أصبح الفضاء غاية الوصول بالنسبة للعديد من الدول وشعوبها، ولكن على الرغم من أننا نكتسب القدرة على السفر بشكل أكثر ذكاء وسرعة إلى الفضاء، إلا أن الكثير لا يزال غير معروف، بشأن آثاره على المواد البيولوجية، بما في ذلك تأثيره علينا نحن البشر.
ويقول موقع "ساينس اليرت"، إنه بينما تبدو إمكانيات استكشاف الفضاء لا حصر لها، فإن مخاطرها أيضا غير معروفة بالكامل.
ويأتي أكبر خطر من أصغر أشكال الحياة على الأرض: البكتيريا.
وتعيش البكتيريا في أجسادنا ومن حولنا، ولذا سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن هذه الكائنات المجهرية تلازمنا أينما ذهبنا، بما في ذلك الفضاء. وكما أن البيئة الفريدة للفضاء لها تأثير علينا، فهي أيضا تؤثر على البكتيريا.
ولكن، لا نعرف حتى الآن مدى خطورة هذه المشكلة.
اقرأ أيضا: بكتيريا الفم يمكن أن تساعد الخلايا السرطانية على الانتشار
وتطورت جميع أشكال الحياة على الأرض، مع وجود الجاذبية كقوة دائمة. من ثم لم تتكيف حياة الأرض على قضاء وقت في الفضاء. وعند إزالة الجاذبية أو تقليلها بشكل كبير، تتصرف العمليات المرتبطة بالجاذبية بشكل مختلف جدا.
وفي الفضاء، حيث يكون هناك الحد الأدنى من الجاذبية، يتم تقليل الترسيب، والحمل الحراري وقوة الطفو. وبالمثل، تصبح قوى مثل التوتر السطحي السائل والقوى الشعرية (عندما يتدفق السائل لملء المساحات الضيقة) أكثر كثافة.
ولكن كيف تصبح البكتيريا أكثر فتكا في الفضاء؟
ما يثير القلق، أن الأبحاث من بعثات الرحلات الفضائية أظهرت أن البكتيريا تصبح أكثر فتكا ومرونة عند تعرضها للجاذبية الصغرى (قوة جاذبية صغيرة جدا). كما أنهم يبقون على هذا الحال حتى فترة قصيرة بعد عودتهم إلى الأرض، مقارنة بالبكتيريا التي لم تغادر الأرض أبدا.
إضافة إلى أن البكتيريا تتحول بشكل سريع في الفضاء، وفي الغالب هذه الطفرات في البكتيريا هي للتكيف مع البيئة الجديد.
وأظهرت الأبحاث أن الفضاء يعزز تكوين الأغشية الحيوية، التي هي عبارة عن مستعمرات خلوية مكتظة تنتج مصفوفة من المواد البوليمرية، تسمح للبكتيريا بالالتصاق بعضها ببعض وبالأسطح الثابتة.
هذه الأغشية تعمل على زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وتعزز من بقائها، وتحسن من قدراتها على التسبب في العدوى. لقد رأينا الأغشية الحيوية وهي تنمو وتعلق على المعدات في المحطات الفضائية، ما تسبب في تحللها بيولوجيا.
وعلى سبيل المثال، قامت الأغشية الحيوية بالتأثير بيولوجيا على نافذة الملاحة بمحطة "مير" الفضائية، ومكيف الهواء، ووحدة إعادة تدوير المياه ونظام التحكم الحراري. هذا التعرض الطويل للأغشية الحيوية يؤدي إلى خلل قد تكون آثاره مدمرة.
كما أن تأثير الجاذبية على البكتيريا ينطوي على تشويهها البنيوي، حيث أظهرت بعض البكتيريا انخفاضا في حجم الخلية، وزيادات في أعداد الخلايا.
اضافة خبر متعلق
إضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود تأثيرات ناتجة عن الجاذبية، مثل الترسيب والطفو، يمكن أن يغير من الطريقة التي تأخذ بها البكتيريا المغذيات أو الأدوية التي تهدف إلى مهاجمتها، وهذا من شأنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة مقاومة الأدوية والعدوى للبكتيريا في الفضاء.
وإن هذا له آثار خطيرة، خاصة في الرحلات الفضائية الطويلة، حيث إن الإصابة بعدوى بكتيرية لا يمكن علاجها في هذه الظروف، سيكون كارثيا.
من ناحية أخرى، يمكن للفضاء أن يكون بيئة فريدة وإيجابية للحياة على الأرض. على سبيل المثال، تنمو البلورات الجزيئية في الجاذبية الصغرى في الفضاء بشكل أكبر وأكثر تناسقا من الأرض.
وجود هذه البلورات بشكل منتظم يسمح بتكوين أدوية وعلاجات أكثر فعالية لمكافحة الأمراض المختلفة، بما في ذلك السرطانات ومرض باركنسون.
ويمكن تصنيع كابلات الألياف الضوئية بمستوى أفضل بكثير في الفضاء، بسبب التكوين المثالي للبلورات. وهذا يزيد بشكل كبير من قدرة نقل البيانات، مما يجعل الشبكات والاتصالات السلكية واللاسلكية أسرع.
ولا يزال الكثير من الأبحاث تسعى لإجراء المزيد من الدراسات على بيئة الفضاء الفريدة لفحص المخاطر والفوائد المحتملة جراء هذه الرحلات الفضائية.