نشر موقع "غلوبال فيلاج سبايس" الأمريكي تقريرا، سلط من خلاله الضوء على الموجة الجديدة من الصراعات العالمية التي قد تنشأ بسبب النقص الحاد في مصادر المياه الصالحة للشرب في العالم.
وقال الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن شح المياه الصالحة للشرب ينذر بظهور موجة جديدة من الصراعات العالمية المستقبلية، التي ستسعى من خلالها دول العالم لاحتلال خزانات المياه المتاحة في العالم. يمثل الماء عنصرا لا غنى عنه للحفاظ على الوجود البشري، وبالتالي، فإن ندرته تعرض الجنس البشري للخطر.
ندرة المياه
تسبب الارتفاع الصاروخي في عدد السكان والنمو الصناعي السريع والتغير الجذري في المناخ العالمي في نقص المخزون العالمي من المياه، وقد أدت هذه الندرة بالذات إلى اندلاع صراع بين القوى العالمية للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الموارد المائية في العالم.
وأوضح الموقع أن الصراع على المياه يمثل معركة من أجل البقاء ومسألة حياة أو موت بالنسبة للقوى العالمية. وبما أنهم يدركون قيمته، أطلق العالم على الماء لقب "الذهب الأزرق" و"نفط القرن الحادي والعشرين".
الماء: الذهب الجديد
وفقا لبعض الخبراء، سيحل "الذهب الأزرق" في القرن الحادي والعشرين محل "الذهب الأسود"، أي النفط. وبما أن العالم قد شهد حروبا شرسة على النفط، فمن المحتمل الآن أن يشهد جولة أخرى من الحروب على المياه.
تضاعف الاستهلاك العالمي للمياه ثلاث مرات على مدار الخمسين سنة الماضية
أشار الموقع إلى أن استهلاك المياه في العالم قد تضاعف ثلاث مرات خلال الخمسين سنة الماضية، كما أفاد البنك الدولي بأن 80 دولة تعاني الآن من نقص في المياه ويعيش أكثر من 2.8 مليار شخص في مناطق تعاني من نقص حاد في المياه. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 3.9 مليار ليشمل أكثر من نصف سكان العالم بحلول سنة 2030.
على الصعيد الدولي، يعاني نصف المرضى في المستشفيات من أمراض مرتبطة بالمياه. والأكثر إثارة للدهشة هو أن حوالي 80 بالمئة من الأمراض في البلدان النامية مرتبطة بتلوث مصادر المياه. وتقول منظمة الشراكة العالمية للمياه إن 2.5 بالمئة فقذ من الحجم الإجمالي للمياه على الأرض صالح للشرب، 0.3 بالمئة منها في الأنهار والبحيرات. وتتوقع ناشيونال جيوغرافيك أنه بحلول سنة 2025، سيعيش حوالي 66 بالمئة من سكان العالم في مناطق تعاني من نقص حاد في المياه نتيجة الاستخدام المفرط للمياه وتغير المناخ.
كل دقيقة يموت 15 طفلا بسبب شرب المياه الملوثة
يموت 15 طفلا كل دقيقة بسبب شرب المياه غير النظيفة. يموت الفقراء من نقص المياه، بينما يستهلك الأغنياء كميات هائلة من المياه. توضح مفارقة المياه هذه أننا على وشك أن نشهد صراعا عالميا حول المياه. وقد سُلط الضوء على مسألة ندرة المياه في تقرير صدر قبل بضع سنوات من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي، حذر من حروب المياه القادمة في وسط وجنوب آسيا بسبب ندرة المياه، وتوقع أن "صداها سيكون محسوسا في جميع أنحاء العالم".
وأضاف الموقع أن الاستغلال التجاري السريع للمياه وما تلاه من ظهور عمالقة المياه أدى إلى تفاقم المشكلة، حيث يمكن لعدد من الشركات الخاصة أن يتحكم قريبا في جزء كبير من المياه في العالم.
خصخصة مرافق المياه
أكد الموقع أن خصخصة المياه تطبق حتى الآن بشكل خاص في البلدان الأفقر، حيث يستخدم البنك الدولي نفوذه المالي لإجبار الحكومات على خصخصة مرافق المياه مقابل القروض. ونقلا عن الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين، لم يكن التوسع الهائل لهذه الشركات ممكنا دون تدخل البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، على غرار صندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية.
وفي بلدان مثل جنوب إفريقيا والأرجنتين والفلبين وإندونيسيا، حث البنك الدولي قادة هذه البلدان على "إضفاء الطابع التجاري" على مرافق المياه الخاصة بهم كجزء من سياسة البنك الشاملة للخصخصة واقتصاديات السوق الحرة.
الدول المعرضة للمعارك على المياه
باكستان والهند
بالنظر إلى التوتر القائم بين الهند وباكستان، حذر الموقع من أن الذوبان السريع للأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا سيؤدي إلى خفض تدفق الأنهار الضخمة مثل نهر السند ونهر الغانج ونهر براهمابوترا، مما يجعل شبه القارة الهندية واحدة من أكثر المناطق المعرضة للجفاف.
ومن المتوقع أن تتسبب محاولات السيطرة على المياه المتبقية في نهر السند إلى إشعال نيران الحرب حول كشمير، حيث يتدفق النهر بشكل أكثر قوة. من جهتها، تعتمد باكستان بشكل كبير على تدفق نهر السند في الزراعة وإمدادات المياه العذبة. وبالتالي، فإن أي محاولة من جانب الهند للاستحواذ على مياه نهر السند أو العبث بتدفقها السلس ستقابل بمقاومة كبيرة من جارتها المسلحة نوويا باكستان.
في باكستان، يهدد النمو السكاني الجامح وأنماط هطول الأمطار المتغيرة توقعاتها المائية. مع وجود عدد هائل من السكان الذي من المتوقع أن يتضاعف في السنوات الخمس والثلاثين المقبلة، فإن طلب باكستان على مواردها المائية المحدودة للغاية سوف يزداد بطريقة لا يمكن تصورها تقريبا.
نهر دجلة والفرات
ذكر الموقع أن نهر دجلة والفرات منطقة أخرى قد تشهد صراعات مائية. في السنوات الأخيرة، بنى الأتراك سدودا تتحكم في تدفق المياه إلى العراق وسوريا. وإذا استمرت تركيا في الحصول على المزيد من المياه أو أدى الجفاف إلى تقليل تدفق النهر بشكل أكبر، فقد تصبح البلدان التي تعاني من شح المياه في اتجاه مجرى النهر حانقة على تركيا. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى نشوب صراع عنيف.
اليمن
لعبت المياه أيضا دورا مهما في أزمة اليمن. فقد تركت عقود من سوء الإدارة البلاد ببنية تحتية متداعية للمياه واحتياطيات مياه جوفية مستنفدة ومعدلات عالية من عدم كفاءة استخدام المياه. قد تصبح العاصمة اليمنية، صنعاء، أول عاصمة في العالم الحديث تنفذ وظيفيا من المياه، ربما بحلول سنة 2025.
الصراع على النيل
يعد نهر النيل أطول نهر في العالم وليس من المستغرب أن يكون هناك الكثير من الصراع على مياهه. منذ العصور القديمة، كانت مصر تعتمد على النيل في المياه والنقل والغذاء. ولكن منذ أن بنت إثيوبيا سد النهضة الأول، ما فتئت مصر تضغط على جارتها الجنوبية لكي لا تأخذ أكثر من حصتها العادلة من المياه.
ويكمن الخطر في أنه كلما زاد استخدام إثيوبيا والسودان وجنوب السودان للمياه، قل وصول المصريين إلى المنبع. في الأثناء، تجري دول حوض النيل محادثات لحل مشكلة المياه سلميا. ولكن إذا فشلت هذه المناقشات، فإن احتمال حرب المياه يظل واردا.
الدول الأخرى التي قد تواجه نزاعات حول المياه
تشمل لائحة الدول التي قد تنضم إلى معركة الاستحواذ على الذهب الأزرق إيران وأفغانستان ومصر وليبيا ونيجيريا والصومال. والأكثر إثارة للقلق أن الأطراف العالمية ذات الوزن الثقيل مثل الصين والهند وحتى الولايات المتحدة تواجه مستقبلا غير مريح نظرا لعدم التوافق بين الطلب المتوقع على المياه ومصادر الإمداد المحدودة.
للحد من كل ذلك، وإدراكا لخطورة الموقف، يجب أن نتخلى عن موقفنا السريري تجاه هذه القضية الخطيرة وأن نضع استراتيجية فعالة للتعامل مع هذا المصدر الناشئ للصراع العالمي لأننا نستطيع أن نعيش دون نفط ولكننا هالكون من دون الماء. علاوة على ذلك، يجب على البلدان التي تتصادم بشأن هذه القضية بالذات أن تحل شؤونها باللجوء إلى الدبلوماسية المائية؛ لأن الماء يجب أن يكون أداة سلام لا حرب، كما أشار أنطونيو غوتيريش في حديثه الصحفي الأخير في باكستان.
NYT: انفجار بيروت يذكّر بانقسام أمريكا وسيادة القبلية فيها
صحف غربية: دياب كان متخبطا.. وتفاصيل جديدة عن شحنة الأمونيا
نيويوركر: بعد الانفجار المزدوج.. نهاية العالم تبدو في بيروت