منذ فجر التاريخ ونزول
الديانات عاش أبناء المنطقة خصوصا في فلسطين التاريخية عاش الجميع بسلام واحيانا
خلافات طبيعية كما في كل الدول والشعوب والأمم، فقد كان الفلسطينيون الأغلبية من
مسلمين ومسيحيين وأقلية يهودية وكان العيش المشترك القاسم المشترك لجميع المواطنين
لهم حقوق وعليهم واجبات، ولم يكن يضار أي في دينه ولونه وعرقه، فالعلاقات
الاقتصادية والاجتماعية تسير بشكل طبيعي، وكان الازدهار والرخاء يعم الجميع بتفاوت
كما يقال هكذا الحياة والدنيا.
ومع احتدام الصراع والمنافسة الحادة بين
الأوروبيين حيث شكلت الحربان العالميتان ذروته، وتقاسم المستعمر الأوروبي المنطقة
العربية وزرع الحركة الصهيونية في فلسطين التاريخية التي أصبحت الصورة اكثر
وضوحا ضمن برامج عدوانية فاشية لا زالت مستمرة حتى يومنا، ومع تقدم المشروع
الصهيوني الذي اصبح اكثر وضوحا ..يتركز على الاستيلاء على الأرض بدون أهلها وضمان
الأمن ومد اذرعه في المنطقة العربية مستفيدا من نكوص عربي إسلامي وتخاذل دولي.
في مطلع شهر أيار من العام 1998 وقبيل مرور
نكبة 1948 وهي بالنسبة للكيان ذكري تأسيس الدولة زار عمان صحفي مرموق من الدنمارك
بمهمة استقصائية ليتعرف كيف كان يعيش الفلسطينيون واليهود في فلسطين قبل العام
1948، وطلب مني صديق كان صحفيا واصبح لاحقا وزيرا مساعدة الصحفي في مهمته،
رغب الصحفي مصاحبته لأسرة متقدمة بالسن وكانت إبان النكبة وما قبلها، واستأذن بالتسجيل
لغايات الدقة والمصداقية وقمت بدور المترجم للقاء الذي استمر قرابة ساعتين.
استقبلنا أبو حسن وزوجته رحمهما الله في منزل
دافئ وبسيط في مخيم البقعة وكان عمره آنذاك نهاية العقد السابع، كانت الأسئلة
واضحة والإجابات صادقة وصادمة في نفس الوقت. السؤال كيف كانت العلاقات بين
المسلمين واليهود في فلسطين؟، قال أبو حسن كنا نعيش مع بعضنا البعض لا فرق بيننا
نشتري منهم ونبيعهم وهم كذلك نعيش جيرانا متحابين متعاونين بدون ضغينة، كانوا
صادقين معنا وكنا أوفياء في تعاملاتنا معهم.
السؤال المهم الذي طرحه الصحفي ما دام الأمور
كذلك لماذا تركتم بلدكم؟.. الجواب من أبي حسن بالصدق هاجمت عصابات صهيونية
مناطقنا.. قامت بقتل المدنيين الآمنين.. جاء إلينا جيراننا وهم يهود
فلسطينيون عشنا زمنا طويلا قالوا لا نستطيع أن نحميكم من هؤلاء المجرمين والأمر
بأياديكم، وبعد تباحث ودعناهم والاسى باد على وجوهنا ووجوههم.. الصحفي بعد برهة
جال في نواح مختلفة من حياة الفلسطينيين قبل النكبة وبعدها.
يقينا انه بعد 72 عاما على نكبة فلسطين وبرغم
اشتداد ظلم الأعداء، إلا أن كافة المعطيات الديمغرافية والاقتصادية والحياتية تؤكد
أن لا مستقبل للكيان الصهيوني في فلسطين وفي المنطقة العربية. نتنياهو مكانه أما
بولندا أو بوسطن التي أتى منها وكل من هو على شاكلته يعرفون أماكنهم الطبيعية. أما
اليهود الذين عاشوا بيننا في فلسطين منذ زمن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، أما شذاذ
الأرض سيكون مصيرهم اصعب مما يعتقدون.. إذ لا مستقبل لهم في منطقتنا.
الدستور الأردنية