أثار إعلان السلطات الأردنية، الأربعاء، عن يوم 10 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل موعدا لإجراء الاقتراع النيابي، تساؤلات حول قرار الحركة الإسلامية إزاء المشاركة في الانتخابات التي جاء الإعلان عنها ضمن مشهد سياسي وأمني مضطرب.
وأصدر العاهل الأردني عبد الله الثاني مرسوما، الأربعاء، بإجراء انتخابات نيابية، وذلك بعد ثلاثة أيام من اعتقال مجلس نقابة المعلمين المنتخب ديمقراطيا، وإحالتهم إلى المدعي العام، وإغلاق مقرات النقابة لمدة عامين، ليتبع ذلك احتجاجات واعتقالات طالت مئات المعلمين، في ظل منع رسمي لوسائل الإعلام من النشر حول القضية.
الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، أكد أن قرار مشاركة الحزب في الانتخابات النيابية ما زال في طور الدراسة والتقييم، مؤكدا أن "مجلس الشورى سيناقش الموضوع بعد عيد الأضحى، وهو من سيبت بأمره".
واستدرك بالقول لـ"عربي21": "لكن المؤسف أن الحكومة التي تعلن عن انتخابات؛ هي نفسها التي تؤزم المشهد السياسي في البلاد بشكل غير مسبوق".
ورأى العضايلة أن "الحكومة حريصة على أن تشارك الحركة الإسلامية حتى لا يخلو البرلمان من المعارضة"، معربا عن تشككه في أن يكون لدى الحكومة رغبة بحضور "حقيقي" للحزب في البرلمان القادم.
من جهته؛ قال النائب الأسبق محمود الخرابشة، إن الحركة الإسلامية لن تقاطع الانتخابات بسبب ما حصل مع المعلمين، معللا ذلك بأنها "قاطعت الانتخابات مرة واحدة في تاريخها، ودفعت ثمنا كبيرا عندما هُمّش دورها وخرجت من الساحة السياسية".
وأضاف لـ"عربي21" أن المشاركة في الانتخابات حق دستوري لا يخضع لرغبات الحكومة، مؤكدا أنه لا يعتقد بأن ثمة موانع لدى الحكومة تحول دون مشاركة الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية.
وأكد أن مشاركة الحركة الإسلامية في الانتخابات "ضرورة من ضرورات الديمقراطية والحياة السياسية في البلاد، فهم شريحة طليعية من أبناء الوطن، ولهم وجهة نظر لا بد أن تكون ممثلة في البرلمان الذي يُفترض أن يمثل جميع الآراء السياسية والاجتماعية".
وتابع الخرابشة: "لا بد من وجود معارضة سياسية في البرلمان، والحركة الإسلامية هي الجهة الوحيدة التي يمكن أن نسميها معارضة منظمة".
اقرأ أيضا: العمل الإسلامي: ما جرى لمعلمي الأردن يوم أسود وعبث سياسي
حملة تشويه وشيطنة
وكانت الحركة الإسلامية قاطعت الانتخابات النيابية عام 2010 احتجاجا على قانون الانتخابات الذي وصفته آنذاك بـ"المتخلف".
واعتبرت أن مقاطعتها تمثل "صرخة احتجاج على السياسات الرسمية الأردنية التي لا تتفق مع المبادئ والثوابت الوطنية، ولا المصالح العليا للشعب الأردني، والإصرار على إدارة الظهر للشعب في التشريعات والسياسات، والإمعان في تكميم الأفواه ومصادرة الحريات العامة".
ويرى الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، أن مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات "لم تعد عليها بنتائج جيدة"، متوقعا أنها "ستذهب للمشاركة هذه المرة".
وأوضح لـ"عربي21" أن الانتخابات النيابية في الأردن "تُجرى وفق قانون انتخاب مختلَف عليه، وربما هو مرفوض من معظم القوى السياسية، والحركة الإسلامية بادرت بمقاطعة الانتخابات بهدف الضغط لتغيير هذا القانون ولكنه لم يتغير"، مضيفا أن "وجود الحركة الإسلامية -حتى ولو كان ضعيفا رمزيا- أفضل من عدمه".
وأضاف أبو هنية أن "الأهم هو أن جماعة الإخوان تتعرض حاليا لحملة دولية وإقليمية منسقة بهدف تشويهها وشيطنتها، وهناك دول عربية صنفتها كحركة إرهابية، وبالتالي هي ليست في طور تقديم رسائل خارجية سلبية من خلال عدم المشاركة في الانتخابات".
وبين أن "علاقة الحركة الإسلامية تضررت ليس فقط مع النظام الأردني، وإنما مع المجتمع أيضا، ولذلك فهي معنية باستثمار هذه الانتخابات لإعادة تعريف وتقديم نفسها"، لافتا إلى أن "الحركة قدمت مؤخرا رؤيتها السياسية، وهذه فرصة يجب استثمارها لتترجم رؤيتها، وتعيد بناء علاقتها مع الجماهير بشكل أساسي".
ورأى أبو هنية أن ما حدث مع نقابة المعلمين التي تتهم الحكومة جماعة الإخوان بالسيطرة عليها؛ يستدعي أن تبحث الحركة الإسلامية عن منبر تشرح فيه وجهة نظرها للمجتمع، مؤكدا أن "الانتخابات هي الفرصة المناسبة لذلك".
وقال إن "المطلب الدولي بإدماج الاعتدال وإشراك الإسلام السياسي في السلطة لم يعد قائما، وبالتالي فإن الحكومة الأردنية ليست حريصة على مشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية، بل إن مشاركتهم قد تضايقها"، لافتا إلى أن "امتناع الحركة الإسلامية عن المشاركة قد يفتح للحكومة قنوات اتصال مع الدول الخليجية بشكل أفضل".
تحالف أم تفرد؟
وفي انتخابات عام 2016 أعلنت الحركة الإسلامية عن قائمة مرشحيها ضمن ما أسمته "التحالف الوطني للإصلاح" والذي قالت إنه "يشكل عنوانا جديدا لمن يريد الانخراط بالعمل الوطني دون الالتزام بمحددات الحركة الإسلامية، ولا الانصياع لرغبة وإرادة الجهات الرسمية".
وحول تكرار تجربة التحالف الوطني في الانتخابات القادمة في حال قررت الحركة الإسلامية المشاركة فيها؛ قال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة، إن "تجربة التحالف الوطني كانت ناجحة، لكن الأمر منوط بقرار مجلس الشورى إزاء المشاركة من عدمها".
ورأى النائب الأسبق محمود الخرابشة أن الحركة الإسلامية ستكون أكثر مرونة، وأنها ستسعى لتشكيل جبهة وطنية مع شخصيات من خارجها.
وأضاف: "لا بد أن يكون هناك عقلاء في الحركة الإسلامية في ظل الظروف الحالية التي يمر بها البلد، وخصوصا ما يتعلق بخطة الضم الإسرائيلية وانعكاساتها على الأردن، والتي تتطلب أن يقف الكل الوطني صفا واحدا خلف قيادته".
أما الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، فذهب إلى القول بأن "على الحركة الإسلامية أن تتخلص من هذه التحالفات، وأن تقدم نفسها بخطابها هي، لا بخطاب حلفائها ولا غيرهم"، مشيرا إلى أن "التيارات اليسارية والقومية التي كانت الحركة تتحالف معها باتت اليوم تعاديها".
وأضاف أبو هنية: "على الحركة الإسلامية أن تقدم خطابها الجديد المبني على رؤيتها الجديدة للمشاركة بشكل أو بآخر، وعليها أن تعيد حساباتها وعلاقاتها مع المجتمع بشكل أساسي".
الأمن الأردني يداهم اعتصاما للمعلمين ويعتقل بعضهم (شاهد)
قانون الدفاع الأردني.. هل أصبح أداة للتضييق على الحريات؟
مجلس نقابة معلمي الأردن خلف القضبان.. التوقيت والدلالات