نشر
موقع الهندسة والتكنولوجيا (E&T) مقالا للصحافي بن هابل قال فيه إن "التوتر بين مصر وإثيوبيا
وصل إلى مستوى عال؛ فمنذ 40 عاما لم يصل الخلاف بين البلدين إلى هذا الحد. والسبب
هو سد النهضة الذي أصبح بعد تسع سنوات من البناء أضخم سد في أفريقيا مستعد لتشغيل
مولدات الطاقة. ولكن هناك خلاف على كمية المياه التي يجب على إثيوبيا أن تسمح لها
بالعبور في المستقبل".
وأشار
إلى أن "سد النهضة أثار العديد من الاحتجاجات منذ بداية بنائه عام 2011 من
دول المصب، مصر والسودان. كما شكلت وفاة رئيس المهندسين المسؤولين عن السد في
2018، سيمغنيو بيكيل، الذي وجد ميتا في سيارته يبقى مثيرا للجدل حتى يومنا هذا ويثير
النقاش في المجتمع. فهناك إشاعات بأنه قتل وإن كانت الرواية الرسمية أنه انتحر.
وسجلت منظمة ACLED،
المختصة بجمع بيانات حول الصراعات، مظاهرات في العاصمة أديس أبابا تتعلق بالقتل
المزعوم".
وأضاف الموقع، في تقرير له، ترجمته "عربي21"،:
"يدعي جانب أن سد النهضة سيشكل لعنة بالنسبة لدول المصب، بينما يدعي آخرون
أنه سيكون نعمة ويساعد النمو والعقار. فمن هو المحق؟".
ويؤكد
موقع (E&T) أن "كلا
من مصر وأثيوبيا أثرت على الحوار، ومن مصلحة كلاهما التأثير على الرأي العام".
وتابع:
"بفعل ذلك حيروا المواطنين وأضعفوا إمكانية الحكم لديهم عند تقييم فوائد
وأضرار السد. وهذا ربما جعل من الأصعب التوصل إلى اتفاق".
ويعتقد
موقع (E&T) أنه "في
الظروف الحالية من المعلومات المضللة والتلاعب، سيكون من الأصعب حل الخلافات بين
البلدين".
ولفت
إلى أن "الخلاف الواقع حاليا هو حول السرعة التي تقوم فيها إثيوبيا بملء السد؛
فبينما تطالب مصر أن تملأ إثيوبيا السد خلال فترة تمتد 12 عاما تقول أديس أبابا أنها
تريد فعل ذلك خلال 5 إلى 7 سنوات. والملء السريع للسد يقلل كمية الماء المتدفقة
إلى دول المصب".
وأردف:
"في شهر تموز/ يوليو بدأت عملية الملء، وهو في الواقع ما لا يمكن إيقافه هذا
العام، حتى لو أرادت إثيوبيا فعل ذلك. ولكن مصر تصر على أن سرعة ملء خزان السد
سيكون ضارا في فترات ندرة الأمطار، وأن شعبها واقتصادها سيعاني إن وقع مثل ذلك".
"لب
الخلاف"
واستطرد
قائلا: "لكن رفع المحللون والباحثون أصواتهم لأنهم توصلوا إلى أن لب الخلاف
يقع في موضع آخر. فهو ليس في فترة ملء السد ولكن إدارة السد في حالة طوارئ".
وقال
المحلل المختص بإثيوبيا في مجموعة الأزمات، ويليام ديفيدسون إن "الأمور
الفنية تم التوافق عليها بشكل كبير حول كيفية ملء السد في الظروف المعتدلة. وكان
هناك تشويه كبير في الإعلام"، بحسب ما قاله.
وأضاف:
"فتحت الظروف المائية المعتدلة ستجد إثيوبيا أن خزان السد سيجمع 49 مليار متر
مكعب، ولكن الخلاف هو ماذا يحصل إن كان هناك جفاف. وما لا يذكر في الإعلام المصري
حاليا هو أن سد أسوان مملوء تماما، ولذلك فيمكن أن يتم تعويض أي نقص بسبب قلة
الأمطار على المدى القصير".
اقرأ أيضا: مصر تعترض لدى الاتحاد الإفريقي على ملء إثيوبيا سد النهضة
وأوضح
ديفيدسون أن "مصر تقلق من أي مشاريع في أعالي النهر يمكنها أن تقطع المياه،
ولأن فترات الجفاف قد تفاقم نقص المياه، فإن مصر تسعى لضمان حصولها على الحد من
المياه. ويدور هذا حول الرقم السحري 55.5 مليار متر مكعب تم تخصيصه لمصر في
اتفاقية عام 1959 مع السودان، قامت على تأكيد شروط اتفاقية مياه النيل لعام 1929 بين
بريطانيا ومصر".
وتابع
التقرير: "لكن ادعاء مصر لهذه الكمية ليست قائمة على أرض صلبة. وما تجنب
الإعلام المصري التعرض له هو أن مصر ولفترة طويلة كانت تستفيد من كمية من المياه
تزيد كثيرا عما تقول إنها تستخدم".
"ضعف التنمية والتزايد السكاني"
ويقول
مارك جولاند من جامعة كارولاينا الشمالية إنه "بسبب ضعف التنمية الاقتصادية
في السودان والتزايد السكاني الكبيرة في مصر – بحيث يزيد عدد سكانها مليونا كل ستة
أشهر – كانت حصة مصر من مياه النيل كبيرة على مدى سنوات"، مضيفا أنه بدون تلك
الكميات من المياه "سيكون التأقلم مع الحقيقة الجديدة مؤلما".
وعن
احتمال وقوع جفاف خلال فترة ملء السد، يشير الأكاديميون الأمريكيون بأن التنبؤ على
المدى المتوسط أمر صعب، ولكن البيانات التاريخية والنماذج تشير إلى أن ذلك ممكن
الحدود ولكن الاحتمال ضئيل جدا.
وفي
حديث لموقع E&T مع
عالم المياه الدكتور كيفين ويلر من جامعة أكسفورد، قدّر الاحتمال بسبعة بالمئة.
أما الباحثون مثل بول بلوك في كلية الهندسة في جامعة ويسكونسين ماديسون فيجدون
التنبؤ على المدى القصير، أي عدة أشهر بدلا من سنوات، أسهل. ولهذا يقدّر العالم بلوك
وفريقه احتمال أن تكون كمية مياه الأمطار هذه العام أقل من المعدل الطبيعي بستة
بالمئة. مثل هذه التنبؤات يمكن أن تساعد في تعديل تدفق المياه خلال السد ويترك ما
يكفي من الوقت لتجنب أزمة مياه حادة، بحسب تقرير (E&T).
كما
جاء في التقرير أن "الحصول على توقعات غير منحازة للخمس أو السبع سنوات
القادمة أمر صعب ولكنها موجودة، وتختلف مع كل من مصر وأثيوبيا. وما قد يساعد هي أن
الباحثين وجدوا أن مراحل الجفاف الكبيرة له علاقة مع النينا [El-Nino – التذبذب الجنوبي]. فعندما
تأتي مرحلة دافئة في النينا – التذبذب الجنوبي، والذي يرتبط بمياه محيط دافئة،
تتطور في وشرق وسط المحيط الهادئ، في تلك السنوات يكون احتمال وقوع جفاف كبير في
الجزء الأعلى من النيل الأزرق".
وأكمل:
"الأمر خطير بالنسبة لمصر، لأنها دولة صحراوية وتحصل على أكثر من 90% من
مياهها من نهر النيل للاستخدام البيتي وللزراعة، وتسقط معظم المياه التي يتدفق
منها رافدي النهر الرئيسيين في جنوب السودان وغرب أثيوبيا وأوغندا. أما الأجزاء
السفلى من حوض النيل فتتلقى القليل من مياه الأمطار وتعتمد بشكل كبير على مياه
النهر".
وتظهر
البيانات التاريخية التي درسها موقع E&Tعلى مدى 31 عاما بأن معدل هطول الأمطار يتراجع إلى
50 مم خلال 12 عام. والنقص تكرر كل 12 عام ولكن النظر إلى معطيات ثلاثة عقود فقط
لا تكفي. كما توصل البحث إلى أن ظروف الجفاف – بحسب التعريف بوصول أقل من 37 مليار
متر مكعب للسد أمر يتكرر في 12-13% من السنوات.
ويقول
خبراء إن "معارضي السد في مصر يركزون على الحالة الأسوأ، والتي قد لا تعكس
السيناريو الأكثر احتمالا. فنشرت مجلة Cairo Water Week تحليلا فنيا ركز بكليته
تقريبا على الحالة الأسوأ. هذا وغيره من الأمثلة يظهر أن مصر تسعى لإبراز المخاطر.
ويريدون ضمانات". ويقول ديفيدسون إن "الإعلام يركز بشكل محموم على
المخاطر، والتي ستقع فقط في أسوأ السيناريوهات المناخية التي يمكن تصورها".
ويشير
الباحث بن زيتتشيك الباحث في جامعة جون هوبكنز إلى أن "الأمر يتعلق بالمرونة
فبدلا من الحديث عن سنوات لملء السد يجب أن يكون الحديث عن نسبة من التدفق".
وقال:
"إن هطلت أمطار غزيرة في أثيوبيا سنوات متتالية بإمكانها ملء السد خلال خمس
سنوات، وإن وقع الجفاف ستصبح 9 سنوات". ولكن عالم المياه ويلر من جامعة
أكسفورد فيقول إن ذلك صعب التطبيق، وخاصة لأن "التنبؤات ليست دائما دقيقة
ويصعب وضع ذلك كبند في اتفاقية ملزمة قانونيا".
وما
يقلق الباحثين مثل مارك جولاند هو عدم التوصل إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا بعد "ملء
فترة ملء السد، حيث يعتقد أن فترة الملء ستمر دون أزمات، إلا إذا كان هناك جفاف
حاد صادف فترة ملء السد، مع أن بإمكان مصر تجاوزه حتى بدون الاتفاق على سياسات
ملء. ولكن سيأتي وقت يقع فيه الجفاف كما حصل عام 1980".
وذكر:
"حينها قامت مصر بترشيد استخدامها للمياه واستطاعت أن تتجاوزه من خلال بنيتها
التحتية فقط. ولكن الآن سيكون هناك سدين. فعندما يقع الجفاف الحاد المرة القادمة
سيستمر سد النهضة بتمرير الماء لتوليد الطاقة، وهكذا يكون في سد النهضة فائدة لمصر
حيث ستتم خسارة مياه أقل عن طريق التبخر أو ذهاب الفائض في قناة توشكى، المثيرة
للجدل".
واختتم
بقوله: "لكن ذلك سيفرغ بحيرة ناصر لسد حاجات البلد من مياه الشرب والري. وهذا
يثير أسئلة حول كيفية ملء السدين العظيمين عندما يكون كلاهما فارغا. وهذه قضية
مختلفة تماما عن الوضع الحالي حيث بحيرة ناصر مملوءة وسد النهضة فارغ، فهناك حاجة
للتنازلات وهذا هو الأمر الذي يحتاج إلى اتفاقيات".
مصر تعترض لدى الاتحاد الإفريقي على ملء إثيوبيا سد النهضة
مؤتمر للحملة الدولية لحماية مصر والسودان من العطش (شاهد)
مصر تعلن نتائج قمة سد النهضة "المصغرة" وتواصل المفاوضات