لا أحد يتمنى لأي إنسان المرض أو الإصابة بوباء، كما ليس هناك من هو غير معرض للإصابة، ولكنْ هناك أشخاص هم يذهبون للعدوى بأرجلهم؛ إما لأنهم "متوكلون" على الله بطريقة خاطئة، أو أنهم مستخفون ومستهترون، ومن ثم لا يحترمون ولا يلتزمون بإجراءات السلامة، والرئيس الأمريكي ترامب هو أفضل نموذج لهؤلاء. ولكن عندما تكون رئيسا وتستخف فهذا أمر خطير؛ لأنك تقدم نموذجا سيئا للشعب، كما أنه دليل على الاستخفاف بالمسؤولية والمهام الملقاة على عاتقه، ومن ثم فهو يلحق الضرر بشعبه وبلده وبالعالم؛ لأنه يسهم في نشر الوباء بنموذجه الرديء.
في حالة الرئيس ترامب، الذي لم يستخف بالإجراءات وبارتداء الكمامة، وإنما استخف بالفيروس منذ البداية وأطلق علية تهكما "الفيروس الصيني" في حالة هذا المستخف وبهذا الموقع الأهم من المسؤولية في العالم، يجب أن يحاسب من قبل شعبه، كما من حق العالم أن يسائله، خصوصا أنه أوقف الدعم عن منظمة الصحة العالمية.
وفي مراجعة لأداء هذا الرئيس الذي فشل في حماية شعبه ونفسه والمقربين منه، ارتكب كل الأخطاء الممكنة في سياق المواجهة المحلية والعالمية لجائحة كورونا، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة في قمة الدول من حيث عدد الإصابات والوفيات، ومن حيث الخسائر الاقتصادية، ولأن هذا البلد هو الأعظم اقتصاديا، فإن تأثير الفشل الاقتصادي هناك له تداعيات على الاقتصاد الدولي وعلى إفقار ملايين البشر، لذلك يجب أن يحاسب على استهتاره.
ترامب لم يكن مستخفا عاديا؛ إنه يمعن بالاستخفاف، مما أعطى انطباعا لشرائح واسعة في العالم لتبرر هي الأخرى استهتارها، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة انتشار الوباء، وإلى إضعاف قدرة الحكومات على المواجهة وفرض الإجراءات، ومن ثم نتساءل: ألم يكن ترامب مسؤولا بطريقة أو بأخرى عن الخسائر البشرية والمادية للبشرية جمعاء؟ المشكلة في هذا الرئيس أنه حتى خلال حملته الانتخابية أصر على نموذج الاستخفاف، وكان يتهكم على منافسه جون بايدن، الذي بالمقابل كان يصر على نموذج الالتزام بالإجراءات.
وفي مراجعة أوسع، فإن ترامب كان مستخفا بكل شيء، بالقانون الدولي، بالعلاقات الدولية. يتصرف بتعال مع زعماء العالم. ولعل الشعب الفلسطيني هو أكثر من دفع الثمن من تصرفات هذا الرئيس.
المشكلة الأكثر خطورة، أنه لا يرى أنه هو من يمارس الظلم والعدوان على الفلسطينيين، بالمقابل يتهمهم بأنهم يكرهون الولايات المتحدة الأمريكية، ليس هناك فلسطيني واحد يكره الشعب الأمريكي، إنما نحن ضحية السياسات الأمريكية المنحازة لإسرائيل، وفي عصر إدارة ترامب هي تتبنى مشروع اليمين الصهيوني وليست منحازة وحسب. المستخف ترامب يجب أن يحاسب على استخفافه أولا من قبل الشعب الأمريكي، ومن ثم من العالم.