نشر
موقع "فورين بوليسي نيوز" مقالا لمدير مركز دراسات التنمية العالمية،
مصطفى يوسف، قال فيه إن "الجنرال السيسي، في آخر خطاب له، هدد ملايين
المصريين الذين يعيشون في بيوت بسيطة ومتواضعة بأن القوات العسكرية ستقوم بهدم
بيوتهم بسبب مخالفات تراخيص طفيفة ما لم يدفعوا غرامات باهظة، وطبقا للتقارير
واستطلاعات الرأي فإن أغلب هؤلاء البسطاء لن يستطيعوا دفع هذه الغرامات".
ولفت
الكاتب إلى أنه، بحسب دراسة قام بها غاري ليبيكاب، نشرها معهد هوفر عام 2018، فإن
"حقوق الملكية تعتبر أهم الأسس الحاكمة في اقتصاد لأي مجتمع، وهي التي تحدد مَن
الذي يتخذ القرارات بشأن الموارد المهمة، ومَن يحصل على المكاسب الاقتصادية من تلك
القرارات، وتُشكّل حجر الزاوية في توزيع الدخل والثروة والتأثير السياسي والاستثمار،
كما هو معروف بين الاقتصاديين".
وتعاني
الحكومة المصرية من عجز كبير بسبب آثار جائحة كوفيد -19 على السياحة وأسعار النفط،
والتي أثرت على أكبر داعمي نظام السيسي، الإمارات والسعودية، وأضعفت مقدرتهما على
دعم النظام العسكري في مصر. وليس أمام السيسي خيار آخر لدعم نظامه سوى فرض ضرائب
غير محتملة على المصريين، كما يقول كاتب المقال.
ويضيف
الكاتب: "ركزت تجارب التنمية الاقتصادية الناجحة في أفريقيا - بوتسوانا
ورواندا مثلا- أو في آسيا - سنغافورة مثلا- على الشفافية، وعملت بمنتهى القوة ضد
الفساد واستثمرت في رأس المال الإنساني. وعلى العكس فالطريقة المافياوية في إدارة
الدول تقوم باستعباد الشعب وتهديد الناس وفرض ضرائب عالية جدا عليهم دون تقديم أي
خدمات أو استثمار في الصحة أو التعليم.
والأمثلة
الجلية للطريقة المافياوية مصر منذ تموز/ يوليو 2013 إلى الآن، والأنظمة العسكرية
القديمة 1973-1986 في أمريكا الجنوبية: مثل نظام أوغستو بينوشيه في
تشيلي، وخورخي فيديلا في الأرجنتين. والسيناريو المافيوي هذا هو أسوأ ما يمكن أن يحكم به بلد ما وتداعياته كارثية".
اقرأ أيضا: محمد علي لعربي21: نهاية السيسي مسألة وقت.. واقترب النصر
وتابع:
"بعدم تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمستثمرين الجدد لترميم البنية
التحتية المهترئة، استخدمت حكومة السيسي إمكانيات البلد المحدودة أصلا في مشاريع
غير منتجة مثل توسيع قناة السويس بتكلفة 12 مليار دولار. وكلف الاحتفال بهذه
التوسعة عديمة الجدوى 10 ملايين دولار. وليس هناك أي مستثمر أجنبي يمكنه أن يقامر
بالاستثمار في بلد ترتيبه 125 من 128 بحسب مؤشر سيادة القانون حسب مشروع العدالة
العالمي. وبحسب تقدير المؤشر لعام 2020 فإن مصر عانت من أكبر تراجع نسبي لمؤشر
سيادة القانون، وهذا أمر مخيف ومنفر لأي مستثمر محتمل".
ولفت
إلى أن "مصر استقبلت تحت نظام السيسي مساعدات سخية من حكومتي السعودية
والإمارات. فالديمقراطية تعتبر أكبر عدو للنظاميين الديكتاتوريتين في كل من
السعودية والإمارات. والسعودية معروفة ليس فقط بسجن كل من يبدي أي معارضة سياسية،
بل أيضا بإرسال فرق الاغتيال والقتلة المحترفين لقتل وتقطيع الصحافيين والمعارضين
وبأوامر مباشرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. والإمارات هي أحد أسوأ البلدان
في حقوق الإنسان على مستوى العالم طبقا للتقارير الأممية. وأنفقت الدولتان معا
أكثر من 50 مليار دولار لقمع الربيع العربي ومنع قيام دولة ديمقراطية في الشرق
الأوسط، وذهبت معظم تلك الأموال إلى جيوب الحكام الديكتاتوريين والجنرالات
الفاسدين".
وبحسب
تقرير السعادة العالمي عام 2019، كان ترتيب مصر 137 من بين 156 بلدا، مما يجعلها أحد
أتعس البلدان للعيش فيها عالميا. وازداد عدد الناس الذين يعيشون في الفقر إلى
حوالي ثلث الشعب المصري في 2018 بسبب معدلات التضخم والتراجع المستمر في الإنفاق
على الصحة والتعليم.
وقال
مدير مركز دراسات التنمية العالمية: "بدلا من الاستثمار في رأس المال البشري
والإنساني، يقوم النظام باستثمار أموال الدولة في عاصمة إدارية يتم إنشاؤها للنخبة
بميزانية 90 مليار دولار. وأمر السيسي الجيش بأن تحتوي العاصمة على أحدث تكنولوجيا
وعلى نهر صناعي يكلف 35 مليار جنيه مصري. وطلب منهم أن تحتوي العاصمة على أحدث
قطارات السكك الحديدية الكهربائية بتكلفة 51 مليار جنيه مصري. وطلب قصرا رئاسيا
جديدا أكبر من البيت الأبيض بعشر مرات تقريبا".
وأشار
إلى أن "السيسي وعد المصريين بأن العاصمة الإدارية ستحتوي على أطول برج في
أفريقيا، وأكبر مسجد وأكبر كنيسة. ولأجل تحقيق هذه الأرقام القياسية قامت حكومة السيسي
بالاقتراض بشكل غير مسبوق. ففي تموز/ يوليو 2013 وقت الانقلاب واستيلاء الجنرال
السيسي على السلطة كانت مديونية مصر 43 مليار دولار ومع تموز/ يوليو 2020 وصلت
المديونية إلى أكثر من 124 مليار دولار. وخلال نفس الفترة ارتفعت المديونية
الداخلية من 90 مليار دولار إلى 278 مليار دولار".
وشدّد
على أن "الحكومة المصرية للأسف مُدمنة على الديون، وتزيد نسبة الدين إلى
الناتج المحلي الإجمالي كل عام بمعدلات أكبر بكثير من معدل نمو الاقتصاد الوطني".
وأكمل:
"مصر اليوم هي في وضع هش وغير قابل للتنبؤ. والشرق الأوسط بحاجة ماسة إلى
العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية الاجتماعية وإهمال هذا الوضع الكارثي يشجع
على الدمار في المنطقة كلها وما حولها، لأنه من المعروف تاريخيا أن الوضع في مصر
يؤثر على وضع المنطقة المحيطة".
وأشار
إلى أنه "في حال استمرار الأوضاع الراهنة على ما هي عليها ستصبح مصر على شفير
الهاوية، وقد يقود هذا إلى تدفق عشرات ملايين المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.
ويمكن للمنظمات المتطرفة تجنيد مئات آلاف المصريين الذين يعانون من الفقر المدقع،
هذا بالإضافة إلى البؤس الذي يعيشه ملايين المصريين".
ورأى أنه "يجب على العالم الحر وقادة الرأي
وقف السيسي ونظامه، وإرساء نظام ديمقراطي، وذلك لمنع وقوع هذه الأزمة التي لا
يستطيع أحد تحمل تبعاتها وقبل أن تنهار المنطقة بأكملها".
ماذا ينقص هبّة المصريين لتكتمل بثورة عارمة ضد السيسي؟
"غد الثورة" يعلن دعمه لاحتجاجات سبتمبر ومطالب التغيير
سخرية بمواقع التواصل من قرار إحالة 53 مليون مصري للنيابة