اقتصاد عربي

ما هدف السيسي من إنشاء "صندوق سيادي" لدعم الرياضة؟

السيسي برر إنشاء الصندوق الجديد بدعم الرياضة.. وخبراء يشككون- جيتي

وجه رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي بإنشاء صندوق استثماري خاص بالرياضة المصرية يتبع الصندوق السيادي لمصر.

 

وبرر السيسي طلبه من وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية اللواء محمد أمين، بدء ومتابعة الخطوات الإنشائية والتمويلية للصندوق الجديد، بأن الغرض منه دعم الرياضة بمصر.

 

لكن سوابق السيسي، وأجهزته السيادية، في السيطرة والاستحواذ على غالبية القطاعات الاقتصادية منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، أثارت مخاوف واسعة في الأوساط الرياضية والاقتصادية من دخول رئيس الانقلاب على خط "بيزنس الرياضة". 

وبحسب بيان رئاسي، وجه السيسي، بـ"حوكمة أداء الصندوق بهدف استدامة عوائده المالية لصالح دعم الأبطال الأولمبيين، واكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيا، وإقامة البرامج القومية للياقة البدنية والصحة العامة".

"كعكة الرياضة"

وخلال شهر أيار/ مايو الماضي، ظهرت بوادر استيلاء الأجهزة السيادية على قطاع الرياضة، عبر الترويج الإعلامي بشكل مكثف لأندية رياضية تنتشر في جميع أنحاء الجمهورية تحت اسم "سيتي كلوب"، في إطار بروتوكول تعاون بين وزارة الشباب والرياضة وجهاز المخابرات المصرية العامة تم توقيعه في العام ٢٠١٨.

 

ذلك البروتوكول يقضي بتبعية النوادي الحكومية في عواصم المحافظات التي تبلغ 27 ناديا لنادي "سيتي كلوب"، بضخ ملياري جنيه بالمرحلة الأولى لتحديث وتحويل الاستادات والأندية لمجمعات رياضية وترفيهية، بها منتجعات صحية وحمامات سباحة وملاعب كرة اليد والتنس والاسكواش وصالات للجمباز والكونغ فو.

وفي آب/ أغسطس الماضي، قال وزير الرياضة إن مشروع تطوير الأندية الرياضية بالتعاون مع شركة (استادات) يحقق للوزارة عوائد بزيادة 16.5 مرة، والاستثمارات فيه تبلغ 3.907 مليار جنيه، وهي استثمارات تتحملها الوزارة، بالتعاون مع إحدى الجهات السيادية.

"رقم هزيل"

وحول حجم الاستثمارات الرياضية في مصر، أكد الخبير الاقتصادي المصري، علي عبدالعزيز، أن "الاستثمار الرياضي في مصر يساهم بنسبة ٢ بالمئة من الناتج المحلي بما يساوي الـ100 مليار جنيه".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أنه "في ظل سوء الإدارة الحالية للنظام، وفقدان الرؤية الاقتصادية والإدارية والتسويقية للنشاط الرياضي في مصر؛ يعد رقما ضعيفا، خصوصا إذا ما قارنا ذلك الناتج بنتائج الأنشطة الرياضية المصرية على المستوى العالمي، والتي يعود أغلبها لمجهودات فردية وليس لإدارة الدولة للنشاط".

وجزم عبد العزيز بأن "تدخل النظام والأجهزة السيادية في النشاط الرياضي بالاستثمارات والأندية والملاعب يعد عامل ضعف بسبب سوء الإدارة وضعف الرقابة وانتهازية الجيش في استغلال موارد الدولة لصالح القلة الحاكمة منهم".

وأضاف: "الصندوق الذي سيحصل على أموال وأصول بدون رقابة وموافقة شعبية؛ إذا كان تحت سلطة نظام مدني منتخب لديه رؤية حقيقية للنشاط الرياضي فسيعود الناتج على مصر بأضعاف الرقم الحالي، وقد يرفع أسهم مصر بالمنافسات الدولية، ويكون عاملا صحيا وترفيهيا للمواطن".

"أهداف السيسي"

وحول أهداف صندوق الرياضة المصري، قال الناقد الرياضي أحمد سعد: "الصندوق السيادي يعمل لأجل وبأمر السيسي، ويوالي ضم ممتلكات مصر لكي يبيعها أو يسند ملكيتها لبعض الجهات الأجنبية لسداد بعض الديون المستحقة على القروض التي يواصل الاستدانة منها".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد سعد، أنه "وبنفس الطريقة فالهدف أساسا من إنشاء الصندوق الرياضي استغلال المنشآت الرياضية الموجودة، على غرار ضم الصندوق السيادي لمجمع التحرير، ووزارة الداخلية، و5 أماكن ومبان وأراض هامة وحيوية بالقاهرة والإسكندرية وطنطا، مؤخرا".  

ويعتقد الصحفي والناقد المصري أن "صندوق الرياضة خطوة لوضع العسكر أيديهم على المنشآت الرياضية بدعوى أنها غير مستغلة مثل استاد القاهرة الدولي ومجمع الصالات به، والاستادات الأخرى ومراكز الشباب والأندية الشعبية وعددها من 4 إلى 5 آلاف مقر".

ولكن؛ هل ينجح هذا الصندوق في إنقاذ الرياضة المصرية والأبطال الرياضيين على مستوى الألعاب الفردية والجماعية من التردي والانهيار الذي تمر به؟

يرى سعد، أن القصة لا تتعدى "استغلال النظام العسكري هذه المنشآت والأموال الناتجة عنها مع بعض الجهات والشركات الأجنبية الدائنة لمصر"، مؤكدا أن "مصر ليس لديها أموال كي يتم رصدها للأبطال الرياضيين والسيسي يتصرف كما يشاء".

وقال: "لذا فالصرف على الأبطال الرياضيين أمر مستبعد لدى السيسي، بل إنه قد يكلف الأندية والدولة عبر ميزانية الوزارة والاتحادات والأندية بالصرف على الأبطال وإعدادهم، ولن يكون هناك أي إنفاق من تلك الصناديق على الرياضة".

وأضاف الناقد الرياضي: "لو أنه سينفق من ذلك الصندوق على الأبطال الرياضيين، فلماذا لم يقدم مشروعه لإحياء الرياضة واستعادة البطولات وكيفية إعداد الأبطال؟ لكنه بلا خطة في هذا الإطار".

وتابع: "لذلك لن ينجح مثل هذا الصندوق في وضع مصر على خريطة الرياضة العالمية، ولن ينجح في صناعة بطل رياضي"، موضحا أنه لتحقيق ذلك "لا بد من دعم اللاعبين والفرق بمبالغ كبيرة جدا، ولا بد من خطة وتصور كامل".

"تجاوز السبوبة"


وفي رؤيته قال بطل الجمهورية بألعاب القوى‏ السابق بالنادى الأهلي المصري، حكيم يحيى، إن "الرياضة المصرية والرياضيين المصريين يحتاجون لنظام جديد أو لبروتوكول خاص ينظم مسيرتهم ويوازن بين مدخلاتها المالية بأنواعها المختلفة".

وأكد يحيى لـ"عربي21"، وجود "فروق شاسعة بين مصروفات ودخول الألعاب الرياضية وكذلك الرياضيين بتلك الألعاب يجب تعديلها، وذلك لن يتم إلا بجهاز جديد يدير تلك المنظومة مختلفة القوى".

وأردف: "لو استطعنا أن ننشئ هذا الكيان ونجعل إشرافه تحت يد الأجهزة الرقابية فقد نتجاوز مشكلات كثيرة قائمة، بداية من النقص المادي ببعض الاتحادات الرياضية واللاعبين بالرياضات المختلفة".

وثمن يحيى "إنشاء هذا الصندوق بشرط دعم الدولة له واستقطاع نسبة من دخول الاتحادات الغنية وعقود بعض اللاعبين المليونية؛ لمساعدة الاتحادات المتعثرة والصرف على النشء، وبناء غطاء تأميني للاعبين بعد الاعتزال".

وختم بالقول: "أما لو كان المشروع عبارة عن فنكوش ينشأ من أجل السبوبة فعلينا وعلى الرياضة السلام".