أثار شكل الانفجار
الهائل الذي وقع في العاصمة اللبنانية بيروت، نتيجة ما قالت السلطات إنه ناتج عن مادة نيترات الأمونيوم، تساؤلات حول حقيقة ما جرى، ومدى تأثيره التدميري من الناحية الفنية عسكريا.
وبدأت كارثة بيروت
بالأمس، على شكل حريق وانفجارات محدودة، مخلفة أدخنة بيضاء وسوداء، ثم ما لبثت أن
تحولت لانفجار عنيف، تضمن عمود دخان احتوى اللونين الأحمر والأصفر، وموجة تدميرية
تعرف بشكل "الفطر"، مع عصف تدميري حطم الممتلكات على مسافات بعيدة.
الخبير العسكري العقيد
أحمد الحمادي، قال إن الأعراض التي ظهرت بالأمس، من الهالة النارية الضخمة
والانفجارات المتتابعة وموجة الصدمة وتحرك الهواء، ما يشي بوجود خليط من المواد
الكيماوية، وليس فقط نترات الأمونيوم كما قيل.
وأضاف الحمادي
لـ"عربي21"، "أرجح وجود مادة سي فور، شديدة الانفجار، بعشرات
الأطنان، والتي يعادل كل كيلوغرام منها 100 كيلو من مادة تي أن تي شديدة
الانفجار".
اقرأ أيضا: عون يتوعّد متسببي انفجار بيروت ودياب يعلن عدة إجراءات
وتابع: "الأدخنة
الصفراء التي ظهرت كذلك تشير لوجود مواد تدخل في تصنيع الأسلحة الكيماوية، وحدوث
الانفجار بهذه الصورة دليل على تنوع المواد، وحصول تراكم في درجات الحرارة وتأثر
بعضها ببعض" مشددا "أن لكل نوع من التفجيرات لون وشكل خاص به، وهو ما
ظهر واضحا في انفجار أمس".
وأشار الحمادي، إلى أن موجة الصدمة، وصلت إلى
مسافات بعيدة، للغاية، وهو ما يشير إلى الخليط الموجود، وما أظهره كاميرات
المراقبة المختلفة، مما أحدثته الصدمة من نزع للأبواب وتهشيم للزجاج، وتطاير
للألواح المعدنية.
وبشأن موجة الصدمة البيضاء، التي ظهرت ثم
تلاشت، قال الحمادي: "تسخين الهواء يتحرك ويترفع للأعلى بحسب قوة الانفجار،
ويتحرك بشكل دائري، إلى مسافات بحسب القوة، حاملا هواء ساخنا، يتلاشى مع تراجع
سرعته على مسافات أبعد.
وقال إن الهواء الساخن الناتج عن التفجير
العنيف، ربما تصل درجته إلى نحو ألفي درجة مؤية، وهي حرارة تصهر الحديد وتحطم
الأبنية، بالإضافة إلى الصدمة التي حصلت، والتي تحاكي القنابل الارتجاجية، والتي
تدمر المباني بالاهتزاز.
ويتفق حديث الحمادي، عن وجود العديد من
المواد الكيماوية في انفجار بيروت، مع ما أشارت إليه جيمي اوكسلي، وهي أستاذة الكيمياء بجامعة رود آيلاند
التي أجرت دراسات عن إشتعال مادة نيترات الامونيوم والتي قالت إنه "من الصعب
جدا إشعالها كما أنه ليس من السهل تفجيرها".
وأوضحت مذكرة فنية
لوزارة الزراعة الفرنسية، أنه لا يمكن إحداث انفجار إلا عبر التماس مع مادة غير
متوافقة أو مصدر شديد للحرارة. وبالتالي يجب أن يخضع التخزين لقواعد من أجل عزل
نيترات الأمونيوم عن السوائل القابلة للاشتعال مثل الوقود والزيوت، والسوائل
المسببة للتآكل، والمواد الصلبة القابلة للاشتعال أو حتى المواد التي تبعث حرارة
عالية.
مادة نيترات الأمونيوم
هي عبارة عن ملح أبيض عديم الرائحة يستخدم كأساس للعديد من الأسمدة النيتروجينية
على شكل حبيبات، وأدت إلى العديد من الحوادث الصناعية منها انفجار مصنع " اي
زد اف" بمدينة تولوز الفرنسية عام 2001.
وتم تخزين حوالي 2750 طناً من نيترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت،
الذي أنفجر، بحسب رئيس الوزراء اللبناني، ما أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص وأضرار
كبرى في العاصمة اللبنانية.
اقرأ أيضا: الحداد والصدمة يخيمان على بيروت.. أكثر من 100 قتيل
وتعد نيترات الأمونيوم من مكونات الأسمدة التي تسمى الأمونترات، والتي
يشتريها المزارعون في أكياس كبيرة أو بالوزن. وهي منتجات غير قابلة للإشتعال
ولكنها مؤكسدات، أي أنها تسمح باحتراق مادة أخرى مشتعلة.
وشكلت نيترات
الأمونيوم مصدرا للعديد من المآسي، العرضية أو جرمية، في العالم.
ووقعت أولى الحوادث في
مصنع "بي أي أس أف" في أوباو (ألمانيا) وأسفر عن مقتل 561 شخصا في عام
1921. في عام 1947، اهتزت مدينة بريست الفرنسية إثر انفجار سفينة الشحن النرويجية
أوشن ليبرتي التي كانت محملة بالمادة.
وفي فرنسا كذلك،
انفجرت كمية كبيرة تبلغ حوالي 300 طن من نيترات الأمونيوم مكدسة بكميات كبيرة في
مستودع مصنع " اي زد اف" في الضواحي الجنوبية لمدينة تولوز الفرنسية في
عام 2001 و سمع دويه على بعد 80 كيلومترًا وأدى إلى مقتل 30 شخصا وألحق دمارا في
المدينة الرابعة لفرنسا.
في الولايات المتحدة،
أدى انفجار رهيب في مصنع "ويست فيرتلايزر" للأسمدة في بلدة ويست غرب
تكساس إلى مقتل 15 شخصًا في عام 2013، حيث انفجر مخزون من نيترات الأمونيوم في
حادث متعمد. وشكك المحققون في غياب معايير التخزين.
ويمكن أيضًا استخدام
نيترات الأمونيوم في تصنيع الأدوات المتفجرة. في 19 نيسان/أبريل 1995، فجّر تيموثي
ماكفي عبوة وزنها طنين من السماد أمام مبنى أمام مبنى فدرالي اتحادي في مدينة
أوكلاهوما، مما أسفر عن مقتل 168 شخصًا.
شاب لبناني يهاجم "آل سعود" عبر "العربية" (شاهد)
إعلان الطوارئ ببيروت وإقامة جبرية للمعنيين بملف "النترات"
لقطات مؤثرة ربما لم تشاهدها في انفجار بيروت (شاهد)