لا شك أن "إيمانويل ماكرون" في أزمة؛ أزمة تجاه نفسه العنصرية أولاً، وأزمة تجاه شعبه ثانياً، أما أزمته مع نفسه فهي عميقة، فلقد ضغط عليها كثيراً، وحمّلها ما لا تحتمل إبان ترشحه للرئاسة، واضطرها لمخاطبة المسلمين الفرنسيين، والتودد إليهم لكسب أصواتهم في الانتخابات، مع وعود كاذبة بأنه سيضمن لهم ممارسة شعائر دينهم بحرية مطلقة، وسيكفل لهم حرية التعبير. وعندما سؤل في حديث تلفزيوني عن نظرته إلى المرأة المسلمة المحجبة، أجاب فوراً بأنه يحترمها ويقدرها، وهذا اختيار شخصي وحرية شخصية وعلى الفرنسيين جميعا احترامها، طبقاً لقيم الجمهورية الفرنسية التي تكفل الحرية الشخصية لكل فرد في المجتمع وحق المواطنة.
وبهذا الكلام المضلل، استطاع هذا المخادع المجهول في عالم السياسة، ربيب البنوك والرأسمالية، كسب الفرنسيين المسلمين إلى صفّه، وصوّت له 92 في المئة من المسلمين الفرنسيين البالغ عددهم 6.6 مليون شخص..
وبعدما استتب له الأمر وأصبح رئيساً لفرنسا، تنكر لكل كلامه ونكث بكل وعوده، وكما يقول المثل المصري "كلام الليل مدهون بزبدة". وكان عليه أن يريح نفسه بعد هذا العناء الثقيل، ويعود لأصوله. فلقد كان للوبي الصهيوني دوراً هاماً وراء فوزه في الانتخابات، ولكي يرد لهم الجميل، فقد أعلن في حفل العشاء السنوي للمؤسسات اليهودية في فرنسا أن بلاده ستعتمد في تشريعاتها تعريفاً جديداً لمعاداة السامية؛ يتضمن معاداة الصهيونية أيضا. وبالفعل حث البرلمان على استصدار قرار يساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، وفي هذا خلط خطير للمفاهيم الثابتة في العلوم السياسية، فمعاداة السامية في كل الدول الغربية التي تُجرّمها تعني العداء تجاه الشعب اليهودي، وهي معاداة ذات بعد ديني، من خلال سلوك قائم على التمييز، يحط من كل شخص ينتمي للدين اليهودي، ويعاقب القانون الفرنسي، والقوانين الغربية عامة، على معاداة السامية؛ فهي جريمة تعادل جريمة التمييز العنصري وكراهية الأجانب..
أما الصهيونية، فهي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، كما نص عليها قرار الأمم المتحدة عام 1975، قبل أن تضطر لإلغائه عام 1991، تحت الضغوط الصهيونية، والتي جعلت ذلك شرطاً للمشاركة الإسرائيلية في مؤتمر "مدريد للسلام". فالصهيونية أيديولوجية سياسية، ظهرت كفكرة في القرن التاسع عشر، على يد النمساوي اليهودي "تيودور هرتزل"، وكان هدفها إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وليس غريباً أن يتزامن موقف المخادع "ماكرون" هذا مع تصريحات "نتنياهو" الذي ساوى فيها بين معاداة الصهيونية والسامية، معززا مشروع الدولة "القومية للشعب اليهودي"، القائم على نبذ كل ما هو غير يهودي وممارسة العنصرية بشتي أشكالها ضد غير اليهود!!
وبعد أن كان الكيان الصهيوني وحده الذي يخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، ها هي فرنسا في عهد "ماكرون" تتبعه في العنصرية والتمييز..
هذا القانون العنصري، رغم أنه حظي بموافقة ضعيفة في البرلمان، إلا أنه يعتبر سابقة في فرنسا، بل في الغرب عامة، وهو ما لم يجرؤ أي رئيس فرنسي سابق حتى على مجرد التفكير فيه، لا لشرعنته؛ لأنه يمس بشكل خطير حرية الرأي التي تقدسها فرنسا، إذ يجعل معاداة الصهيونية تهمة يحاكم بها من يُقدم عليها، وتجعل الكيان الصهيوني فوق النقد، ولذلك اعترض عليه، الكثير من اليهود ممن هم ضد فكرة الصهيونية..
ولست من البلاهة لأن أتساءل: لماذا لا يعامل "ماكرون" المسلمين بالمثل، ولماذا لم يصدر قانوناً يضمن لهم احترام عقيدتهم ورموزهم الدينية، ويُجرّم كل مَن يُعادي الإسلام أو يحط من قدره؟ أو أطالبه بقانون يمنع ازدراء الأديان، احتراماً لمشاعر نحو ملياري مسلم في العالم..
هذه العنصرية المتأصلة في شخصية "ماكرون" هي المفتاح الرئيسي الذي جعله يطلق تصريحاته الأخيرة عن الإسلام، ولم يكن ذلك مفاجئاً كما يعتقد البعض، ولكنه مخطط قديم عمل عليه، منذ سنوات، اللوبي الصهيوني واليمين المتطرف بشبكاته المتعددة، الأكاديمية في الجامعات ومراكز الأبحاث، ووسائل الإعلام بمختلف أشكالها المرئية والمسموعة والمطبوعة، وشبكات التواصل الاجتماعي.. تضافروا جميعاً في صناعة نظرية "التهديد الإسلامي"، وقام على بلورتها خبراء وباحثون صهاينة أمثال "كارولين فوريست" و"باسكل بروكينر" و"آلان فيلكنكراوت"، وآخرون، للتأكيد على أن فرنسا وإسرائيل تواجهان عدواً واحداً، وهو "الإسلام"..
روج "ماكرون" لنظرية "التهديد الإسلامي" في الغرب، ويأمل أن يقود دول أوروبا من خلال رفع راية هذه النظرية، وهو الآن يستغلها ويوظفها ليداري بها إخفاقاته الداخلية وفشل سياساته في الداخل والخارج. وهذه هي أزمته الثانية، والتي لم يستطع مواجهتها كما واجه أزمته الأولى، فهو في ورطة؛ بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية، وتوقف الاقتصاد الفرنسي عن النمو، بل دخوله في حالة انكماش حاد، وبالتالي عجزه عن خلق فرص عمل جديدة، أو حتى المحافظة على ما هو موجود، مما زاد الغضب والسخط عليه في الشارع الفرنسي، والتي عبرت عنها مظاهرات العام الماضىي ضده، في ما عرف بـ"ثورة السترات الصفراء"..
لم يستطع الطفل المعجزة "ماكرون" أن يقدم أي نجاح خارجي ملموس، ليقدمه لشعبه عِوضاً عن فشله في الداخل، فلقد فشل أيضا في سوريا وليبيا ولبنان، رغم كل محاولاته البائسة، حتى في صراعه مع تركيا والذي وظف فيه نظرية "التهديد الإسلامي"، ليحوله من صراع جيوسياسي إلى صراع عقائدي، واستفز أوروبا لتقف بجانبه، محذراً من مغبة عودة الخلافة العثمانية على يد "أردوغان"، وهو صراع لم يجن منه غير مزيد من الفشل، ومزيد من تدني شعبيته، ويظن أن الخروج من هذه الأزمة هو إثارة فزاعة الإرهاب الإسلامي أو الإسلاموفوبيا..
ولنكن أكثر موضوعية، فأطروحة "التهديد الإسلامي" لم تقتصر على فرنسا فقط، بل نشرها اللوبي الصهيوني في كل البلدان الغربية، نظراً لتصاعد أعداد المسلمين فيها، وزيادة الهجرة إليها، وفي السنوات الأخيرة شهد الغرب صعوداً قوياً لليمين المتطرف، لتتصاعد معها وتيرة العنصرية والكراهية تجاه المهاجرين من العرب والأفارقة.
وكان لصعود ترامب إلى سدة الحكم دور كبير في إثارة تلك الشعبوية في الغرب وفي لغة الخطاب السياسي، حيث تبنى خطاباً ومنهجاً عدائياً وعنصرياً تجاه الهجرة، والمسلمين بصفة خاصة، فقد أفصح أكثر من مرة عن رغبته في منع الهجرة وإغلاق المساجد. ولنتذكر أول خطاب له، يوم تنصيبه، حيث هدد وتوعد قائلاً: "سأمحو التطرف الإسلامي من على وجه الأرض"!
في حقيقة الأمر، أن اختراع عدو (الإسلام) وتسويقه بدأ منذ سقوط الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، ولا ننسي ما قاله "دونالد ريجان"، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينذاك: "لقد أسقطنا الأحمر ومعركتنا القادمة مع الأخضر وسنسقطه"..
وجاء "جورج بوش" الابن ليعلنها، حرباً صليبياً، بعد أحداث أيلول/ سبتمبر عام 2001، ورغم اعتذاره وقوله "إنها زلة لسان"، ولكنها كانت حقيقة تعبر عن توجهه، فبوش الابن متحالف مع اليمين المتطرف أو ما يسمي المحافظين الجدد المتصهينين، وممن يتبعون "الصهيو- مسيحية"، واستطاع هو وتياره أن يصوروا للعالم أن المشكلة تكمن في "الإرهاب الإسلامي"، واتخذ من تفجير البرجين ذريعة في حربه مع الإسلام وغزو أفغانستان، وساعد في تعميق هذا المفهوم وتسويقه أكاديميون وكتاب وإعلاميون كثر، لعل أهمهم "صمويل هنتيغتون"، مؤلف كتاب "صدام الحضارات"، و"فرانسيس فوكابايا"، مؤلف كتاب "نهاية التاريخ"...
لقد تم تصوير الإسلام كعدو وحشي، عبر تسويق صورة مزيفة عن الإسلام والمسلمين، مما أثار مخاوف الناس في الغرب، وما نراه من تحريض بحق المسلمين في الغرب إلا نتاج لهذه المخاوف المفتعلة، وحصاد للكراهية التي زرعوها في نفوس الناس..
إن الخطاب العدائي للإسلام الذي كان سائداً في الحقبة الاستعمارية، والذي اتخذ ذريعة لغزو العالم الإسلامي وتفكيك الخلافة الإسلامية، في القرن التاسع عشر، يستعيده اليوم "ماكرون"، ليوحد به القوى الغربية تحت لوائه، حالماً بأن يقودها ويعيد مجد الإمبراطورية الفرنسية..
ولسوف يفيق "الدون كيشوت" المتغطرس من حلمه، ليجد أنه كان يحارب طواحين الهوا!!
twitter.com/amiraaboelfetou
وبهذا الكلام المضلل، استطاع هذا المخادع المجهول في عالم السياسة، ربيب البنوك والرأسمالية، كسب الفرنسيين المسلمين إلى صفّه، وصوّت له 92 في المئة من المسلمين الفرنسيين البالغ عددهم 6.6 مليون شخص..
وبعدما استتب له الأمر وأصبح رئيساً لفرنسا، تنكر لكل كلامه ونكث بكل وعوده، وكما يقول المثل المصري "كلام الليل مدهون بزبدة". وكان عليه أن يريح نفسه بعد هذا العناء الثقيل، ويعود لأصوله. فلقد كان للوبي الصهيوني دوراً هاماً وراء فوزه في الانتخابات، ولكي يرد لهم الجميل، فقد أعلن في حفل العشاء السنوي للمؤسسات اليهودية في فرنسا أن بلاده ستعتمد في تشريعاتها تعريفاً جديداً لمعاداة السامية؛ يتضمن معاداة الصهيونية أيضا. وبالفعل حث البرلمان على استصدار قرار يساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، وفي هذا خلط خطير للمفاهيم الثابتة في العلوم السياسية، فمعاداة السامية في كل الدول الغربية التي تُجرّمها تعني العداء تجاه الشعب اليهودي، وهي معاداة ذات بعد ديني، من خلال سلوك قائم على التمييز، يحط من كل شخص ينتمي للدين اليهودي، ويعاقب القانون الفرنسي، والقوانين الغربية عامة، على معاداة السامية؛ فهي جريمة تعادل جريمة التمييز العنصري وكراهية الأجانب..
أما الصهيونية، فهي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، كما نص عليها قرار الأمم المتحدة عام 1975، قبل أن تضطر لإلغائه عام 1991، تحت الضغوط الصهيونية، والتي جعلت ذلك شرطاً للمشاركة الإسرائيلية في مؤتمر "مدريد للسلام". فالصهيونية أيديولوجية سياسية، ظهرت كفكرة في القرن التاسع عشر، على يد النمساوي اليهودي "تيودور هرتزل"، وكان هدفها إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وليس غريباً أن يتزامن موقف المخادع "ماكرون" هذا مع تصريحات "نتنياهو" الذي ساوى فيها بين معاداة الصهيونية والسامية، معززا مشروع الدولة "القومية للشعب اليهودي"، القائم على نبذ كل ما هو غير يهودي وممارسة العنصرية بشتي أشكالها ضد غير اليهود!!
وبعد أن كان الكيان الصهيوني وحده الذي يخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، ها هي فرنسا في عهد "ماكرون" تتبعه في العنصرية والتمييز..
هذا القانون العنصري، رغم أنه حظي بموافقة ضعيفة في البرلمان، إلا أنه يعتبر سابقة في فرنسا، بل في الغرب عامة، وهو ما لم يجرؤ أي رئيس فرنسي سابق حتى على مجرد التفكير فيه، لا لشرعنته؛ لأنه يمس بشكل خطير حرية الرأي التي تقدسها فرنسا، إذ يجعل معاداة الصهيونية تهمة يحاكم بها من يُقدم عليها، وتجعل الكيان الصهيوني فوق النقد، ولذلك اعترض عليه، الكثير من اليهود ممن هم ضد فكرة الصهيونية..
ولست من البلاهة لأن أتساءل: لماذا لا يعامل "ماكرون" المسلمين بالمثل، ولماذا لم يصدر قانوناً يضمن لهم احترام عقيدتهم ورموزهم الدينية، ويُجرّم كل مَن يُعادي الإسلام أو يحط من قدره؟ أو أطالبه بقانون يمنع ازدراء الأديان، احتراماً لمشاعر نحو ملياري مسلم في العالم..
هذه العنصرية المتأصلة في شخصية "ماكرون" هي المفتاح الرئيسي الذي جعله يطلق تصريحاته الأخيرة عن الإسلام، ولم يكن ذلك مفاجئاً كما يعتقد البعض، ولكنه مخطط قديم عمل عليه، منذ سنوات، اللوبي الصهيوني واليمين المتطرف بشبكاته المتعددة، الأكاديمية في الجامعات ومراكز الأبحاث، ووسائل الإعلام بمختلف أشكالها المرئية والمسموعة والمطبوعة، وشبكات التواصل الاجتماعي.. تضافروا جميعاً في صناعة نظرية "التهديد الإسلامي"، وقام على بلورتها خبراء وباحثون صهاينة أمثال "كارولين فوريست" و"باسكل بروكينر" و"آلان فيلكنكراوت"، وآخرون، للتأكيد على أن فرنسا وإسرائيل تواجهان عدواً واحداً، وهو "الإسلام"..
روج "ماكرون" لنظرية "التهديد الإسلامي" في الغرب، ويأمل أن يقود دول أوروبا من خلال رفع راية هذه النظرية، وهو الآن يستغلها ويوظفها ليداري بها إخفاقاته الداخلية وفشل سياساته في الداخل والخارج. وهذه هي أزمته الثانية، والتي لم يستطع مواجهتها كما واجه أزمته الأولى، فهو في ورطة؛ بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية، وتوقف الاقتصاد الفرنسي عن النمو، بل دخوله في حالة انكماش حاد، وبالتالي عجزه عن خلق فرص عمل جديدة، أو حتى المحافظة على ما هو موجود، مما زاد الغضب والسخط عليه في الشارع الفرنسي، والتي عبرت عنها مظاهرات العام الماضىي ضده، في ما عرف بـ"ثورة السترات الصفراء"..
لم يستطع الطفل المعجزة "ماكرون" أن يقدم أي نجاح خارجي ملموس، ليقدمه لشعبه عِوضاً عن فشله في الداخل، فلقد فشل أيضا في سوريا وليبيا ولبنان، رغم كل محاولاته البائسة، حتى في صراعه مع تركيا والذي وظف فيه نظرية "التهديد الإسلامي"، ليحوله من صراع جيوسياسي إلى صراع عقائدي، واستفز أوروبا لتقف بجانبه، محذراً من مغبة عودة الخلافة العثمانية على يد "أردوغان"، وهو صراع لم يجن منه غير مزيد من الفشل، ومزيد من تدني شعبيته، ويظن أن الخروج من هذه الأزمة هو إثارة فزاعة الإرهاب الإسلامي أو الإسلاموفوبيا..
ولنكن أكثر موضوعية، فأطروحة "التهديد الإسلامي" لم تقتصر على فرنسا فقط، بل نشرها اللوبي الصهيوني في كل البلدان الغربية، نظراً لتصاعد أعداد المسلمين فيها، وزيادة الهجرة إليها، وفي السنوات الأخيرة شهد الغرب صعوداً قوياً لليمين المتطرف، لتتصاعد معها وتيرة العنصرية والكراهية تجاه المهاجرين من العرب والأفارقة.
وكان لصعود ترامب إلى سدة الحكم دور كبير في إثارة تلك الشعبوية في الغرب وفي لغة الخطاب السياسي، حيث تبنى خطاباً ومنهجاً عدائياً وعنصرياً تجاه الهجرة، والمسلمين بصفة خاصة، فقد أفصح أكثر من مرة عن رغبته في منع الهجرة وإغلاق المساجد. ولنتذكر أول خطاب له، يوم تنصيبه، حيث هدد وتوعد قائلاً: "سأمحو التطرف الإسلامي من على وجه الأرض"!
في حقيقة الأمر، أن اختراع عدو (الإسلام) وتسويقه بدأ منذ سقوط الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، ولا ننسي ما قاله "دونالد ريجان"، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينذاك: "لقد أسقطنا الأحمر ومعركتنا القادمة مع الأخضر وسنسقطه"..
وجاء "جورج بوش" الابن ليعلنها، حرباً صليبياً، بعد أحداث أيلول/ سبتمبر عام 2001، ورغم اعتذاره وقوله "إنها زلة لسان"، ولكنها كانت حقيقة تعبر عن توجهه، فبوش الابن متحالف مع اليمين المتطرف أو ما يسمي المحافظين الجدد المتصهينين، وممن يتبعون "الصهيو- مسيحية"، واستطاع هو وتياره أن يصوروا للعالم أن المشكلة تكمن في "الإرهاب الإسلامي"، واتخذ من تفجير البرجين ذريعة في حربه مع الإسلام وغزو أفغانستان، وساعد في تعميق هذا المفهوم وتسويقه أكاديميون وكتاب وإعلاميون كثر، لعل أهمهم "صمويل هنتيغتون"، مؤلف كتاب "صدام الحضارات"، و"فرانسيس فوكابايا"، مؤلف كتاب "نهاية التاريخ"...
لقد تم تصوير الإسلام كعدو وحشي، عبر تسويق صورة مزيفة عن الإسلام والمسلمين، مما أثار مخاوف الناس في الغرب، وما نراه من تحريض بحق المسلمين في الغرب إلا نتاج لهذه المخاوف المفتعلة، وحصاد للكراهية التي زرعوها في نفوس الناس..
إن الخطاب العدائي للإسلام الذي كان سائداً في الحقبة الاستعمارية، والذي اتخذ ذريعة لغزو العالم الإسلامي وتفكيك الخلافة الإسلامية، في القرن التاسع عشر، يستعيده اليوم "ماكرون"، ليوحد به القوى الغربية تحت لوائه، حالماً بأن يقودها ويعيد مجد الإمبراطورية الفرنسية..
ولسوف يفيق "الدون كيشوت" المتغطرس من حلمه، ليجد أنه كان يحارب طواحين الهوا!!
twitter.com/amiraaboelfetou
شارك
المزيد من هذا الكاتب
