أثارت التصريحات والردود التركية حول
نية رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج الاستقالة قريبا الكثير من التساؤلات
عن مصير العلاقات والاتفاقات التركية مع ليبيا بعد قدوم رئيس حكومة جديد ربما
يخالف خط سير السراج كثيرا خاصة لو كان من منطقة الشرق الليبي.
وعبر الرئيس التركي، رجب أردوغان عن
انزعاجه من خطوة استقالة السراج في هذا التوقيت، في حين أكدت الرئاسة التركية أن
الاستقالة لن تؤثر على الاتفاقات مع ليبيا كونها أبرمت بين حكومات وليس أفرادا، وأن
قرارات الوفاق مع أنقرة تظل سارية المفعول، وفق المتحدث باسم الرئاسة التركية،
إبراهيم كالن.
وأعلن السراج نيته الاستقالة تشرين الثاني/أكتوبر المقبل، وهو ما فسره مراقبون بأنها خطوة جاءت تحت ضغط الاحتجاجات ضد
حكومته وكذلك نجاح المشاورات في المغرب وجنيف بين البرلمان ومجلس الدولة ومحاولة
السراج الخروج بأقل الخسائر وبشكل بطولي، كما رأوا.
تعاون أوسع
وفي إشارة للتعاون مع الحكومة الليبية
الجديدة حال تشكلت، أوضح كالن أن العلاقات بين البلدين ستستمر بأية حال لأهمية
ليبيا بالنسبة لهم وأن بلاده على استعداد لتعاون أوسع في مجالات أخرى غير العسكري
والاقتصادي مثل استثمارات البنية التحتية والمستشفيات والرعاية الصحية والطرق
والطاقة.
وبين انزعاج أردوغان وتصريحات كالن
تظهر تساؤلات عدة من بينها: هل سيؤثر رحيل السراج على التقارب التركي الليبي؟ وهل
يلغي رئيس الحكومة الليبية الجديدة الاتفاقات مع أنقرة؟
سارية المفعول
عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد
أكد لـ"عربي21" أن "الاتفاقية الليبية التركية لن تتأثر باستقالة
السراج وحكومته كونها تم توقيعها بين حكومتين وستبقى سارية المفعول طالما استمر
الغرض منها قائما وهو خدمة مصالح كل طرف".
ورأى في تصريحاته أن "الاتفاق
البحري يخدم ليبيا كما يخدم تركيا ولعله من المناسب أن نتذكر كيف كان الحال قبل
الاتفاقية حين تجاهلت دول شرقي المتوسط ليبيا واقتطعت مساحات كبيرة من المياه
الاقتصادية الليبية، أما الشق العسكري من الاتفاقية فقد مكّن حكومة الوفاق من طرد
ميليشيات ومرتزقة حفتر من محيط العاصمة، ولا زالت الحاجة قائمة لشقي
الاتفاقية".
استمرار الحكومة
وفي حين استبعد أستاذ العلوم السياسية
بجامعة سكاريا التركية، خيري عمر أن "تتأثر الاتفاقية التركية مع ليبيا كون
تركيبة حكومة الوفاق ستبقى كما هي فترة من الزمن لأن التصديق على حكومة جديدة
سيأخذ وقتا، من المتوقع أن ينوب عن السراج أحد أعضاء المجلس الحالي ويسير على نفس
الخطى".
اقرأ أيضا: الرئاسة التركية: استقالة السراج لا تلغي الاتفاقيات الليبية معنا
وفي تصريحات لـ"عربي21" أكد: "الاتفاقية تشكل مصلحة لليبيا في المتوسط من ناحية الحفاظ على المنطقة
الاقتصادية الخاصة في مواجهة اليونان، فلم الإلغاء، وهناك اتفاقات منذ عهد القذافي
ولازالت مستمرة؟ وهذا يدعم استمرار الاتفاقات الاقتصادية الحالية خاصة إذا توقفت
الحرب وحل السلام والاستقرار في ليبيا".
وأوضح وفق رؤيته أن "المشاورات
والحوارات الحالية بين البرلمان ومجلس الدولة تشير إلى سعي الطرفين إلى تجاوز
المرحلة الانتقالية للوصول إلى حكومة دائمة عبر الاستفتاء على الدستور وهي خطوة
لتجاوز الخلافات والتركيز على بناء مساحة مشتركة في الداخل من أجل حل جذري للأزمة
الراهنة"، كما توقع.
قوة الاتفاقات
وبدوره قال الباحث السياسي المختص
بالشأن الليبي، عباس صالح لـ"عربي21" إن "الأوضاع في ليبيا متغيرة
بشكل كبير وهو ما يشكل عامل قلق ليس فقط لتركيا ولكن حتى للأطراف الأخرى المنخرطة
في الصراع الليبي- الليبي، وتوارث الاتفاقيات يعتبر عرفا دوليا شائعا".
واستدرك: "لكن ذلك يعتمد على قوة
تلك الاتفاقيات ومواقف جميع الأطراف منها، وكذلك مواقف الأطراف الفاعلة، خاصة
الأطراف الخارجية التي تتأثر مصالحها بتلك الاتفاقيات، والالتزام بالاتفاقيات في
أي نظام جديد يعتمد على القوى التي ستأتي بعد هذا النظام، إذا رأت فيها عنصر قوة
لها ستحترمها حتى ولو لم تكن طرفا فيها".
وتابع: "من حق الجانب التركي أن
يبدي قلقه من استقالة السراج، وذلك لأن الحفاظ على المكاسب الكبيرة التي حققوها مع
حكومته اعتمد على شخصية الأخير وحكومته الشرعية، وبالتالي المحافظة على تلك
المصالح ستكون أقوى بوجود السراج في المرحلة المقبلة"، كما قال.
هل تسمح واشنطن لباريس بالتمدد في شرق المتوسط؟
انفتاح أمريكي على الوفاق الليبية.. هل يسبب توترا مع أنقرة؟
حراك دولي لدعم التوافق بليبيا.. ماذا عن شروط حفتر؟