن
"لجنة التحقيق التي تم تشكيلها في اغتيال أبي عمار، لم تقدم أي شيء؛ لا
معلومات ولا حقائق ولا تحليلا، ولم تعلن حتى عن ما توصلت إليه، سواء للمسؤولين أو للمواطنين، وبالتالي فمن المؤكد أن هناك تقصيرا واضحا من قبل الجهات المسؤولة في
السلطة الفلسطينية".
اقرأ أيضا: اغتيالات متباعدة وقعت تحت تأثير "الاحتلال الإسرائيلي"
وأضاف في حديثه
لـ"عربي21": "قد يكون هناك تعاون أو تفاهم مع شخصيات من السلطة،
بعدم الكشف عن ملابسات موت أبي عمار؛ سواء كان ذلك تم عبر عملية اغتيال مخطط لها،
أو وفاة طبيعية، لأنه ليس هناك حتى الآن حتمية أنه تم اغتياله، ولكن هذ هو
الاحتمال الأكبر".
وأكد البسوس أن "السلطة مقصرة
في هذا الموضوع، لأنها هي التي شكلت لجنة التحقيق، وتقع مسؤولية كبيرة على عاتق
رئيس السلطة أبي مازن (محمود عباس)، إضافة إلى رئيس اللجنة توفيق الطيراوي".
خيوط كثيرة
وذكر أنه "سبق لرئيس السلطة أن
هدد بالكشف عن من قام باغتيال أبي عمار، وبالتالي فإذا كان يمتلك هذه المعلومة
ويخفيها عن الناس، فهذه مصيبة كبرى، لأنه قد يكون لشخصيات مهمة في السلطة علاقة
بالموضوع أو لبعض الخصوم السياسيين علاقة بالأمر ولا يريد عباس الإفصاح عن
التفاصيل".
وقدر أستاذ العلوم السياسية، أن
"التكتيم والغموض في الموضوع، يشي بأن هناك شخصيات مهمة في السلطة وفي قيادة
حركة فتح، ربما تكون مشاركة في عملية تصفية أبي عمار، وإلا لماذا لا يتم الكشف عن
ما توصلت إليه لجنة التحقيق من معلومات؟".
اقرأ أيضا: FP: دحلان يد الإمارات الخفية.. هكذا انتقم من عبّاس
من جانبه، نبه المحلل السياسي وأستاذ
العلوم السياسية ناجي شراب، أن "ذكرى أبي عمار تحولت لمجرد ذكرى لقيادة
تاريخيه، تأتي في ظل انقسام حركة فتح، ما بين فتح الأم والتيار الإصلاحي، ويلجأ كل
تيار منهما للحماية والشرعية بأبي عمار، وهذا يعني قوة شرعيته التي ما زالت قائمة
وقوية"، لافتا إلى أن "هذه الذكرى تخفي خلفها أزمة مركبة لفتح الانقسام
والقيادة والشرعية".
وأضاف شراب في حديثه
لـ"عربي21": "ما يتعلق بلجنة التحقيق لا يبدو أن اللجنة غير قادرة،
فمصدر المعلومة بيد المستشفى الفرنسي، والكل يقر بتسممه، وهو ما يعنى أن هناك
مؤامرة وخيوطا كثيرة قد تجر معها عناصر كثيرة، ومن شأن هذا الاحتمال أن يهز صورة
حركة فتح".
ولفت شراب إلى أن "استخدام
الاتهام كسيف مسلط علي النائب محمد دحلان، هدفه واضح، وهو تجريده وتياره من كل
شرعية، ولكن دون دليل، ويبقى غامضا كحال قيادات سياسية كبيرة وعديدة في
العالم".
ورجح المختص السياسي أن "اغتيال
عرفات كان مقصودا، لأنه ينهى مرحلة ويشرع لمرحلة جديدة، وهنا لا يمكن استبعاد دور
الاحتلال الإسرائيلي ومصلحته في ذلك"، مؤكدا أن "اغتيال الرمز أبي عمار
سيظل غامضا، ولكن الحقيقة قد تكون معروفه للقيادة، وهذه الحقيقة ذاتها تفرض هذا
الغموض"، وفق قوله.
مخاوف على حياة الأسير الأخرس.. وتدخلات دولية بلا نتائج
الاحتلال يشق طرقا عسكرية جديدة في محيط قطاع غزة
اعتقالات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة والقدس (شاهد)