خبراء: سيناريو خطير ينتظر العراق بمغادرة البعثات الدبلوماسية

تحاول الحكومة العراقية إقناع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بالعدول عن التفكير في سحب البعثات الدبلوماسية وغلق سفاراتها، جراء الهجمات الصاروخية التي تستهدف سفارة واشنطن في المنطقة الخضراء وسط بغداد.

وبحسب برلمانيين وخبراء تواصلت معهم "عربي21"، فإن سيناريوهات "كارثية" تنتظر العراق إذا لم تستطع حكومة مصطفى الكاظمي الإيفاء بتعهداتها وحماية البعثات الدبلوماسية من الهجمات الصاروخية.

"دولة مارقة"

وتعليقا على ذلك، قال البرلماني العراقي مثنى أمين، لـ"عربي21"، إن "العراق في حال لم يف بتعهداته في حماية البعثات الدبلوماسية، فإن المجتمع الدولي سيتعامل معه على أنه دولة مارقة، وبالتالي فإن المجتمع الدولي سيتحرك ضده".

ورأى أمين أن "العراق مقبل على سيناريوهات خطيرة على المستوى الاقتصادي، وكذلك تصنيفه الائتماني سيتأثر، فضلا عن تأثر الواقع الأمني والسياسي، والدخول في فوضى السلاح المنفلت والحرب الأهلية".

اقرأ أيضا: سقوط صواريخ قرب قاعدة تستضيف قوات أمريكية في أربيل
 

ولم يستبعد النائب إعادة وضع العراق تحت طائلة الفصل السابع، وبالتالي يصبح تحت الوصاية الدولية، داعيا الحكومة إلى ردع الجماعات المنفلتة، وإيقاف الهجمات الصاروخية التي تستهدف البعثات الدبلوماسية في البلد.

"الفصل السابع"

من جهته، قال الخبير القانوني علي التميمي لـ"عربي21"، إن "العراق ملزم بحماية السفارات والقنصليات وفق اتفاقية فينا لعام 1961، إذ تؤكد أن الدولة المضيفة من واجبها حماية السفارة والعاملين بها من كل ضرر، والعراق موقع على هذه الاتفاقية المودعة عند الأمم المتحدة".

وأضاف التميمي: "معروف وفق القانون الدولي، بأنه عندما تخلّ بالتزاماتها الدولية فإنها تتعرض إلى عقوبات، الأمر الثاني تعتبر السفارة وفق الاتفاقية هي جزء من البلد الذي تنتمي لها، بالتالي الاعتداء على السفارة هو يعتبر اعتداء على تلك الدولة".

وأشار إلى أن "العراق حاليا تحت الفصل السادس بعد ترحيله من الفصل السابع، لوجود التزامات مالية حتى الآن للكويت بقيمة 4.5 مليار دولار، فإذا إذا استمرت الضربات ولم يضع لها حدا لها، فبإمكان مجلس الأمن إعادته إلى الفصل السابع".

وفي السياق ذاته، كتب رئيس مركز "التفكير" السياسي، الدكتور إحسان الشمري، تغريدة على "تويتر" قال فيها: "بمغادرة البعثات الدبلوماسية من العراق، فالتدخل الدولي لإسقاط النظام، أو فرض الوصاية عليه، ومحاكمة المنفلتين، يعد السيناريو الأقرب".

نتائج وخيمة

وبخصوص ما يعنيه إعادة العراق تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، قال التميمي لـ"عربي21" إن "ذلك يعني وضعه تحت الوصاية الدولية، ويعتبر بلدا ناقص السيادة، كما كان الوضع في زمن الحاكم الأمريكي المدني للعراق بول بريمر".

وذهب التميمي إلى أبعد من ذلك، بالقول: "مجلس الأمن يستطيع في حينها أن يرسل قوات دولية إلى العراق، لتنفيذ العمليات العسكرية، لأنه سيصبح بلدا يهدد السلم والأمن الدوليين".

وأكد أنه "في حال وضع العراق تحت الوصاية الدولية، فذلك يعتبر انهيارا للنظام السياسي الحالي، لأن الأمم المتحدة باستطاعتها تعيين حاكم مدني يدير شؤون البلاد، وإجراء انتخابات والخطوات التي تتبعها".

وأشار التميمي إلى أن "استهداف البعثات الدبلوماسية، له تأثير على الاقتصاد في هذه المرحلة بشكل كبير، لأن كل دولار يأتي إلى العراق يمر من خلال الولايات المتحدة، وبالتالي تنهار العملة المحلية كما حصل في لبنان وإيران".

اقرأ أيضا: الغارديان: الكاظمي يحشد الحلفاء لإبقاء سفارة واشنطن ببغداد
 

ولفت إلى أن "الحكومة العراقية والقائدة السياسيين، يدركون جيدا النتائج الوخيمة إذا انسحبت البعثات الدبلوماسية نتيجة للضربات الصاروخية، لذلك الحكومة ملزمة بكشف الجهات التي تنفذ هذه الهجمات، لأن رحيل البعثات يعني بدء العد العكسي للكوارث الاقتصادية والأمنية وحدوث الفوضى".

تعهدات حكومية

يأتي ذلك، في وقت تعهد فيه رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، الأربعاء، خلال استقباله سفراء 25 دولة، بحماية البعثات الدبلوماسية، مؤكدا أنها من واجب الحكومة، التي قامت بإجراءات لحمايتها وستستمر في ذلك، وتتحدى الجماعات المنفلتة وغير المنضبطة.

وقال الكاظمي في بيان وصل لـ"عربي21" نسخة منه إن "الحكومة التي يرأسها جاءت انعكاسا لظروف اجتماعية، بسبب سوء الإدارة في العراق لفترة طويلة"، لافتا إلى أنه "قبل بمهام رئاسة الحكومة، فقط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكي يستعيد العراق جزءا من عافيته".

وأضاف أن "الظروف الاقتصادية الصعبة وسوء الإدارة في العراق التي اعتمدت على النفط، وانهيار أسعاره، ووباء كورونا، والتحديات الأمنية، كلها تحديات على هذه الحكومة العمل على تذليلها".

وأكد الكاظمي أن "الهدف من الهجمات على البعثات الدبلوماسية هو إضعاف الحكومة بالدرجة الأولى، ومنعها من التركيز على التحديات الأساسية التي يواجهها البلد، وكذلك لعزل العراق عن المجتمع الدولي، لكي تعبث الجماعات المنفلتة وغير المنضبطة بالبلد عن طريق أبواب الفساد".

ولفت إلى أن "الجماعات المنفلتة وغير المنضبطة مصلحتها أن يكون العراق دولة ضعيفة وفاشلة، لكي يستمروا بامتصاص خيرات وموارد البلد"، مؤكدا بالقول: "نعمل بكل جد على إعادة الاعتبار للمؤسسة الأمنية".

وبعد ساعات من تعهد الكاظمي بحماية البعثات الأجنبية، قال جهاز مكافحة الإرهاب بإقليم كردستان العراق إن جماعات مسلحة تدعمها إيران نفذت هجوما صاروخيا استهدف قوات أمريكية في مدينة أربيل.

وبحسب الجهاز، فإن أربعة صواريخ سقطت على مشارف مجمع المطار، وإن اثنين لم ينفجرا.